تأثير قيمة الدولار الحالية على الاقتصاد الأمريكي
لاحظنا أنه منذ إنهاء الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برنامج التيسير النقدي بنهاية العام الماضي وبداية وجود توقعات رفع الفائدة، سجل الدولار أقوى ارتفاع له على مدار 11 عام مما جعل العديد من المتداولين يعيدون النظر في وجهة نظرهم بشأن الدولار فمنهم من توقع استمرار اتجاهه الصاعد ومنهم من توقع أن الدولار لن يشهد المزيد من الارتفاع واحتمالية انعكاس الاتجاه الحالي على المدى الطويل، ولكن لمعرفة أيهما أصح، سوف نستعرض معًا مدى تأثير قوة الدولار على الاقتصاد الأمريكي في هذا التقرير:
إيجابيات ارتفاع الدولار
إن كنت ممن يحبون التسوق عبر الانترنت فإن ارتفاع الدولار يعمل في صالح المستهلكين بوجهٍ عام حيث أن قيمة الدولار المرتفعة تعني أنك سوف تنفق أقل من ذي قبل في حالة قيامك بالتسوق من البلاد الأخرى مثل استراليا أو نيوزلندا هذا بالإضافة إلى أن الشركات التي تستورد المواد الخام سوف تستفيد من ذلك أيضًا.
واللافت للانتباه أن المستهلكين والشركات سوف يزيدون من إنفاقهم للاستفادة من تراجع الأسعار، وعلى صعيد آخر، فإن تراجع التكاليف سوف تؤدي إلى تراجع الأسعار المحلية مما سوف يدفع بقطاع الأعمال بخفض أسعارهم لزيادة قدرتهم التنافسية في الأسواق.
وبوجهٍ عام، فإن ارتفاع قيمة الدولار تدعم معدلات الإنفاق ولكنها تحد من معدلات التضخم وتزيد من قيمة الصادرات الأمريكية.
سلبيات ارتفاع الدولار
كما ذكرنا فإن ارتفاع قيمة الدولار تجعل الصادرات الأمريكية أعلى سعرًا فلنفترض مثلًا إن شخصًا ما في اليابان يرغب في شراء منتج أمريكي، فإن هذا المنتج سوف يكلفه مزيد من الأموال عند تداول الدولار ين عند 121 بدلًا من 116 ولهذا فقد يتجه هذا الشخص إلى شراء منتج محلي بدلًا من الأمريكي، الأمر الذي قد يضر بقطاع الصادرات الأمريكية وعليه ضعف القطاع التصنيعي وسوف تقوم الشركات بخفض معدلات الإنتاج نظرًا لقلة الطلب ومن المحتمل أن يتم تسريح بعض العاملين.
أما بالنسبة للمستهلكين فهناك احتمالية أن يحجم المستهلكين عن الإنفاق بكثرة والانتظار لبعضًا من الوقت لأنهم يتوقعون بأن يشهد الدولار المزيد من الارتفاع وتراجع معدلات التضخم بأكثر من ذلك.
يمكننا تلخيص ما ذكرناه فيما يلي: يعتمد ارتفاع قيمة العملة سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا على أداء الاقتصاد ذاته، فسوف يعمل ارتفاع قيمة العملة في صالح الاقتصاد في حال رغبة صناع القرار في دعم معدلات التضخم وتحفيز الاستهلاك المحلي، ومن ناحية أخرى إن كان الاقتصاد يعتمد على قطاع الصادرات فإن ارتفاع قيمة العملة سوف تشكل ضغوط سلبية على النمو الاقتصادي.
وعند الأخذ في الاعتبار التقرير الشهري للاقتصاد الأمريكي يمكننا ملاحظة أن الوضع الاقتصادي بالولايات المتحدة يسير على ما يرام في ضوء معدلات التضخم والإنفاق الحاليين في الوقت الذي تشهد فيه معدلات التجارة استقرارًا. لهذا فإن قيمة الدولار الحالية لا تمثل خطرًا على الاقتصاد الأمريكي ولم يحن الوقت بعد لأن يعكس اتجاهه.