تداول بيتكوين والاستثمار فيه

البيتكوين، وخصائص النقود المتداولة

لا أحد ينكر أن بيتكوين Bitcoin كعملة - بعض النظر عن كونها - لها قيمة لأنها مفيدة كشكل من أشكال المال، وتقوم بدورها كوسيط مالي أو نقدي في التعاملات والدفوعات بالشكل الاعتيادي المعروف حتى وإن لم يكن بنفس قدر الشيوع الذي تتمتع به العملات التقليدية، لكنها في طريقها لتحقيق ذلك، وذلك لأنها ماليا تتمتع بخصائص النقود المتداولة، تلك الخصائص التي تساهم بقدر كبير في كسب الشيوع والشهرة والقبول لأي عملة تقليدية كانت أو افتراضية.

تحمل النقود المتداولة بعض السمات و الخصائص الخاصة التي بدونها تفقد قيمتها ووظيفتها كونها الأداة الوسيطة التي يمكن من خلالها إجراء المعاملات المالية والنشاطات والتبادلات التجارية، وامتلاك هذه السمات هو ما يجعل العملة مقبولة كوسيلة مهمة لتبادل السلع والخدمات والتعامل معها أيضا على أنها مقياس أساسي للقيمة، وخلال السطور القادمة سنتعرف على هذه السمات وكيف استطاع البيتكوين BTC اكتسابها.

1. القبول والإجماع

وهي السمة الرئيسية للأموال المتداولة عموما، وجوهر أي نظام نقدي،  وليس النقود وحسب بل أي أصل مادي اتفق العموم على جعله وسيطا للتبادل التجاري، بهذه السمة نمت فكرة مقايضة ونمت فكرة التبادل التجاري مقابل بعض الأحجار أو القطع المعدنية قبل اختراع النقود المعروفة حاليا، والقاعدة العامة تقول أنه ما لم يعلم الشخص أن المال الذي يقبله مقابل سلعته أو خدماته سيؤخذ منه دون أي اعتراض من الآخرين أيضًا، فلن يقبله.

نجحت عملة البيتكوين BTC في اكتساب هذه السمة من منظور قبولها كوسيلة للدفع في التجارة الإلكترونية، وساعدت إجراءات مجابهة أزمة كورونا COVID-19 واحتياطاتها في زيادة حجم معاملات التجارة الإلكترونية عموما مع انتشار وتطور طرق الدفع الإلكترونية وانتشار فكرة الدفع دون تلامس، وهذا ما وضع العملات الرقمية ومنها بيتكوين على خريطة تطوير اللوائح القانونية للأنشطة المالية والتجارية.

إضافة إلى أن شبكة بيتكوين تقوم بتسوية المعاملات بشكل فردي والتحقق من صحتها وتأكيدها يستغرق ما يصل إلى 10 دقائق. وبالتالي ، فهو يشبه تمامًا نظام التسوية الإجمالية في الوقت الفعلي real-time gross settlement أو RTGS المعمول به في البنوك المركزية، باستثناء أنه يستخدم عملة لامركزية عالمية لم يتم إصدارها من قبل الحكومة، وهذا ما دفع الكيانات الاقتصادية التي تعمل بشكل قانوني في قبول المدفوعات بعملة بيتكوين BTC استفادة بهذا الشكل من التسويات وهو أدى أدى تلقائيا في زيادة الثقة والإقبال عليها

ملاحظة: أظهر استطلاع أجراه HSBC مع نهاية عام 2020 أن 36٪ من الشركات الصغيرة والمتوسطة في الولايات المتحدة تقبل بيتكوين Bitcoin، أشهرها على سبيل المثال لا الحصر: ويكيبيديا Wikipedia و مايكروسوفت Microsoft و برجر كنج Burger King وساب واي Subway

2. سهولة الامتلاك والنقل والتخزين

وهي إمكانية إمتلاك ونقل وإنفاق العملة - أو الأصل المادي الذي يعامل معاملة العملة - بسهولة مع المحافظة على قيمته الاقتصادية. في بداية التعامل مع فكرة النقود او نظام مقايضة افتقرت العديد من السلع - التي تتم مقايضتها - لهذه الخاصية، ربما كان هذا هو الدافع وراء إبتكار القطع النقدية من الذهب والفضة والاعتراف بها كنقود، وربما كانت الدافع أيضا وراء قبول فكرة التعاملات الإلكترونية عند نشأتها.

