حالة من الذعر والفوضى تجتاح الأسواق اليوم، إليكم الأسباب!
انتابت الأسواق العالمية حالة من الذعر بدأت منذ الجمعة الماضية، والتي قد دفعت المستثمرين إلى فقدان الثقة في مجالات الاستثمار المختلفة كالسندات والأصول، خاصة في ظل غموض الأوضاع الاقتصادية حول العالم. الأمر الذي أدى إلى تكثيف عمليات البيع على الأسهم والسندات الصينية و نظيراتها اليابانية، ومن ثم رأينا أسواق الأسهم العالمية تتأثر سلباً، مما أدى في النهاية إلى حدوث تقلبات حادة في الأسواق شهدناها خلال تداولات اليوم. على الرغم من أنه لايوجد أي تفسير مؤكد لحالة الذعر التي انتشرت بين المتداولين مؤخراً، إلا أنه بالنظر إلى الأوضاع العالمية يمكننا القول بأن هناك عدداً من العوامل التي قد عملت على تزايد غموض الوضع الاقتصادي العالمي وبالتالي تقلص ثقة المتداولين وعزوفهم عن الاستثمارات بشكلٍ عام، والتي تتمثل في:
- أولاً، تزايد المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد الصيني وتأثيره المحتمل على الاقتصاد العالمي.
رأينا على مدار الأسابيع الأخيرة المحاولات المكثفة التي يبذلها صناع القرار بالصين للحد من تباطؤ النمو الاقتصادي داخل البلاد تمثلت في تحفيز معدلات النمو، قطاع الصادرات، دعم أسواق الأسهم الهابطة، وتنشيط الأداء الاقتصادي بشكلٍ عام. وكان بنك الصين الشعبي قد لجأ إلى خفض قيمة اليوان أمام الدولار الأمريكي بشكل متكرر خلال الأسبوعين الماضيين من أجل الحفاظ على معدلات الطلب على السلع المحلية. على الرغم من ذلك مازالت البيانات الاقتصادية الأخيرة تشير إلى استمرار ضعف النمو الاقتصادي داخل البلاد، الأمر الذي عمل على تقلص ثقة الأسواق العالمية.
إن الصين هي ثاني أكبر الاقتصادات العالمية، وبالتالي فإن عدم قدرة اقتصادها على التخلص من الضغوط العالمية يدق ناقوس الخطر. جدير بالذكر أن صناع القرار باليابان قد أعربوا عن قلقهم بشأن تأثير هذا التباطؤ على الاقتصادات المجاورة بل وانتشاره إلى سائر اقتصادات المنطقة الآسيوية، معلنين عن استعدادهم لإتخاذ مزيداً من التدابير اللازمة لمواجهة ذلك الضعف.
ننصحكم بالإطلاع على :
ما لا تعرفه عن القرارات الصينية الأخيرة وتأثيرها على مصير الأسواق العالمية
استمرار ضعف البيانات يهدد مصير الاقتصاد الصيني ويُنذر بالمزيد من التدابير التسهيلية
- ثانياً، تكثيف عمليات البيع على الأسهم والسندات.
شهدنا يوم الجمعة الماضية هبوط حاد في أسواق الأسهم الأمريكية، حيث هبط مؤشر داو جونز الصناعي بأكثر من 500 نقطة، في الوقت الذي سجل فيه مؤشر S&P 500 أعلى نسبة هبوط في يوم واحد على مدار الأربعة سنوات الماضية. على هذا النحو، هبطت كل من الأسهم الأوروبية والبريطانية أيضاً. ولم تكن الأسهم الآسيوية بمنأى عن ذلك التراجع، ليهبط مؤشر Nikkei الياباني إلى أدنى مستوياته على مدار خمسة شهور.
تداول المحللين العديد من التفسيرات لذلك الهبوط الحاد، إلا أنه حتى الآن لم يوجد سبب رئيسي تسبب في تقلب الأسواق بهذا النحو العنيف. كان البعض قد أرجع ذلك إلى تقلص الثقة في الأسواق العالمية، الأوضاع الاقتصادية بالصين، اقتراب موعد رفع الفائدة الأمريكية، طبقاً للتوقعات.
ويجدر بالذكر أن الهبوط الذي سجلته أسواق الأسهم الأمريكية، يتشابه بنحوٍ كبير مع التراجع الذي شهدته في الفترة ما بين 2008 و 2009 في أعقاب الأزمة العالمية.
- ثالثاً، التطورات الأخيرة في أسواق السلع العالمية.
استجابت أسعار النفط للتطورات الأخيرة في الأسواق العالمية مسجلة مزيداً من التراجع خلا ل تداولات اليوم لنجد أسعار النفط تهبط إلى أدنى 40 دولار للبرميل الواحد لأول مرة منذ يناير من العام 2009، مما يُنبئ بالمزيد من التراجع خلال الفترة المقبلة. هذا و يجري تداول النفط حالياً عند أدنى مستوياته على مدار 6 أعوام عند 38.80 دولار للبرميل.
على الجانب الأخر، نجد أن الذهب قد حاول الاستفادة من تقلبات الأسواق جاذباً بعض المستثمرين الذين فضلوا تداولات الذهب بدلاً من الأسهم والسندات. فقد تمكن الذهب من التعافي الطفيف من أدنى مستوياته خلال سنوات ليصل إلى 1158.55 دولار للأوقية حالياً. هذا، وقد عملت التوقعات بضرورة تأجيل الاحتياطي الفيدرالي لقرار رفع الفائدة الأمريكية على دعم قوة الذهب، والذي من المتوقع أن يواصل تعافيه خلال الفترة المقبلة، فحال استمر سوء الأوضاع العالمية.
- رابعاً، قلة حجم التداولات خلال فصل الصيف.
ألقت بعض الآراء اللوم على ضعف أحجام التداول خلال فصل الصيف، حيث نجد الأسعار تتحرك متأثرة بأحجام تداول أقل مما هو معتاد. على هذا النحو، فمن السهل جداً أن نشهد تفشي حالة الذعر تلك بين جميع المستثمرين في أنحاء العالم خلال الفترة المقبلة في حال استمر ضعف النشاط الاقتصادي العالمي.