السر وراء انهيار الأسواق: ٢٠ تريليون دولار تتحرك في الظل بأمر من بنك اليابان
هناك فيل في الغرفة يراه الجميع ولا يريد أحد الحديث عنه ورغم ذلك فهو المحرك الأكبر لكل ما يحدث في الغرفة، هذه هي الحالة مع بنك اليابان.
رغم أن أخبار الفائدة من الفيدرالي الأمريكي احتلت عناوين الصحف وكانت البيانات الأمريكية والأوروبية في بؤرة اهتمام المحللين والمستثمرين حتى أن أحداث الشرق الأوسط تصدرت المواقع الصحفية منظرة بحرب أوسع تشمل إسرائيل ومن خلفها أمريكا وإيران ومن أمامها أذراعها المحاصرة لإسرائيل في لبنان واليمن وسوريا والعراق.
حفز تحوّل بنك اليابان إلى سياسة نقدية متشددة ورفع الفائدة بـ 15 نقطة أساس مع توجه مستقبلي للمزيد، عمليات تخارج كبرى من الاستثمارات حول العالم. وقال الرئيس التنفيذي لبورصة المشتقات للعملات الرقمية، أفيناش شيكار: "رفع بنك اليابان لأسعار الفائدة أطلق هذا التصحيح الشامل، مؤثرًا على الأسواق التقليدية والمشفرة. وبينما يعد الانخفاض المفاجئ مقلقًا، تشير التاريخ إلى إمكانية حدوث تعافيات سريعة في السوق."
أتت ضربة اليابان تزامنًا مع بيانات التوظيف الأمريكية المحبطة التي جعلت الركود الاقتصادي الأمريكي هاجس يطارد الجميع وكذلك مع كشف وارن بافيت عن عملية تخارج عملاقة من استثماراته في شركة آبل (NASDAQ:AAPL) وبنك أوف أمريكا وتوجهه إلى تركيم النقد، إلى حالة ذعر تتجلى في الأسواق في تعاملات اليوم الاثنين بقوة.
وفيما يلي سنقوم بتسليط الضوء على الفيل في الغرفة والـ 20 تريليون دولار التي تسبب بنك اليابان في اضطرابهم محفزًا موجة بيع واسعة.
اليابان..نهاية 20 تريليون دولار في "الكاري تريد"
تشارك حكومة اليابان في تجارة Carry Trade الضخمة بقيمة 20 تريليون دولار، والتي تتضمن تمويل القروض والأصول الأجنبية من خلال الاقتراض بالين منخفض التكلفة. ويحذر محللو دويتشه بنك (ETR:DBKGn) من أن هذه التجارة قد تحمل مخاطر غير متوقعة إذا قام البنك المركزي بتشديد السياسة النقدية.
ووفقًا لأبحاث من البنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو وصندوق النقد الدولي، قام رئيس أبحاث العملات في دويتشه (ETR:DHLn) بنك، جورج سارافيلوس، بتحليل الميزانية العمومية المجمعة للحكومة اليابانية، بما في ذلك صندوق المعاشات التقاعدية الحكومي GPIF، وبنك اليابان (BOJ)، والبنوك المملوكة للدولة. أظهر التحليل مزيج الأصول والخصوم في ديون الحكومة البالغة 20 تريليون دولار.
وفقًا لدويتشه بنك، فإن هذه الديون تمثل تجارة ضخمة مستثمرة في الخارج بمعدلات فائدة عالية وممولة من اقتراض قصير الأجل منخفض الفائدة بالين.
مع تزايد التوقعات بتحوّلبنك اليابان من سياسته النقدية المتساهلة للغاية، يشدد تقرير دويتشه بنك على أهمية فهم العواقب المحتملة لهذه التجارة الضخمة، ليس فقط على الميزانية العمومية للحكومة ولكن أيضًا على المدخرات والأصول التي تحتفظ بها الأسر.
يُعد الين تقليديًا عملة تمويل مفضلة لتجارة "الكاري" بسبب معدلات الفائدة المنخفضة في اليابان، ويتوقع المشاركون في السوق أن يقوم المستثمرون على مستوى العالم بإنهاء مئات المليارات من الدولارات من هذه التجارة إذا خرج بنك اليابان من سياسته النقدية المتساهلة للغاية.
تأثيرات على المدى الطويل
يتوسع تقرير دويتشه بنك في هذا السيناريو ليشمل الحكومة اليابانية وميزانيتها العمومية. ويرى أنه مع استمرار معدلات الفائدة الحقيقية منخفضة بفضل سياسة الفائدة السلبية للبنك المركزي، وجدت الحكومة مساحة مالية تسمح لها بتشغيل ديون عامة تزيد عن 200% من الناتج المحلي الإجمالي بينما تمول ثلثها نقدًا ليلة وضحاها.
وأشار دويتشه بنك إلى أنه لا يُفاجأ بأن البيع الكثيف للسندات هذا العام لم يضر اليابان. "الجميع توقف عن تجارة الكاري، لماذا لم تفعل اليابان؟ الإجابة بسيطة: على جانب الخصوم، يتحكم بنك اليابان في تكلفة تمويل الحكومة وهذا تم الاحتفاظ به عند الصفر (أو في الواقع السالب) على الرغم من ارتفاع التضخم."
المستقبل والمخاطر المحتملة
ومع ذلك، قد يؤدي التضخم المستمر إلى إنهاء هذه التجارة الضخمة، مع تزايد الضغوط على بنك اليابان لتطبيع سياسته النقدية. "إذا رفع البنك المركزي معدلات الفائدة، ستضطر الحكومة إلى البدء في دفع المال للبنوك وستبدأ ربحية تجارة الكاري في الانهيار بسرعة."
يعني ذلك دفع فوائد أعلى على احتياطيات البنوك وانخفاضًا في قيمة السندات الحكومية، وكذلك انخفاضًا في قيمة أصول الحكومة في بيئة ذات معدلات فائدة أعلى.
كما يتوقع المحللون أن ارتفاع الين مع ارتفاع معدلات الفائدة المحلية قد يؤدي إلى انخفاض قيمة الأصول الأجنبية والمحلية على حد سواء.
سقوط الأسهم اليابانية
هبط زوج الدوار ين إلى 142.6 متراجعًا بـ 2.68% إلى أدنى مستوى للدولار مقابل الين منذ ديسمبر 2023.
كذلك سقط مؤشر نيكاي 225 بـ 13.47% إى 31,078 نقطة اليوم إلى أدنى مستوى منذ أكتوبر 2023 وبأكبر شمعة هبوط يومية للمؤشر في تاريخه الحديث.
يذكر أن الأسهم اليابانية تعرضت يوم الجمعة الماضية إلى أكبر هبوط لها في 8 سنوات قبل أن تلحقه بهبوط اليوم الاثنين الأعنف.