إضافة إلى كونه عملة رقمية، بنيت في الأصل ليتم تخزينها وإنفاقها وتحويلها بشكل رقمي إلكتروني؛ لم يجد بيتكوين BTC مشكلة مع حمل هذه السمة أيضا، فهو كعملة سهلة النقل والامتلاك حتى انه يمكن اعتبار أنه لا فرق بين التعامل مع البيتكوين والتعامل مع النقود التقليدية بالمعاملات الإلكترونية، بل أنه بالمقارنة مع البنوك الأخرى أو أي طريقة أخرى للمعاملات ، فإن البيتكوين أسهل وأسرع. حيث إن إرسال الأموال من جانب واحد من العالم إلى جانب آخر من العالم يستغرق بضع دقائق فقط إذا تم إرسالها في شكل عملة بيتكوين.

3. إمكانية التقسيم

لتكون العملة المتداولة - كنقد وسيط - أسهل في إجراء المعاملات المالية والتجارية لابد وأن تتوافر فيها إمكانية تقسيم قيمتها إلى وحدات أصغر، تتشارك هذه الوحدات معها في نفس الخصائص من حيث القابلية والقبول وسهولة التعامل والنسبية من القيمة الكلية، مثل إمكانية تقسيم الدولار الأمريكي USD إلى 100 سنت، تعادل كل وحدة - 1 سنت - 0.01 من قيمة الدولار الأمريكي الصحيح.

لزيادة إمكانية تبني والتشجيع على التعامل بالبيتكوين كعملة مدفوعات يمكن تقسيم بيتكوين BTC إلى وحدات صغيرة مثل 0.00000001 BTC - تسمى ساتوشي Satoshi نسبة لأسم المطور- أي أن البيتكوين الواحد يساوي 100 مليون ساتوشي، كما أن مطوري بيتكوين وعدوا بأنه إذا لزم الأمر يمكن زيادة قابلية تقسيم البيتكوين إلى 100 مليار جزء أصغر أو أكثر، حيث يمكن تعديل بروتوكول بيتكوين والبرامج المرتبطة به للتعامل مع وحدات أصغر.

4. الدوام النسبي

وهو من المعايير الاقتصادية المهمة، ويعني إمكانية أن تحافظ العملة على قيمتها ووجودها مع مرور الوقت، ومفتاح الحفاظ على قيمة العملة هو حجم المعروض منها. فقد يؤدي عرض النقود الكبير جدًا إلى ارتفاع أسعار السلع حيث تفقد العملة قيمتها مما يؤدي إلى الانهيار الاقتصادي. وأيضا يمكن أن يتسبب معروض النقود الصغير جدًا - الندرة - في حدوث مشكلات اقتصادية. ففي حالة العملات الورقية الاعتيادية، تستمر معظم الحكومات في جميع أنحاء العالم في طباعة النقود كوسيلة للسيطرة على الندرة من خلال التعامل مع مقدار محدد مسبقًا من التضخم والذي يعمل على خفض قيمة العملة.

عندما تم إطلاق عملة بيتكوين Bitcoin أول مرة في عام 2009، نص مطوروها في البروتوكول على أن عرض القطع النقدية المستخرجة منها سيكون بحد أقصى 21 مليون قطعة، أي أنه لن يتم طبع / سك / تعدين أكثر من 21 مليون بيتكوين، ويبلغ المعروض الحالي من البيتكوين حوالي 18 مليونًا، ويتم خفض معدل إصدار البيتكوين بمقدار النصف تقريبا كل أربع سنوات، وهذا يشير إلى أن آخر بيتكوين سيتم تعدينه في غضون عام 2140، بفرض أن البروتوكول لن يتغير، لذا يمكن القول أن هذا يعني أن المعروض النقدي لبيتكوين نفسه لا يتضخم وبمجرد وجود 21 مليون عملة من المفترض أن تصبح العملة انكماشية نظرًا لعدم إصدار عملات جديدة.

