السيناريو المتوقع لقرار الفائدة النيوزلندية
تترقب الأسواق ثلاثة من أهم البيانات النيوزلندية وسط تباين التوقعات فيما بين مؤيد ومعارض لخفض الفائدة النيوزلندية. فمن المقرر أن يصدر كلاً من قرار الفائدة، بيان الفائدة وبيان لجنة السياسة النقدية للاحتياطي النيوزلندي مساء غداً. الجدير بالذكر أن قرار الفائدة النيوزلندية يجذب اهتمام الأسواق بنحو كبير خاصة مع تزايد توقعات خفض الفائدة مؤخراً وإعلان البنك استعداده لإتخاذ بعضاً من التدابير التسهيلية خلال الفترة المقبلة. الأمر الذي قد تسبب في تشتت الأسواق فيما بين توقعات خفض الفائدة و الإبقاء عليها كما هي في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة والتي تتسم ببعض الغموض.
هذا، وعلى الرغم من اتجاه بعض التوقعات نحو إحتمالية إبقاء الاحتياطي النيوزلندي على معدلات الفائدة الحالية دون تغيير، إلا أن هناك الكثير من الآراء التي تشير إلى أن الوقت الحالي هو الأكثر ملائمة لخفض معدلات الفائدة. فمع استمرار تباطؤ وتيرة نمو الاقتصاد النيوزلندي وضعف معدلات التضخم، فمن المرجح أن يقوم البنك بإتخاذ بعض التدابير التسهيلية تحفيزاً للنمو الاقتصادي للبلاد، وقد عمل إعلان البنك خلال البيان السابق عن استعداده لإتخاذ الإجراءات الازمة لمواجهة ضعف الاقتصاد مدعمة لتلك التوقعات بنحو كبير.
وفي حال صدقت التوقعات، فمن المتوقع أن يقوم الاحتياطي النيوزلندي بخفض معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة لتصل إلى نسبة 3.25%، ولتكون بذلك أول خطوة تسهيلية يتخذها البنك منذ شهر مارس من العام 2011.
الجدير بالذكر أن الاقتصاد النيوزلندي قد تمكن من التفوق على نظرائه من اقتصادات الدول المتقدمة خلال السنوات الأخيرة الماضية مدعوماً بطفرة الهجرة، مشاريع إعادة الإعمار بعد الزلزال، ارتفاع أسعار منتجات الألبان العالمية و ازدهار سوق الإسكان. ولكن مع تباطؤ وتيرة النمو وبدء الاقتصاد النيوزلندي في فقدان زخمه، فقد حذر الاحتياطي النيوزلندي بأن ضعف معدلات الطلب وتزايد إحتمالية تراجع الأجور وارتفاع الأسعار قد يعمل على إبقاء معدلات التضخم عند مستوياتها المنخفضة أدنى الهدف المحدد لها عند 2% مما سوف يدفع البنك إلى خفض معدلات الفائدة تصدياً لذلك الضعف.
في الوقت الذي تتحسن فيه مبيعات التجزئة النيوزلندية، تواجه صناعة الألبان عاماً آخر من تراجع الأسعار جنباً إلى جنب مع تراجع كلاً من ثقة المستهلك وثقة الأعمال في نيوزلندا. كان الاحتياطي النيوزلندي قد قام بفرض قيود على الاستثمار العقاري بالبلاد في محاولة للحد من ارتفاع أسعار المنازل والتي وصلت إلى مستويات قياسية خلال الفترة الأخيرة. ويتوقع أغلب الخبراء بأن الاحتياطي النيوزلندي يجب أن يقوم بخفض معدلات الفائدة لاستهداف معدلات التضخم المرجوة.
كما أيدت بعض الآراء ضرورة خفض معدلات الفائدة خلال الفترة الراهنة لمواجهة التقلبات الحادة التي يشهدها الاقتصاد النيوزلندي والتي قد تنعكس بالسلب على معدلات التضخم على المدى البعيد إن لم يتم الإستجابة في أسرع وقت ممكن، مما يدعم توقعات خفض الفائدة النيوزلندية غداّ وربما نرى خفضاً آخر خلال شهر سبتمبر المقبل.
وقد شهد الدولار النيوزلندي تراجعاً واضحاً أمام نظيره الأمريكي منذ منتصف العام الماضي تقريباً مدفوعاً بتراجع أسعار منتجات الألبان، كما هو موضح بالرسم التالي، ومن المتوقع أن يواصل اتجاهه الهابط في حال قرر الاحتياطي النيوزلندي اللجوء إلى خفض معدلات الفائدة. ولا ننسى أن تباين توجهات السياسة النقدية بين كلاً من الاحتياطي النيوزلندي والاحتياطي الفيدرالي يدعم تراجع زوج النيوزلندي دولار بنحو كبير.