تحركات الدولار تشهد مرحلة حاسمة (المقال الكامل)
من الواضح أن الأسواق تشهد تغيرًا ما في هذه الأوقات، حيث تشهد العملات الرئيسة تحولات بالغة في اتجاهاتها. فعلى صعيد تداولات الدولار، يلاحظ تراجعه مقابل العملات الرئيسة بما فيها الين والدولار الكندي، فيما شهد اليورو ارتفاعًا ملحوظًا خلال الفترة الماضية شأنه شأن الاسترليني.
كان تراجع الدولار بنحو ملحوظ خلال الفترة الماضية نتيجة تراجع معدلات النمو الاقتصادية نظرًا لما شهدته الولايات المتحدة من ارتفاع معدلات البطالة وتراجع فرص العمل. ولكن رغم تحسن سوق العمل في شهر أبريل ظل الدولار متراجعًا بسبب الموقف غير الواضح للبنك المركزي الأوروبي.
فرغم اعتراف "دراجي" بتراجع معدلات التضخم الأوروبي، الأمر الذي يستدعي اتخاذ إجراء ما، فضّل البنك المركزي الأوروبي عدم اتخاذ أية إجراءات حتى اجتماع يونيو بعد الإطلاع على توقعات أعضاء البنك بشأن حالة الاقتصاد لاتخاذ الإجراء المناسب. وحتى الآن من غير المعروف ما سيكون القرار اعتياديًا بخفض معدل الفائدة أم غير اعتيادًا.
ومن الجدير بالذكر، أن اقتصادات دول منطقة اليورو تأثرت بنحو ملحوظ الفترة الماضية نظرًا للارتفاع غير المعتاد بسوق السندات الأوروبية. فمع ارتفاع العملة الموحدة، برزت مخاوف صندوق النقد الدولي ومسؤولين بمنطقة اليورو، وأكد "دراجي" في حديثه السابق على تلك المخاوف، مؤكدًا أن البنك المركزي الأوروبي سيضعها في الاعتبار. مما أدى إلى تصحيح اليورو بشكل واضح قبل عطلة نهاية الأسبوع. لذلك في الوقت الحالي تتجه الأنظار صوب البيانات الأوروبية المهمة المرتقبة الأسبوع المقبل، لمعرفة حالة النمو وما إذا كان اليورو سيواصل اتجاهه الهابط أو أنه سيرتفع مرة أخرى.
وفيما يتعلق بالبيانات الأمريكية، من المقرر أن يكون هناك إصدارات مهمة وهي مبيعات التجزئة والتضخم والإنتاج الصناعي وبدايات الإسكان. ويتوقع أن تشهد تلك البيانات استكمالًا للتعافي الذي شهده الاقتصاد في شهر أبريل. ولا يمكن تجاهل مخاوف "جانيت يلين" محافظ الاحتياطي الفيدرالي تجاه سوق الإسكان، فضًلًا عن موقف الفيدرالي من برنامج التسهيل النقدي وهو ما يجعل الأنظار تتجه إلى مدى التعافي الذي ستعكسه البيانات الأمريكية. فيترقب المستثمرون عن كثب ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين متجاوزًا المستوى 2.0% لأن ذلك سيؤثر بالضرورة على موقف الفيدرالي من السياسة النقدية. ومن ناحية أخرى تعكس حالة البيع والشراء استقرارًا وهو ما ينبؤ باستقرار مؤشر مبيعات التجزئة وإجمالي الناتج المحلي.
وهناك مؤثرات تأتي في المرتبة الأخيرة على تحركات الدولار وهي الاقتصادات الأخرى كالاقتصاد الياباني والبريطاني فضًا عن الأوضاع السياسية. ففي اليابان باتت الإصلاحات الاقتصادية أقل تأثيرًا، وانعكس ذلك في ارتفاع تكاليف الضمان الاجتماعي الأمر الذي أدى في الأساس إلى تزايد الدين الحكومي. ورغم أن الحكومة اليابانية كانت قد رفعت ضريبة المبيعات من 5% إلى 8% في الأول من أبريل، إلا أن ذلك انعكس في انخفاض الاستهلاك بمنتصف أبريل وهو الأمر الذي اعتبر تحديًا لجهود بنك اليابان لتحقيق تضخم معتدل. كما خفضت اليابان تقييمها للاقتصاد للمرة الأولى منذ نوفمبر 2012. لذلك من المتوقع أن تتجه الأنظار إلى البيانات اليابانية المقرر إصدارها لمعرفة تأثير رفع ضريبة المبيعات على التعافي الاقتصادي.
وعلى الجانب البريطاني، توقعات التضخم تمثل أهمية لأنها ستحدد موقف بنك انجلترا من رفع معدلات الفائدة. ومن المتوقع أن تستقطب أية بيانات متعلقة بالتباطؤ الاقتصادي الانتباه، لأن أية إجراءات سيتم اتخاذها ستؤثر بالطبع على سوق الإسكان البريطاني وقرار الفائدة.
وعلى صعيد الموقف السياسي، فقد ألمحت "جانيت يلين" محافظ البنك الاحتياطي الفيدرالي أن التوترات السياسة تمثل مخاطرًا اقتصادية.