خطورة الوضع السياسي في اليونان على منطقة اليورو
عادت اليونان مرة أخرى لتتصدر عناوين الصحف الرئيسية عقب فشل الحزب الذي ينتمي إليه ساماراس، رئيس الوزراء اليوناني، في الحصول على أصوات الناخبين واتخاذ قرار عقد انتخابات برلمانية جديدة في بداية العام الجديد.
في هذا السياق، قد تزيد حالة عدم الاستقرار السياسي في اليونان من العقبات التي تواجهها منطقة اليورو، يرى البعض أن عقد انتخابات مبكرة في اليونان أمر شديد الخطورة حيث أنه يتيح الفرصة أمام الائتلاف اليساري الراديكالي"سيريزا" المناهض لسياسة التقشف للفوز بالانتخابات في 25 يناير، والذي سينتج عنه بالتبعية تصادم السياسات مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي.
لكن عند النظر للقضية يجب الأخذ في الاعتبار أنه من الملاحظ تصدر حزب "سيريزا" استطلاعات الرأي لكن بفروق متقاربة مع الأحزاب الأخرى وبالتالي قد تأتي نتائج التصويت متقاربة، كما أنه من المتوقع أن تشهد البلاد أزمات مالية بحلول شهر مارس المقبل إلا أن إصدار المزيد من أذون الخزانة قد يغطي التمويل حتى شهر يونيو المقبل، كذلك سوف تنتهي مدة حزمة المساعدات المالية من قبل "صندوق الإنقاذ المالي الأوروبي" لليونان في 28 فبراير مما يعني صعوبة الحصول على السيولة المالية من البنك المركزي الأوروبي في هذا التوقيت، وجدير بالملاحظة أن ليس هناك حزب معين يستطيع الحصول على غالبية الأصوات في 25 يناير وبالتالي يحتمل وجود ائتلاف مكون من مجموعة أحزاب الأمر الذي قد يجعل تشكيل الحكومة يستغرق وقتاً طويلاً.
وعلى الرغم من خطورة الوضع السياسي في اليونان إلا أن تأثيره على استقرار منطقة اليورو يبدو محدودًا مقارنة بالوضع فيما بين عامي 2010 و2012 حينما سحب المستثمرون اليونانيون 37% من الإيداعات في البنوك المحلية، فبلغ إجمالي الإيداعات البنكية المحلية 165 مليار يورو متراجعاُ بنسبة 31% مما أشار إلى قلق المدخرين، بينما بلغت عائدات السندات اليونانية 6% في شهر أكتوبر وارتفعت في الوقت الحالي لتبلغ 9.3%. ومن المتوقع أن تلجأ الحكومة اليونانية القادمة للتفاوض مجددًا مع المدخرين خوفاً من عودة حالة ضعف النظام المالي مرة أخرى.
حتى الآن، لم تظهر مشكلة اليونان في أي من دول منطقة اليورو، في مزاد السندات الإيطالية لأجل 10 سنوات تراجعت تكلفة الاقتراض بنحو 1.89% لتبلغ مستوى قياسي منخفض، وفي البرتغال تراجعت السندات في تداولات يوم الاثنين ثم تعافت في تداولات الأمس، في الوقت الذي يجرى فيه تداول عائدات السندات الإسبانية عند أدنى مستوياتها منذ عشر سنوات بنسبة 1.59%، لذلك يبدو أن الأزمة خاصة باليونان فقط وليست الاتحاد الأوروبي بشكل عام.
في سياق متصل، إذا قام الاتحاد الأوروبي بتضييق الخناق على القادة اليونانيين الجدد في إطار محاولات اليونان للتفاوض بشأن الإعفاء من الدين، فهناك احتمالات بمغادرة اليونان الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي سوف يشكل ضغوطًا قوية على اليورو بوجٍه عام خلال الفترة المقبلة.