الإسترليني والسيناريوهات المتوقعة بعد قرار الفائدة
من المتوقع أن يواصل بنك إنجلترا مسيرة التسهيل النقدي التي بدأها منذ أشهر عديدة في محاولات لتعزيز اقتصاد المملكة المتحدة ودعم استقرار الأسعار وهو الأمر الذي قد يدفع البنك المركزي للإبقاء على معدل الفائدة عند نفس المستوى الحالي، 0.50%، علاوة على إمكانية إعلان البنك لتوسعات جديدة في برنامج التسهيل النقدي (شراء الأصول) بواقع 25 مليار إسترليني تضاف إلى القيمة االإجمالية للبرنامج، 125 مليار إسترليني (202 مليار دولار) مما يضيف إلى الضغوط التي يعانيها الإسترليني بالفعل والتي نستعرضها فيما يلي مسبباً المزيد من الهبوط للعملة و زوج (الإسترليني / دولار) حيث تعتبر من أكثر العملات تأثراً بالبيانات وحالة الاقتصاد البريطاني علاوة على حساسيتها المفرطة لسياسة التسهيل النقدي التي تسببت في وقت سابق في هبوط الباوند بواقع 150 نقطة عند إعلان برنامج شراء الأصول المشار إليه بقيمة 125 مليار إسترليني.
سيناريو الهبوط:
البيانات السلبية:
في البداية جاءت القراءة المعدلة للناتج الإجمالي المحلي لتشير إلى هبوط الناتج بنسبة 2.4% مقابل 1.9% قبل المراجعة مما دفع بالمعدل السنوي للناتج الإجمالي المحلي إلى 4.9% وهو ما يمثل أدنى المستويات منذ عام 1958 وأدى إلى هبوط زوج (الإسترليني / دولار) بواقع 400 نقطة في أعقاب الوصول إلى مستوى 1.6746.
بعد ذلك، شهد الأسبوع الحالي هبوط للإنتاج الصناعي للمملكة المتحدة بنسبة 0.6% مقابل التوقعات التي أشارت إلى هبوط أقل حدة يقدر بـ 0.2%، بينما هبط الإنتاج التصنيعي للمملكة المتحدة بنسبة 0.5% مقابل التوقعات التي أشارت إلى 0.1% هبوط والقراءة السابقة التي سجلت 0.0% وهو ما يعد ضربة مزدوجة للاقتصاد البريطاني. وهي الضربة التي توجهت في نفس الوقت إلى الإسترليني شديد الحساسية للبيانات الاقتصادية وحالة الاقتصاد بالمملكة المتحدة.
كما كان للدببة دور كبير في الضغط على الإسترليني حيث تكاثرت البيانات الضعيفة على العملة لينتج عنها مجموعة من الآثار التي جعلت تحركات الإسترليني مخيبة للآمال وهي البيانات التي تمثلت في الهبوط المروع للإنتاج الصناعي والتصنيعي المشار إليه أعلاه إلى حدود تجاوزت التوقعات لتقترب العملة من القاع على مدار تعاملات الفترة الأسيوية بالأمس وذلك على الرغم من ظهور تقديرات الناتج الإجمالي المحلي الصادرة عن المعهد القومي للدراسات الاقتصادية والاجتماعية بالمملكة المتحدة و التي تراجعت عن وجهة النظر التي عبرت عنها هذه التقديرات الشهر الماضي والتي أشارت إلى تحسن ملحوظ يرجح عودة النمو للمملكة المتحدة في النصف الثاني من 2009 حيث بدأت التقديرات في ترجيح تحول اقتصاد المملكة إلى منطقة أكثر سلبية متجهاً إلى الكساد وهو ما لا يحمل معه أي بوادر إيجابية للإسترليني..
هبوط الأسهم وتراجع شهية المخاطرة:
كما أضافت البيانات المخيبة للآمال للوظائف المتوافرة في القطاع غير الزراعي الأمريكي والتي أضافت المزيد من السلبية إلى تطلعات الإسترليني حيث أضافت إلى تجنب المخاطرة قدراً إضافياً يضغط به على عملات المخاطرة. إضافةً إلى ذلك، بدأ الدببة في ممارسة هوايتهم المفضلة في ضرب الأسواق في أعقاب الهبوط الحاد الذي تعرضت له أسواق الأسهم لتكسر الدعم عند مستوى المتوسط الحسابي للـ (200 يوم) وفقاً لقراءة مؤشر S&P500 حيث هبطت القراءة بنسبة 1.97% في نهاية الفترة الأسيوية إلى أقل المستويات في 10 أشهر وهو ما يرجح أن يكون ناتجاً عن مخاوف تزايدت في الآونة الأخيرة حيال بوادر انتعاش الاقتصاد الأ مريكي واحتمال كونها بوادر ضعيفة وغير ملموسة.كما ألقى الحديث عن حزمة تحفيزية جديدة بظلاله على معنويات السوق مما ساعد مؤشر الدولار على الوصول إلى مستوى 80 وهو ما ألهب نيران تجنب المخاطرة وزاد من ضغوط الاتجاه الهابط للإسترليني أكثر العملات تضرراً من انخفاض درجة شهية المخاطرة..