هذا يجعل بيتكوين Bitcoin كأصل تمتلك نقطة قوة حيث يوفر لحامليه القدرة على زيادة قيمة استثماراتهم. لكن المشكلة الوحيدة في بيتكوين هي تقلب الأسعار المرتفع، مما قد يلقي بالشكوك على قدرتها على الاحتفاظ بقيمتها، وإن كانت هذه ليست مشكلة كبيرة كبيرة حيث أن إدراج البيتكوين كأصل مالي ومشتقاته في بورصات تبادل الأصول المشفرة يجعل من السهل الاستفادة من هذه التقلبات في المضاربات على أسعاره

ما الذي أعطي البيتكوين قيمته؟

باختصار وببساطة بيتكوين Bitcoin لها قيمة لأنها مفيدة ومستخدمة كشكل من أشكال المال. إنها تتمتع بخصائص النقود المتداولة والتي ذكرناها سابقا في هذا المقال، صحيح أنها تفتقد إلى الثقة المبنية على حوكمة مركزية السلطات النقدية أو المالية مثل العملات التقليدية، إلا أنها مدعومة بالرياضيات و قواعد التشفير وآلية الإجماع و إثبات العمل POW التي أثبتت جودتها وتفوقها في خلق كيان آمن وشفاف للعملات الرقمية، عليك أن تتذكر أن كل ما هو مطلوب لأي شكل من أشكال النقود حقيقي مادي ملموس أو افتراضي لكي تكون له قيمة ويحافظ عليها هو الثقة والقبول العام، وهذه النقطة نجح البيتكوين فيها بشكل كبير خلال الفترات الأخيرة ويمكن قياس هذه النقطة تحديدا من خلال إقبال المستخدمين والتجار والعديد من الكيانات التجارية عليه وقبوله كوسيلة مدفوعات، إضافة إلى الطلب عليه كأداة استثمارية ومخزن للقيمة وإلا لما وصلت أسعاره إلى ما وصلت إليه.

ومن المنظور الاقتصادي الذي يحدد قيمة السلعة / أو العملة المتداولة على أساس عاملين رئيسيين هما، المنفعة والندرة، المنفعة تزيد الطلب بسبب القيمة الجوهرية التي يمتلكها الأصل، والندرة تزيد من الرغبة في الحصول على الأصل النادر ذو القيمة باعتباره مخزنا لها، وبيتكوين BTC استطاع الوفاء بهما بشكل كبير:

المنفعة

التطور الملحوظ للتجارة الإلكترونية والعمل الإلكتروني بشكل عام ساهم بشكل كبير في خلق الحاجة إلى طرق الدفع الإلكترونية والتي ببساطة أدت إلى استخدام أقل للعملة التقليدية ونشوء فكرة التبادل المباشر للقيمة بين طرفين من خلال وسيط إلكتروني، لكن هذا التحول يحتاج بدوره إلى آمان وشفافية وموثوقية ودقة، وظهور العملات الرقمية المشفرة cryptocurrency وعلى رأسها بيتكوين BTC قدم حلولا لهذه المشكلات من خلال بنيتها التحتية اللامركزية، مما يجعل التحويلات المالية المباشرة سريعة ، ويمكن تتبعها، وشفافة، وغير قابلة للتغيير، وهنا اكتسب الوضع غير النقدي للمعاملات التجارية قبولا ثم جاذبية هائلة وهو ما مهد الطريق لبقاء هذه العملة وتأمين تواجدها وحفاظها على قيمتها.

الندرة

عملة البيتكوين والعديد من العملات المشفرة هي عملات محدودة العرض. هذا يعني أن هناك عددًا محدودا متاحا من القطع النقدية التي تم تعدينها أو قابلة للتعدين. بيتكوين Bitcoin مثلا حددت سقفا للمعروض النقدي منها قدره 21 مليون بيتكوين، حيث بمجرد الوصول إلى هذا الرقم، لن تقوم أنشطة التعدين بإنشاء عملات بيتكوين BTC جديدة.  وقد وصل المعروض من البيتكوين إلى 18.587 مليون في ديسمبر 2020، وهو ما يمثل 88.5٪ من إجمالي المعروض من البيتكوين الذي سيتم توفيره في النهاية، وبمجرد تداول 21 مليون بيتكوين سوف تعتمد الأسعار وقتها على حجم الطلب، وحجم التعاملات التي من المفترض أن يشارك فيها البيتكوين، وقتها نعود إلى جزئية المنفعة - بالظبط كما نتخيل ما يمكن حدوثه عندما يصبح إجمالي الاحتياطي من الذهب متداول على ظهر الأرض وليس في باطنه.

