أهم ما تم استنتاجه من تقرير التضخم وتأثيره على مصير الأسواق
قام بنك إنجلترا صباح يوم أمس بإصدار تقرير التضخم ربع السنوي وترجع أهمية ذلك التقرير إلى احتوائه على تطلعات البنك الاقتصادية خلال الفترة المقبلة هذا بالإضافة إلى توجهات لجنة السياسة النقدية بالبنك و الإشارة إلى الخطوات المحتمل إتخاذها تفاعلاً مع الأوضاع الاقتصادية. لكن بالنظر عن كثب إلى ذلك التقرير، فقد تمكننا من إستنتاج بعض النقاط الهامة حول الوضع الاقتصادي الراهن بالممكلة المتحدة، ولعل من أهمها:
- أولاً، قد لا يتم رفع معدلات الفائدة خلال العام الجاري. على الرغم من إشارة البيان السابق لبنك إنجلترا إلى أن رفع معدلات الفائدة قد يتم في أسرع مما تتوقعه الأسواق، إلا أن تقرير التضخم بالأمس قد جاء عكس ذلك، مشيراُ إلى احتمالية تأجيل رفع قرار الفائدة وتشديد السياسة النقدية لفترة أطول من الوقت. ويُعد ذلك تغيراً واضحاً في توجهات اللجنة وبالأخص محافظ البنك "مارك كارني" والذي اعتاد الحديث عن أن تراجع معدلات التضخم سوف تدعم معدلات الإنفاق بمرور الوقت.
وفقاً للجنة السياسة النقدية بالبنك، فإن رفع معدلات الفائدة سوف يتم بشكل تدريجي، خاصة مع استمرار وجود عقبات أمام نمو النشاط الاقتصادي بالبلاد خلال الفترة الراهنة. كما أضافت اللجنة إلى أن استمرار وجود تلك العقبات قد يدفعهم إلى الإبقاء على معدلات الفائدة عند أدنى مستوياتها لفترة أطول.
- ثانيا، خفض البنك لتطلعاته الاقتصادية. قام بنك إنجلترا بخفض توقعات النمو للعامين المقبلين تدعيماً لرؤيته بأن الوضع الاقتصادي الحالي يتطلب استمرار السياسة التسهيلية لفترة أطول من الوقت. لتستقر التوقعات على أن يسجل معدل نمو إجمالي الناتج المحلي خلال العام 2015 نسبة 2.5% مقابل التوقعات السابقة عند نسبة 2.9%. كما قام أيضاً بخفض توقعات قطاع الصادرات، استثمارات الأعمال و معدلات إنفاق الأسر.
وقد أكد "كارني"، على أن استمرار تفاقم الأزمة اليونانية قد تشكل مزيداً من الضغوط على الاقتصاد البريطاني نظراً لما تشكله من خطر على اقتصاد منطقة اليورو، أكبر الشركاء التجاريين للملكة المتحدة. وقد أكد مجدداً على أن معدلات التضخم قد تتراجع إلى نطاق سلبي خلال الشهور القليلة المقبلة قبل أن تتمكن من استعادة مسارها الطبيعي فيما بعد صوب الهدف المحدد عند 2%. وعلى الرغم من خفض البنك لتوقعات التضخم خلال العام 2016 من 1.8% إلى 1.6%، لكن تم رفع توقعات التضخم للعام الجاري من 0.5% إلى نسبة 0.6%.
- ثالثاً، قوة الجنيه الاسترليني المرتفعة تثقل تعافي النشاط الاقتصادي. على الصعيد الإيجابي، فقد أكد صناع القرار بالبنك على أن الاقتصاد البريطاني لن ينزلق مجدداً إلى منطقة الركود، ولكن في حال حدوث ذلك فإن البنك على استعداد لإتخاذ التدابير الازمة تصدياً لمثل ذلك الأمر. كما يأمل صناع القرار تلاشي الآثار الناجمة عن التراجع الحاد لأسعار السلع طوال الفترة الأخيرة الماضية في أقرب وقت. وأكدوا على أن قيمة الاسترليني المرتفعة تشكل عائقاً أمام النشاط الاقتصادي بالبلاد.
- رابعاً، تراجع معدلات نمو الأجور والإنتاجية. يُعد تباطؤ وتيرة نمو الأجور داخل المملكة المتحدة أحد العواقب الأساسية التي تواجه معدلات التضخم. فمع استمرار ضعف معدلات الأجور، فلن يضطر أصحاب الاعمال إلى زيادة أسعار السلع أو الخدمات المعروضة لتحقيق المكاسب. الجدير بالذكر أن بنك إنجلترا قد خفض أيضاً توقعات نمو الأجور داخل البلاد ليسجل متوسط الدخل نسبة 2.5% مقابل التوقعات السابقة التي قد استقرت على نسبة 3.5% بنهاية العام الجاري.
هذا، وقد جاء تقرير التضخم مخيباً لآمال الأسواق والمتداولين بنحو كبير خاصة فيما يخص موعد رفع الفائدة البريطانية، لكنه أيضاً قد تمكن من دعم توجهات ورؤية صناع القرار بالبنك بان الأوضاع الاقتصادية الحالية لا تستدعي رفع معدلات الفائدة.