تصريحات مضادة للعملة:
بالتزامن مع البيانات السلبية وانخفاض شهية المخاطرة كان هناك عدد من التصريحات التي تتسم بآثار سلبية على العملة والتي جاء في مقدمتها دعوة الغرفة التجارية بالمملكة المتحدة بنك إنجلترا إلى توسع جديد في برنامج التسهيل النقدي لتتجاوز قيمته 150 مليار إسترليني بهدف مساعدة الاقتصاد على تجاوز الأزمة الحالية مما يشير إلى أن هناك تأييد من جانب أكبر مجموعات الأعمال البريطانية إلى الدعوة إلى توسيع نطاق برنامج شراء الأصول المطبق من جانب بنك إنجلترا في الوقت الحالي. علاوة على ذلك، صرح دارلنج، وزير المالية البريطاني بأن الوزراة تعتزم تخصيص 25 مليار دولار إضافية لصالح البرنامج. يأتي بعد ذلك ما أدلى به مرفين كينج، محافظ بنك إنجلترا من أن الطريق إلى الانتعاش الاقتصادي لا زال طويلاً و صعباً مما يستدعي وقفة أكثر حزماً للسياسة النقدية لمواجهة الكارثة التي حلت بالاقتصاد وأن البنك المركزي لن يقف مكتوف الأيدي أمام الموقف الحالي. جدير بالذكر أن هذه التصريحات وغيرها الكثير تمثل ضغوطاً عنيفة تدفع بالإسترليني إلى أسفل نحو القاع.
سيناريو الصعود:
قد يبدأ الإسترليني في البحث عن مسار آخر يوصله إلى أول الطريق إلى الاتجاه الصاعد معتمداً على بعض العوامل ذات الصلة بالارتفاع الأخير الذي حققته العملة في بداية الأسبوع الماضي في أعقاب الارتفاع الذي حققه مؤشر نيشنوايد لأسعار المنازل بنسبة 0.9% في يونيو مما أثار الآمال في اقتراب قطاع الإسكان من تحقيق القدر المأمول من الاستقرار و قيادة الاقتصاد البريطاني إلى الانتعاش..
جدير بالذكر أن (الإٍسترليني / دولار) كسر حاجز المتوسط الحسابي للمرة الأولى منذ 29/4 الماضي مما يؤيد التوقعات الفنية التي ترجح استمرار الهبوط للإسترليني. على الرغم من ذلك، من المحتمل أن يتضمن بيان السياسة النقدية البريطانية بعض التصريحات الإيجابية مثل إعلان عدم التوسع في برنامج التسهيل النقدي وهو ما يمثل صرخة في وجه الإجماع الذي توصلت إليه أغلب التوقعات وهو ما يجعلنا، حال تحقق ذلك، نرجح عودة الإسترليني إلى المقصورة الأمامية ليتولى قيادة حركة السعر من جديد متغلباً على جميع التبعات التي تسببت فيها المعنويات السلبية التي بدأت في الظهور منتصف الأسبوع الماضي. على الرغم من ذلك، نرجح أن جميع الاحتمالات المتضمنة في سيناريو الصعود ضعيفة للغاية..
وبناءً على ذلك، نرى أن قرار الفائدة البريطانية سوف يلعب دور البطولة غداً فيما يتعلق بحركة سعر الإسترليني وهو ما يحملنا على توقع أحد أمرين؛ الأول هو اتخاذ بنك إنجلترا قرارات متطرفة بالتوسع في برنامج التسهيل النقدي إلى 150 مليار إسترليني وهو ما ينتج عنه حالة من عزوف المستثمرين عن الإسترليني لتتعرض العملة إلى عمليات بيع مكثفة وهو ما يدعم الاتجاه الهابط. من ناحية أخرى من الممكن أن يكتفي البنك بمجرد الإبقاء على معدل الفائدة عند المستوى الحالي، 0.50%، دون اللجوء إلى التوسع في برنامج التسهيل النقدي وهو ما يدعم الاتجاه الصاعد ويضمن عمليات شراء للإسترليني..
وجهة النظر الفنية:
كان الهبوط الأخير لزوج (الإسترليني / دولار) هو العامل الأساسي الذي دفع بالزوج إلى منطقة بيع مما يرجح المزيد من الهبوط، على الرغم من ذلك، لا يبتعد مستوى الدعم الأساسي كثيراً عن المستويات الحالية. كما يتوقع أن يمثل مستوى 1.1600 حاجز نفسي للزوج ونقطة الدعم السابقة التي كسرها (الإسترليني / دولار) علاوة على توقف مستوى المتوسط الحسابي للـ (50 يوم) عن الارتفاع عند مستوى 1.5940 وهو ما يشير إلى أنه حال مجئ قرار الفائدة لبنك إنجلترا حاملاً معه قدر كبير من السلبية، أن يكسر الزوج كلا المستويين ليتجه نحو المزيد من الخسائر. من جهة أخرى وفي حالة خلو بيان الفائدة البريطانية من المفاجآت عند الاكتفاء بتثبيت الفائدة دون التعرض لبرنامج التسهيل النقدي، من الممكن أن يتخلى الإسترليني عن الاتجاه الهابط ليصل إلى مستوى 1.6250 مستهدفاً مستوى المقاومة التالي عند 1.6662..