الإعلان عن بدء التيسير النقدي لن يكون المحرك الوحيد للأسواق
تتنظر الأسواق المؤتمر الصحفي للمركزي الأوروبي يوم الخميس المقبل بأكثر من أي وقت مضى حيث أنه من المتوقع أن يعلن "دراجي" محافظ المركزي الأوروبي بدء برنامج التيسير النقدي (شراء السندات الحكومية) لتحفيز النمو الاقتصادي بمنطقة اليورو وانقاذها من حالة الركود المحتملة.
الجدير بالذكر أن قرار البنك الوطني السويسري بإلغاء الحد الأدنى لليورو فرنك عند 1.20 وما ترتب عليه من تقلبات عنيفة وخسائر فادحة سوف يمتد تأثير لفترة طويلة، وبالرغم من ترقب صدور بيان لبنك اليابان وبنك كندا هذا الأسبوع إلا أن المؤتمر الصحفي للمركزي الأوروبي جذب أنظار المتداولين كافة نظرًا لاحتمالية بدء التيسيير النقدي ولكن هل سيخيب البنك آمال السوق خلال المؤتمر الصحفي المقرر عقده يوم 22 يناير؟ هل سيتم الإعلان عن الجدول الزمني للتيسير النقدي؟ هل سيتم الحديث عن المخاوف المتعلقة بضعف معدلات التضخم؟ هذا ما سوف نناقشة في هذا التقرير.
لوحظ في الفترة الأخيرة تراجع معدلات التضخم بمنطقة اليورو، فقد تراجع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.2% على أساس سنوي مما يشير إلى أتن الإجراءات المتخذة خلال العام الماضي غير كافية بل وإن الوضع الاقتصادي يتطلب اليمزد من الإجراءات حتى يستطبع المضي قدمًأ خلال الفترة المقبلة مما جعل العديد من الخبراء الاقتصاديين يتوقعون أن يعلن "دراجي" بدء برنامج التيسير النقدي خلال المؤتمر الصحفي أما في حالة أن خيب "دراجي" آمال السوق فإنه سوف يخسر الكثير من مصداقيته بوجهٍ عام بشكل سريع مثلما حدث مع محافظ البنك السويسري "جوردان" عندما تخلى عن واحدة من سياسات البنك المركزي دون سابق إنذار.
ولا يجب إغفال الانتخابات اليونانية المقرر عقدها يوم 25 يناير والتي قد تؤدي إلى خروج اليونان من منطقة اليورو، كما ينبغي على المستثمرين متابعة أية أنباء صادرة عن البنك الوطني الدنماركي حيث أن هذ البنك أكثر عرضة لقرار المركزي الأوروبي نظرًا لارتباط عملته باليورو.
الجدير بالذكر أنه عقب الأزمة العالمية في عام 2008 عملت البنوك المركزي معًا لتجنب انهيار الاقتصاد العالمي لكن بعد إعلان الاحتياطي الفيدرالي عن إنهاء التيسير النقدي أصبح من الصعب تعاون البنوك المركزي معًا مما أدى إلى اختلاف قوي بين توجهات السياسة النقدية بالبنوك كما هو واضح حاليًا.
فقد أعلن بنك اليابان عن زيادة حجم التيسير النقدي يوم 31 أكتوبر 2014 بالرغم من إنكار "كرودا" في وقت سابق حالة عدم استقرار الاقتصادي الياباني، كما أعلن البنك الوطني السويسري إلغاء الحد الأدنى لليورو فرنك عند 1.20 بعد ثلاثة أعوام ونصف وتتجه الأنظار حاليًا إلى إعلان المركزي الأوروبي بدء التيسير النقدي يوم الخميس المقبل مع ملاحظة أن المستثمرين لا يترقبون الإعلان عن التيسير النقدي فحسب ولكن الأهم من ذلك هو نوع وحجم التيسير النقدي وكيفية تطبيقه.
وفيما يلي بعض الأنباء الصادرة عن المركزي الأوروبي والتي يمكن من خلالها تحديد حجم برنامج التيسير النقدي:
من المحتمل أن تتراوح نسبة عمليات شراء السندات من كل دولة من 20% إلى 25%
هناك احتمالية بأن يقوم كل بنك مركزي بشراء سندات دولته الخاصة به
لن يتم شراء السندات الحكومية اليونانية
والجدير بالذكر أن "دراجي" قد عرض خطته للمستشارة الألمانية "ميريكل" ووزير المالية الألماني "فولفجانج شويبله" مما يشير إلى أن هناك استعداد سياسي لبدء هذا البرنامج.
ووفقًا للبيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي فإن إجمالي قيمة السندات الحكومية للثمان عشر دولة بمنطقة اليورو تخطت 9 تريليون يورو وتقدر الديون اليونانية بـ 319 مليار يورو مما يجعل القيمة النهائية هي 8.68 تريليون يورو.
وبعد حساب نسبة 25% التي حددها البنك فإن قيمة السندات المتاحة للشراء هي 2.17 تريليون يورو، ولهذا فإن القيمة القصوى لبرنامج شراء السندات بمنطقة اليورو هي 2.17 تريليون يورو.
ولكن هيا نفترض أنه تم استثناء قيمة السندات الألمانية فسوف تصبح القيمة الإجمالية 1.3 تريليون يورو!
وجدير بالملاحظة أنه في حالة إعلان المركزي الأوروبي عن شراء السندات بقيمة 500 مليار يورو فلن يكون هناك تأثير قوي بالأسواق وعلى العكس فإنه في حالة الإعلان عن قيمة شراء السندات بقيمة 1 تريليون يورو فمن المتوقع أن يؤثر ذلك بشكل قوي على الأسواق وهبوط اليورو بشكل قوي، وينبغي مراقبة ما هي السندات التي سوف يتم شرائها وما هي نسبة المخاطرة. هذان بالإضافة إلى أنه يجب على "دراجي" إرضاء توقعات الأسواق والتي تبدو عالية جدًا مما يمثل الكثير من الضغوط على المركزي الأوروبي.
اللافت للانتباه أنه في حالة عدم الإعلان عن بدء التيسير النقدي خلال المؤتمر الصحفي المقبل فسوف يبقي "دراجي" على احتمالية بدءه خلال الفترة المقبلة، فمع ضعف النمو الاقتصادي بالمنطقة فسوف يتم بدء البرنامج عاجلًأ أم آجلًا.