أزمة الديون اليونانية، لماذا ظهرت وكيف تفاقمت على مدار السنين
بدأت رحلة الديون اليونانية عندما تعرض الاقتصاد اليوناني لأزمة مالية حادة في العام 2010، مما دفع الحكومة اليونانية في ذلك الوقت إلى اللجوء لكلٍ من الإتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي مطالبة بتفعيل خطة إنقاذ تتضمن عدداً من القروض في محاولة لمساعدة اليونان على تخطي الازمة وتجنب خطر الإفلاس. شكلت الأزمة اليونانية حينها خطراً على استقرار منطقة اليورو بأكملها وظهرت فكرة خروج اليونان من المنطقة، إلا أن صناع القرار قد فضلوا بقائها ومساعدتها على النهوض مرة أخرى مقابل أن تتعهد الحكومة بتنفيذ مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية وتبني سياسة تقشفية تهدف إلى خفض عجز الموازنة العامة.
- بداية ظهور الأزمة:
ظهرت بوادر وقوع اليونان في أزمة حقيقية نهاية العام 2009، في الوقت الذي انتشرت فيه المخاوف بين المتداولين حول عدم قدرة اليونان على سداد ديونها نظراً لتزايد حجم الدين العام بنحوٍ حاد. وقد عمل ذلك على تقلص الثقة في الأسواق المالية اليونانية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الفائدة على السندات اليونانية وكذلك ارتفاع التأمين على السندات ضد التخلف في السداد.
ومع استمرار تزايد حجم الدين العام و عجز الموازنة، واجه الاقتصاد اليوناني ضعفاً واضحاً في معدلات النمو، مما أدى إلى تفاقم الأزمة وتدهور الوضع داخل اليونان. كما أن تلك الأوضاع قد زادت من صعوبة حصول اليونان على مزيداً من القروض والمساعدات حتى تتمكن من تسديد ديونها السابقة.
- برنامج الإنقاذ الأول (مايو 2010/ يونيو 2011):
كانت الحكومة اليونانية آنذالك قد تقدمت بطلب رسمي يوم 23 من يونيو لعام 2010 إلى جميع دول منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي بتفعيل خطة الإنقاذ المالي التي تم الاتفاق عليها مع المفوضية الأوروبية. تتضمن خطة الإنقاذ قروضاً من صندوق النقد ودول الإتحاد الأوروبي تبلغ قيمتها 45 مليار يورو، وهي السيولة التي تحتاجها الحكومة اليونانية ضمن النفقات المالية داخل البلاد خلال عام، بالإضافة إلى ضرورة تسديد 16 مليار يورو للسندات التي يحل موعد سدادها. ولكن مع ارتفاع معدلات الفائدة على السندات إلى نسبة 8.3% فكانت اليونان غير قادرة عن إعادة تمويل تلك السندات.
وبعد المفاوضات، وافقت مؤسسات منطقة اليورو بالإجماع مع دول المنطقة على منح اليونان قروضاً وصلت قيمتها إلى 110 مليار يورو، يتم سدادها على مدار ثلاث سنوات خلال الفترة ما بين مايو 2010 و يونيو 2013، بفائدة تبلغ 5.2%. قدم صندوق النقد الدولي منها 30 مليار يورو، بينما قدمت دول الإتحاد الأوروبي 80 مليار.
وفي مارس 2011، تم إعادة هيكلة الديون وذلك عن طريق خفض معدلات الفائدة إلى 4.2% ومد فترة السداد إلى 7 سنوات بدلاً من 3 فقط. وقد اشترطت المؤسسات حينها على اليونان أن تقوم بتطبيق سياسة تقشفية تساعدها في خفض حجم المصروفات وتقليص عجز الدولة إلى نسبة 8.1% من حجم إجمالي الناتج المحلي بالبلاد.
- برنامج الإنقاذ الثاني (فبراير 2012):
تم إقرار برنامج مساعدات مالية أخر في العام 2012 بناء على مجموعة من الإجراءات التي تقدمت بها الحكومة اليونانية ساعدتها في الحصول على حزمة إنقاذ أخرى بلغت 130 مليار يورو. كما تم شطب بعض الديون اليونانية والتي تبلغ 107 مليار يورو، وذلك طبقاً لاتفاقية تبادل سندات يونانية مع دائني الحكومة من القطاع الخاص، وذلك عن طريق استبدال السندات القديمة بأخرى جديدة بتاريخ استحقاق بعد مرور 30 عام وبنسبة فائدة متغيرة تراوحت بين 2% حتى العام 2015، وبنسبة 3% حتى العام 2020 وبنسبة 4.3% في السنوات التالية إلى أن يحين موعد استحقاقها في العام 2024. أما ديون الدول الدائنة والتي بلغت في مجموعها 130 مليار يورو يتم سدادها بشكل تدريجي حتى العام 2014. استهدف برنامج الإنقاذ الثاني إعادة هيكلية الديون اليونانية والتي بلغت حينها 350 مليار يورو، وتقليصها من 160% إلى 120.5% من إجمالي الناتج المحلي.
هذا، وقد تبنت الحكومة اليونانية مجموعة من التدابير التقشفية على أربعة مراحل على النحو التالي:
- حزمة التقشف الأولى، فبراير 2010.
- حزمة التقشف الثانية، مارس 2010.
- حزمة التقشف الثالثة، مايو 2010.
- حزمة التقشف الرابعة، يونيو 2010.