باختصار، ما أعطى بيتكوين قيمة هو أننا كأفراد قررنا أن له قيمة، وأقبلنا عليه لـ طلب الحصول عليه بقوة شرائية رفعت سعره، تماما مثل الذهب. وفي الواقع الذهب - كأصل مالي - هو الأقرب للمقارنة أمام بيتكوين - كعملة - حتى أنهم أطلقوا على بيتكوين أسم الذهب الرقمي digital gold، فكلاهما له منفعة، وعليه قبول عالمي عام، محدود المعروض، ولا يصدر أو يتم انتاجه /سكه من قبل حكومة مركزية، وأخيرا كلاهما يتم تعدينه، أحدهم بالتنقيب والبحث في الصخور، والآخر من خلال قوة الحوسبة الجماعية وفك شفرات الخوارزميات الرياضية.

العوامل المؤثرة على سعر البيتكوين؟

مبدئيا، وبناءً على لامركزية البيتكوين كعملة نقدية، كونه لا يصدر من قبل بنك مركزي، لذا فإن السياسات النقدية الحكومية أو الخطط الحكومية لسحب أو ضخ سيولة ومعدلات التضخم وقياسات النمو الاقتصادي التي تؤثر عادةً على قيمة العملة لا تنطبق على البيتكوين، كما أنه لا يعتبر سهما تضمن ملكيته ملكية جزء مكافئ في الشركة، فلا علاقة مالية بين بيتكوين BTC العملة وشبكة بيتكوين Bitcoin ولا تعبر - ماليا - عن جزء منها

 تتأثر أسعار البيتكوين بشكل أساسي بالعوامل التالية:

1. معروض البيتكوين وحالة طلب السوق عليه

2. تكلفة إنتاج البيتكوين من خلال عملية التعدين

3. حجم المكافآت الصادرة لمن يقوم بعملية تعدين البيتكوين

4. عدد العملات المشفرة المتنافسة، وحالة طلب السوق عليها

5. عدد بورصات تداول الأصول المشفرة المتاح بها بيتكوين BTC

6. عدد الداعمين له كمؤسسات مالية وتجارية أو متاجر وقبوله كمدفوعات

7. اللوائح المنظمة لتداوله والتعامل عليه

8. إدارته الداخلية وتحديثات البروتوكول الخاص به وحالة الشبكة وأمانها

يجب الأخذ في الاعتبار أن بيتكوين Bitcoin هو مشروع برمجي مجاني لا مركزي. وبالتالي، لا أحد يمكنه تقديم إقرارات حول عوائد الاستثمار فيه، أو تحديد حجم قوته الشرائية عموما، كما تتمتع أسعاره بكامل حرية التحرك، لذا فإن التقلبات السعرية قد تؤدي بمالكي أو متداولي البيتكوين إلى جني الأموال أو خسارتها بشكل غير متوقع

العلاقة بين العرض والطلب تلعب دورا هاما ومؤثرا في تحديد أسعار البيتكوين، كما هو الحال نوعا مع باقي الأصول المالية عموما، والتباين من حجم المعروض وحالة الطلب هي ما تدفع الأسعار إلى الصعود إلى الهبوط، وفي حالة بيتكوين BTC يسمح البروتوكول بإنشاء عملات بيتكوين جديدة - من خلال التعدين - بسعر ثابت، لكن بتباطؤ في النمو مع مرور الوقت، مثلا كان معدل النمو في عدد البيتكوين التي يتم تعدينا 6.9٪ في 2016 ثم إلى 4.4٪ في 2017 ثم إلى 4.0٪ في 2018، وهو ما يمكن اعتباره بمثابة تضخم مصطنع لنظام تداول العملة، وهذا يمكن أن يخلق سيناريوهات يزداد فيها الطلب على عملات البيتكوين بمعدل أسرع من زيادة العرض، مما قد يؤدي إلى ارتفاع السعر، ومن المتوقع ان تظل هذه الحالة قائمة حتى نصل إلى مرحلة التشبع، وهي التي يصل عدد البيتكوين BTC فيها إلى سقف المعروض 21 مليون دولار، وقتها حالة الطلب هي التي ستكون المؤثر الأساسي على الأسعار، بافتراض ثبات المعروض.

