هل يتكرر سيناريو "الاثنين الأسود" بالأسواق بعد صدور تقرير سوق العمل الأمريكي؟
تترقب الأسواق المالية العالمية صدور بيانات سوق العمل الأمريكي لشهر أغسطس يوم الغد، الجمعة، والذي من المحتمل أن يؤثر بشكل قوي على تحركات مختلف الأسواق والسلع والعملات بالتداولات اللاحقة.
ويعد تقرير سوق العمل المرتقب هو الأكثر أهمية بين البيانات الاقتصادية الأمريكية خلال الفترة الأخيرة؛ بعدما أثار التقرير السابق لشهر يوليو ذعر الأسواق وتفاقم مخاوف الركود الاقتصادي؛ حيث خسر سوق الأسهم نحو 6 تريليونات دولار يوم "الاثنين الأسود" اللاحق لصدور تقرير سوق العمل.
وأيضاً، أثار تقرير يوليو -والذي أظهر ارتفاع معدل البطالة إلى 4.3%- توقعات الأسواق حول ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد تأخر لبدء دورة خفض الفائدة؛ وأن الولايات المتحدة على وشك الانزلاق نحو ركود عميق، بعدما كانت الأسواق تعزز سيناريو الركود الناعم للاقتصاد وتعتقد أن سوق العمل في الولايات المتحدة لا يزال قويا حتى في ظل النهج النقدي التشديدي.
كما أولى أعضاء بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي اهتماما قويا للأوضاع في سوق العمل ومدى تأثيرها على سياسة الفيدرالي الأمريكي المستقبلية، وبدا التركيز الأكبر على تطورات سوق العمل بدلا من التضخم نظراً لاستمرار انخفاض الأسعار نحو هدف الفيدرالي البالغ 2% خلال الشهور الأخيرة، وسعياً لتجنب إلحاق الضرر باقتصاد الولايات المتحدة عند مكافحة التضخم المرتفع.
وفي تلك الأثناء، أكد محافظ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول أثناء حديثه بندوة جاكسون هول، على أن الوقت قد حان لتعديل السياسة النقدية، كما أشار أعضاء الاحتياطي الفيدرالي خلال تصريحات سابقة، إلى أهمية بدء دورة خفض الفائدة.
ونتيجة لذلك، يمكن أن يغذي تقرير سوق العمل الأمريكي لشهر أغسطس الماضي، مخاوف الأسواق، خصوصا أن الاحتياطي الفيدرالي لم يتخذ قرار خفض الفائدة حتى الآن، ما قد يؤدي إلى مزيد من ضغوط البيع.
وفضلا عن هذا، قد يسرع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ويخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس باجتماعه المقرر انعقاده في يومي 16-17 سبتمبر، إذا جاءت بيانات سوق العمل مخيبة للآمال.
وما تجدر الإشارة إليه بهذا الصدد، أن الأسواق قد قامت -بالفعل- بتسعير بدء الاحتياطي الفيدرالي في خفض الفائدة هذا الشهر، ولكن المستثمرين يترقبون ما إذا كان الفيدرالي سيخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أم 50 نقطة أساس.
ومن المتوقع أن تحسم بيانات سوق العمل الأمريكي الجدال بشأن الوتيرة المتوقعة لبدء دورة التيسير النقدي في الولايات المتحدة فإذا أظهرت البيانات أن الشركات الأمريكية بالقطاع الخاص قد أضافت وظائف بأعلى من التوقعات البالغة حوالي 164 ألف وظيفة، إلى جانب انخفاض معدل البطالة إلى 4.2%؛ فمن المحتمل أن تنحسر مخاوف الأسواق بشأن النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة.
وإلى جانب ذلك، قد يرتفع تسعير الأسواق لخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس فقط باجتماعه المقبل، الأمر الذي قد يؤدي لانخفاض الدولار أمام نظائره من العملات الرئيسية الأخرى.
وعلى العكس، إذا كشفت البيانات عن انخفاض وتيرة عدد الوظائف الجديدة مقارنة بتوقعات الأسواق؛ أو إذا استقر معدل البطالة في الولايات المتحدة كما هو؛ أو ارتفع، فربما تتفاقم مخاوف المستثمرين بهذه الحالة ويتزايد الإقبال على أصول وعملات الملاذ الآمن تحوطا من سيناريو الهبوط الحاد للاقتصاد الأمريكي وبعبارة أخرى، قد نشهد أحداث "الاثنين الأسود" مجددا وربما بشكل أسوأ.