ملخص تداعيات أزمة اليونان
إذا كنت أنهيت تداولاتك يوم الجمعة واستمعت بإجازتك مبكرًا فقد فاتك الكثير من الدراما اليونانية التي سيكون لها تأثير كبير على أزواج اليورو التي تمثل أكثر من 25% من سيولة سوق العملات. في الدقائق الأولى من يوم السبت وبعد إغلاق أسواق العملات بدقائق ظهر رئيس الوزراء اليوناني تسبيراس في خطاب تليفزيوني رفض به رسميًا عرض الدائنين الأخير الذي كان ينص على تمديد حزمة المساعدات الحالية لمدة 6 أشهر بقيمة 15.5 مليار يورو وذلك ضمن بعض الاجراءات التقشفية التي لم تختلف كثيرًا عن العرض الذي قدمه تسبيراس في اجتماع رؤساء الاتحاد الأوربي الأسبوع الماضي، ودعا تسبيراس البرلمان الاوربي إلى التصويت على عمل استفتاء على قبول عرض الدائنين أو رفضه.
وقد برر تسبيراس تصرفه بأن المفاوضات كانت عبارة عن استفزاز واستغلال ولم يكن التركيز على مستقبل اليونان أو الاهتمام بتنميتها المستدامة ونظرًا لتعنت الدائنيين فقبول العرض أو رفضه هو مسئولية أكبر من أن ينفرد بها شخص واحد في توجيه ضريح للشعب لرفض عرض الدائنين، ومن الواضح أن ورقة الاستفتاء هو الأخيرة لدي رئيس الورزاء اليساري للضغط على الدائنيين باستخدام قوة الشعب وهو تصرف جرئ وصادم في نفس الوقت.
وجاء رد رئيس الاتحاد الأوربي جيريون ديجيبلوويم في اجتماع وزراء المالية يوم أمس السبت بأن ما فعله تسبيراس فاجئه وأن عرض تمديد حزمة المساعدات الأخير كان أقصى ما يمكن تقديمه، وخلال الجزء الأول من الاجتماع طلب وزير المالية اليوناني فاروفاكس تمديد برنامج المساعدات لمدة شهر حتى الانتهاء من الاستفتاء وكان رد وزراء المالية سريعًا بالرفض تلى ذلك الاجتماع مرة ثانية ولكن بدون فاروفاكس الذي قال أنهم لم يدعوه للجزء الثاني من الاجتماع وكان رد رئيس الاتحاد الأوربي بأنه غادر الاجتماع من نفسه، وقد أضاف في المؤتمر الصحفي بأن المساعدات ستنتهي مساء الثلاثاء وأن ما حدث هز ثقه ومصداقية الطرف اليوناني وأنه يأمل أن يتخذ البرلمان اليوناني قرارًا حكيمًا في إشارة للنواب اليونانيين لرفض الاستفتاء.
على الصعيد اليوناني بعد ساعات من نهاية اجتماع وزراء مالية الاتحاد الأوربي قي بروكسل، كانت جلسة البرلمان اليوناني للتصويت على قرار الاستفتاء حيث كنت جلسة عنيفة حمل فيها اليمين اليوناني تسبيراس مسؤلية الفشل في حل أزمة اليونان وطالبوه بعمل انتخابات مبكرة وبعد خروج بعض الاعضاء والشد والجذب في محاولة لافساد الجلسة نظرًا لأن الحكومة لديها 161 صوت يضمن لها تمرير أي قرار وهي أصوات إئتلاف سيريزا وحزب اليونانيين المستقلين، ونجح تسبيراس في اكمال الجلسة حيث كرر خلال كلمته نفس الخطاب ولكن بنرة اشد وذلك ردًا على تصريحات رئيس الاتحاد الاوربي، وفي النهاية انتهى التصويت بالموافقة على عمل الاستفتاء بإجمالي 178 صوت بعد موافقة حزب اليمين المتطرف الفجر الذهبي و رفض 120 نائب وهم أحزاب الديموقراطية الجديدة والاشتراكيين اليونانيين والشيوعيين اليونانيين والنهر وهو أحزاب المعارضة المعروفة في البرلمان.
كل هذه التداعيات حدثت في حوالي 24 ساعة وقد حاولت قدر المتسطاع إيصال أهم وليس كل الأحداث مثل تصريحات وزراء المالية الـ18 وكبار مسئولي الأتحاد الأوربي وتصريحات المصادر السيادية وحالة الشارع اليوناني وغيرها من الأحداث الفرعية، وعلى الرغم من كل ما حدث إلا أن هناك العديد من علامات الاستفهام التي نتظرها قبل الحكم على ما سيحدث وعلى رأسهم:
- موقف المركزي الأوربي من المساعدات الطارئة للبنوك، فقد صرح اليوم المركزي بأنه يتابع باهتمام كل ما يحدث وسيعقد مؤتمر بخصوص اليونان في الوقف المناسب، والأمر هنا واضح إيقاف السيولة سيسبب انهيار النظام المالي في اليونان وتبدأ البلاد في الدخول بمرحلة الاضطرابات والعنف وهو تصعيد كبير في وجهه نظري قد يستخدم كورقة ضغط من حكومة تسبيراس في حالة إذا صرح المركزي الأوربي أنه سينهي البرنامج بعد أيام مثلًا في هذه الحالة أراهن أن تسبيراس يواقف على أي شروط خفوًا من مغبة انهيار البنوك.
- الموقف الرسمي لميركل وهولاند، وخصوصًا المستشارة الألمانية فإذا جائت بنفس النبرة التهديدية لرئيس الاتحاد الأوربي فيؤكد مدى تمسك الاتحاد الأوربي بموقفهم وبالتالي تفاقم الموقف.
- هل مازال عرض الـ15.5 مليار متاحًا أم لا، فبعد رفض اليونان لذلك العرض ورفض وزراء المالية تمديد المساعدات لمدة شهر فقط فلا يوجد ما يشير بوضوح أن العرض مازال متاحًا وهو الامر الذي سيضح الحكومة اليونانية في مازق هذه الحالة سيكون الاستفتاء بدون معنى وسيمقل احراج سياسي كبير للطرف اليوناني.
- في حال عجز اليونان عن الدفع وخصوصًا استحقاقات سندات الخزينة ما التدابير التي سيتخذها الاتحاد والمركزي الأوربي تجاه البنوك والمؤسسات المالية الأوربية وخاصة الألمانية التي تحمل هذه الديون السيادية.
في النهاية وعلى الرغم من أن كل ما يحدث حتى الأن يصب في تدهور الأزمة وهو يشير بوضوح إلى حدوث فجوة سعرية هابطة وهبوط اليورو بعنف إلا أنه وجب التنبيه إلى أن كل شئ متوقع وهناك أنباء على أن بعض شركات الوساطة تنوي خفض الرافعة المالية على أزواج اليورو تحسبًا لأي تحركات سعرية مشابه لما حدثت على أزواج الفرنك بداية العام، لذلك وجب الحذر. ولمتابعة كل مستجدات أزمة اليونان فور حدوثها أنصحتكم بمتابعة صفحة تغطية السوق الخاصة بنا بالإضافة إلى حساباتنا على تويتر.