عملية التعدين Bitcoin mining لها أيضا دور في التأثير على الأسعار مع كون استهلاك الكهرباء هو العامل الأكثر أهمية حتى الآن، فالفكرة هي التنافس بين المعدنين miners على حل اللغز الرياضي المعقد لخلق كتلة واحدة فقط - بمتوسط  مرة كل عشر دقائق - وأول من يفعل ذلك يكافأ بمجموعة من عملات البيتكوين التي تم سكها حديثًا وأي رسوم معاملات تراكمت منذ آخر كتلة وجدت، وهذا يعني أن المزيد من المنتجين / المعدنين الذين ينضمون إلى المنافسة لحل اللغز لديهم تأثير فقط في جعل حل هذه المشكلة أكثر صعوبة - وبالتالي أكثر تكلفة كون أن أجهزتهم تعمل على التوازي لإثبات نفس الكتلة - من أجل الحفاظ على فترة العشر دقائق، ومع انخفاض حجم المكافأة من 25 بيتكوين لكل كتلة مثبتة كمكافأة إلى 12.5 بيتكوين يقل العائد على الاستثمار في معدات التعدين والكهرباء مما قد يقلل عدد المعدنين المنضمين حديثا، في الوقت ذاته فإن ارتفاع أسعار البيتكوين يسد الفجوة المتكونة نتيجة انخفاض عدد بتكوينات المكافأة، أي أن ارتفاع أسعار البيتكوين نفسه أعلى من تكلفة تعدينه بشكل مرضي للمعدنين يعتبر عامل مساعد على جذب المزيد منهم، مع الوضع في الاعتبار أن هذه الدائرة ستظل قائمة فقط حتى وصول عدد عملات بيتكوين إلى سقف المعروض المحدد

الخلاصة يتزايد الطلب على البيتكوين مع ارتفاع قبوله العام والاعتراف به كوسيلة وسيطة للمدفوعات والتحويلات المالية، في حين أن توافر المعروض الجديد منه يتقلص، مع تقليل حجم كل كتلة كل أربع سنوات، ولا يسمح بروتوكول البيتكوين زيادة معدل المعروض من عملات البيتكوين الجديدة استجابة لارتفاع الطلب، وعدم توازن المعروض أمام زيادة الطلب، يؤدي للمزيد من ارتفاع السعر.

تقلبات أسعار البيتكوين

هناك العديد من العوامل التي تسبب تقلبات الأسعار في سعر بيتكوين BTC في السوق الفوري Spot في بورصات العملات الرقمية . حيث يتم قياس التقلب في الأسواق التقليدية من خلال مؤشر التقلب Volatility Index، المعروف أيضًا باسم مؤشر CBOE VIX. ومؤخرا، أصبح مؤشر التقلب لعملة البيتكوين Bitcoin Volatility Index متاحًا أيضًا، ويهدف إلى تتبع تقلب العملة الرقمية BTC في العالم من خلال القيمة السوقية على مدى فترات زمنية مختلفة.

وفيما يلي أهم العوامل التي تسبب تقلبات أسعار البيتكوين

1. الأخبار

إيجابية كانت أو سلبية، حقيقية أو شائعات، لها دور فعال وتأثير ملحوظ على شهية المخاطرة في العملات الرقمية عموما وعلى البيتكوين خصوصا، ولعل السبب في ذلك هو كون بيتكوين نوعا - وغيره من العملات الرقمية - في فئة الأصول الناشئة، فهي عملة عمرها 13 عام، وليس في بيانات تداولاتها التاريخية الكثير، وهشاشتها الحالية وتقلباتها هي جزء من دورة حياة أي أصل مالي، حالها كحال الأسهم الجديدة التي تطرح للإكتتاب العام في البورصات، لعام أو عامين تظل في مرحلة اكتشاف الأسعار وفهم طبيعة تحركاتها، هذا بالنسبة للأسهم الملموسة التي تعتبر أسواقها من أقدم الأسواق المالية، فما بالك بعملة افتراضية رقمية لا مركزية لا تخضع لسيطرة أو حوكمة من أي نوع، ولا يمكن تقديم إقرارات حول عوائد الاستثمار فيها، أو تحديد حجم قوتها الشرائية.

يمكنك على موقع المتداول العربي متابعة أخبار العملات الرقمية و أخبار البيتكوين 

2. عدم اليقين من الدوام النسبي لقيمة البيتكوين 

هشاشة سوق العملات الرقمية، وتأرجح شهية المخاطرة فيه بناء على الأحداث والأخبار تخلق نوعا من عدم اليقين حيال تصورات المستثمرين للقيمة الجوهرية للعملة كمخزن للقيمة أو كطريقة لنقل القيمة، بمعنى آخر هل سيظل بيتكوين BTC مفيدًا في المستقبل؟ هل يمكن الاعتماد عليه كمخزن للقيمة واستبداله بسلع وخدمات في المستقبل؟ هل سيكون مفيدا في نقل الممتلكات والأصول من طرف لآخر مقابل قيمته المكافئة من النقد التقليدي؟ ، تردد مثل هذه التساؤلات تجعل من البيتكوين - بالنسبة للمستثمرين - مخزنا غير واضح إلى حد ما للقيمة.

3. مخاطر تصفية مراكز كبار مالكي البيتكوين

تخيل أن مستثمري البيتكوين الذين لديهم حيازات حالية تزيد عن حوالي 10 ملايين دولار، هل يمكنهم تصفية مراكزهم إلى الوضع النقدي، بهذا الحجم، دون تحريك السوق بشدة. مع الوضع في الاعتبار أن معظم بورصات العملات المشفرة تفرض حدود سحب على مدار 24 ساعة أقل بكثير من هذا الحد، كم تستغرق تصفية تلك المراكز، وإلى أي مدى قد يتحرك السوق؟.

4. الاختراقات الأمنية 

الإعلان عن الإختراقات والكشف عن الثغرات الأمنية، أو حتى الإعلان عن إصلاحات أمنية في النظام من أهم مسببات تقلبات الأسعار، حتى محاولات مطوري البيتكوين الكشف عن المخاوف الأمنية للجمهور من أجل المشاركة وإنتاج حلول قوية، لا زالت تحمل ردود أفعال متباينة تجاه العملة خصوصا والسوق عموما.

5. الجاذبية والداعمين الجدد

جائحة كورونا Covid19 التي جعلت من عام 2020 كابوسا ماليا واقتصاديا عالميا، كان لها دور إيجابي في انتشار العملات الرقمية وعلى رأسها البيتكوين، خاصة مع إجراءاتها الاحترازية التي ساهمت في نمو حجم التجارة الإلكترونية مع توسع هائل في تعاملات الإنترنت وبدورها ساعدت على انتشار فكرة العملات المشفرة خاصة من غير محترفي أو متعاملي تكنولوجيا المعلومات، والذي كان قبولهم مدفوعا بالرغبة في المعرفة والبحث على معلومات حول ما هو البيتكوين ؟ وكيف يعمل، ولعل هذا من ضمن أسباب ارتفاع الطلب على البيتكوين، وبالتالي سعرها.

الجدير بالذكر أن هناك بحث عن تأثير شعبية البيتكوين على أسعاره، حيث ذكر خبراء اعتمادا على تحليل قواعد بيانات جوجل Google بأن زيادة بنسبة 1% في عدد المقالات التي تذكر مصطلح بيتكوين تولد عائدا من 31 إلى 36 نقطة أساس في سعر البيتكوين.

6. مخاوف تنظيمية

خضعت عملة البيتكوين وغالبية العملات الرقمية الأخرى للتدقيق وأحيانا للمقاومة من قبل المنظمين في جميع أنحاء العالم ويرى معظم المحللين والخبراء أنه من الممكن اتخاذ إجراءات صارمة ضد العملات المشفرة في العديد من البلدان النامية التي قد تنظر إلى العملة المشفرة على أنها تهديد لعملاتها النقدية ونظامها النقدي، وليست البلدان النامية وحسب، الصين أكدت قواعدها ضد العملات الرقمية وحظرت الشركات المالية من تقديم خدمات لتداول العملات الرقمية، هذا له دور في تقليص حجم الجاذبية والقبول العالم، والذي كما ذكرنا سابقا هو أحد أهم أسباب الطلب على العملة.

ملحوظة: قدمت السلفادور صبغة قانونية لعملة بيتكوين BTC في 9 يونيو 2021. وهي أول دولة تقوم بذلك. فيمكن استخدام العملة المشفرة في أي معاملة حيث يمكن للشركة قبولها. على الرغم من أن الدولار الأمريكي USD لا يزال هو العملة الأساسية في السلفادور.

تداول البيتكوين والاستثمار فيه

أوضحنا خلال النقاط الرئيسية السابقة المعلومات الواجب وضعها في عين الاعتبار قبل التفكير في تداول البيتكوين أو الاستثمار فيه، ونكرر على أن سوق العملات المشفرة لا يزال فئة الأصول الناشئة، وقد لا يعرف الكثير من المستثمرين الجدد المهتمين من أين يبدأون. مع وجود العديد من التقنيات والأصول وبورصات التبادل والمحافظ ولوحات المعلومات والاعتبارات التنظيمية التي يجب اتخاذها، لذا من الضروري تثقيف نفسك حول الأساسيات وفهم طبيعة السوق وطبيعة تحركاته ومتابعة أخبار العملات الرقمية وبورصات تبادل الأصول المشفرة ودراسة المؤثرات عليه ومدى تأثيرها قبل البحث عن أفضل ممارسات التداول من بيع وشراء وحفظ وخلافه.

إذا كانت هذه هي المرة الأولى التي تشتري فيها عملة مشفرة، فستحتاج إلى طريقة لاستبدال عملتك الاعتيادية بالعملات المشفرة. بالنسبة لمعظم المستثمرين ، فإن الطريقة الأسهل والأكثر أمانًا للقيام بذلك هي إنشاء حساب مع أحد بورصات تداول العملات الرقمية المشفرة حسنة السمعة، تتيح بورصات العملات المشفرة للمستخدمين شراء العملات المشفرة وبيعها والاحتفاظ بها. عادةً ما تفرض هذه البورصات رسومًا عند تنفيذ الأوامر وسحب الأموال، وعادة هذه النقطة لا تختلف كثيرا عن اختيار والتعامل مع شركات الوساطة في أي سوق مالي آخر.

ستحتاج ربط حسابك أو محفظتك بوسيلة دفع: مثل بطاقة الخصم أو بطاقة إئتمان أو تحويل من الحساب المصرفي من أجل تمويل محفظتك، مع الوضع في الاعتبار أن أموالك داخل المنصة من الممكن ألا تكون بالدولار الأمريكي USD أو العملات التقليدية إنما بأحد العملات البديلة مثل التيثر USDT. ولكل بورصة رسوم وأوقات تسوية مختلفة بناءً على الطريقة التي تختارها لتمويل حسابك لذلك من المهم اختيار أفضل خيار للتمويل متوافق مع احتياجاتك.

تذكر أن: أغلب طرق الدفع تسمح لك بشراء البيتكوين من خلال بورصات تداول العملات الرقمية، وتخزينه في محفظتك، لكنها لا تسمع بالبيع و إيداع الأرباح في الوضع النقدي التقليدي في حسابك المصرفي

وهنا يأتي دور سؤال مهم

ما الفرق بين محفظة بيتكوين Bitcoin wallet ومنصة / بورصة تداول بيتكوين Bitcoin Exchange؟

محفظة البيتكوين Bitcoin wallet هي في الأساس برنامج software - وأحيانا محفظة مادية Hardware، كما ذكرنا في الدرس السابق، ما هو البيتكوين؟ - تقوم بتخزين عملات البيتكوين التي قمت بشرائها أو المحولة لك فيه.وتحتوى على مفتاح خاص private key واحد أو أكثر يسمح لك بتوقيع المعاملات، وهي الدليل الشفري الرياضي أنك بالفعل تمتلك هذه العملات، وتعتبر بمثابة الرموز السرية التي تتيح لك إنفاق البيتكوين التي تمتلكها، لذا فهي هامة للغاية، وتسريبها أو سرقتها يعني ضياع محفظتك بالكامل.

 في حين تتيح لك بورصة تداول بيتكوين Bitcoin Exchange تحويل أموالك الحقيقية مثل الدولار الأمريكي USD الى Bitcoin، أو العكس، يعني أنها تعمل عمل صانع السوق لك، تبيع لك لتشتري بسعر السوق، وتشتري منك لو أردت البيع، وأحيانا توفر لك بورصة / منصة تداول البيتكوين محفظة، لكن ليس بالضرورة يكون لك كامل التحكم فيها مثل المحافظ الخارجية، وغالبا ما تكون من نوعية المحافظ الويب.

مع ملاحظة أنه بعد إنشاء حساب في بورصة / منصة تداول البيتكوين وشراء بعض عملات البيتكوين فلن يتم إرسال البيتكوين على الفور إلى عنوان المحفظة الخاصة Bitcoin wallet الذي تقدمه. بدلاً من ذلك ، يتم تخزينه في حسابك، وتكون عملات بيتكوين المملوكة لك متاحة للتداول أمام العملة التقليدية - في حالة الرغبة في بيعها - او تحويلها إلى أي عملة رقمية أخرى حسب ما توفره المنصة نفسها، ولكن لن يكون هناك مفتاحا خاصا لتوقيع المعاملات مثلما يتم في المحفظة إنما يكون هناك كلمة مرور، إدخال كلمة المرور يعني تفويض للمنصة بتوقيع المعاملة، أي أنها في هذه الحالة تعمل كطرف ثالث - وسيط -  لإنهاء المعاملة

راجع جزئية أنواع محافظ البيتكوين Bitcoin wallet لتتعرف على المزيد حول محافظ البيتكوين

أيضا يمكنك تداول البيتكوين خارج منصات أو بورصات تداوله، وفي هذه الحالة فيتعين عليك العثور على شخص ما لديه بيتكوين في المحفظة الخاصة به والاتفاق على سعر الصرف والدفع له بالدولار مثلا بأي وسيلة يتم الاتفاق عليها، ثم إرسال يقوم بإرسال البيتكوين إلى محفظتك، والعكس صحيح لو أردت بيعها بنفس الطريقة بالبحث عن مشتري.

ضع في الاعتبار: بمجرد أن تمت المعاملة أو التحويل لا يتم الرجوع فيها أو كما يحدث مع بطاقات الإئتمان Refund لابد أن يقوم المستلم بعمل عملية تحويل جديدة والتحقق منها من جديد كونها معاملة جديدة وهذا يزيد من مصداقية التعاملات ويغلق الباب أمام أي تلاعبات ممكنة.

عملية تداول البيتكوين تتم من خلال طريقتين

الطريقة الأولى هي الاحتفاظ Buy & Hold 

تماما مثلما يتم التعامل مع الأسهم أو المعادن مثل الذهب، وتعني أنه عن طريق فتح حساب ومحفظة في أحد منصات تداول البيتكوين معروفة / حسنة السمعة وإيداع مبلغ الاستثمار، تقوم بشراء البيتكوين والاحتفاظ به حتى وصوله إلى قيمة أعلى ثم بيعه لجني ربح الفارق بين سعر الشراء وسعر البيع، وتحمل مخاطرة حدوث العكس، بالطبع بعد تحليل ودراسة الحركة.

الطريقة الثانية هي المضاربة Active Trading 

تتم من خلال تداول البيتكوين أمام عملة من العملات الاعتيادية أو المشفرة الأخرى من خلال عقود الفروقات السعرية CFDs تماما كعقود الذهب والنفط التي تتيحها أغلب شركات الوساطة الآن، حتى أنه أصبح متاح تداوله من خلال منصات الميتاتريد، الأكثر شعبية، في بعض الشركات ومتاح التداول عليه باستخدام الرافعة المالية. أو أمام عملات رقمية أخرى مثل الإيثريوم ETH أو ريبل XRP، حسب ما توفره منصة / بورصة تداول العملات الرقمية التي تتعامل معها.