بنك إنجلترا قد يحدد موعد خفض الفائدة والاسترليني يترقب... السيناريو المتوقع!
من المقرر أن تتابع الأسواق المالية باهتمام كبير صدور قرارات السياسة النقدية لبنك إنجلترا غدا الخميس، وخاصة مع ترقب الأسواق لأي إشارات حول تحديد موعد خفض الفائدة البريطانية، وهو ما سيكون له تأثير كبير على تداولات الاسترليني وأزاوجه، وفيما يلي نظرة على ملابسات اتخاذ القرار من قبل بنك إنجلترا:
أولا: الأوضاع الاقتصادية البريطانية وتأثيرها على قرار بنك إنجلترا
خلال الفترة الماضية، صدرت العديد من البيانات الاقتصادية والتي قد يكون لها تأثير قوي وواضح على قرارات بنك إنجلترا المقبلة، وفي هذا السياق، أصدر مكتب الإحصاء البريطاني، بيانات التضخم خلال شهر مايو الماضي، والتي جاءت متوافقة مع توقعات الأسواق، حيث تباطأ مؤشر أسعار المستهلكين داخل بريطانيا ووصل إلى هدف بنك إنجلترا البالغ 2.0% لأول مرة منذ أغسطس 2021. ووفقا للبيانات الصادرة، فقد سجل معدل التضخم العام في بريطانيا نحو 2.0% على أساس سنوي خلال مايو، وهو ما جاء متوافق مع توقعات الأسواق التي أشارت لتباطؤ التضخم إلى 2.0%. وبالنسبة لمعدل التضخم الأساسي (الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة)، فقد تباطأ نمو التضخم داخل بريطانيا ليسجل 3.5% على أساس سنوي، وهو ما جاء متوافقا أيضا مع توقعات الأسواق.
وأيضا، كشفت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية في بريطانيا، عن إخفاق اقتصاد البلاد في تحقيق نمو يذكر خلال شهر أبريل الماضي، حيث سجل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي داخل بريطانيا نحو 0.0% على أساس شهري، وهو ما جاء مطابقا لتوقعات الأسواق، وكانت القراءة السابقة التي سجلتها بريطانيا خلال مارس الماضي قد أوضحت نمو الاقتصاد بنسبة 0.4%.
وكذلك، كشفت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاءات البريطاني، عن سلبية قراءات بيانات سوق العمل ومعدلات البطالة داخل بريطانيا خلال شهر أبريل الماضي، وخلال الربع المنتهي في مارس. ووفقا للبيانات فقد ارتفع عدد طلبات إعانات البطالة الجديدة في بريطانيا بنحو 50.4 ألف طلب خلال شهر مايو، وهو أسوأ بكثير من التوقعات التي أشارت لتسجيلها ارتفاعا بحوالي 10.2 ألف طلب فقط. وفي نفس الوقت، أظهرت البيانات ارتفاع معدل البطالة في بريطانيا إلى 4.4 % خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في مايو على أساس سنوي، وهو ما جاء أعلى من توقعات الأسواق التي أشارت لتسجيله 4.3%.
وفي ضوء استمرار هدوء الضغوط التضخمية، وضعف بيانات سوق العمل البريطاني، وتباطؤ النشاط الاقتصادي داخل بريطانيا، فإنه من المقرر أن تؤثر هذه البيانات الاقتصادية على قرارات بنك إنجلترا وقد تجعله قريبا من خفض الفائدة.
ثانيا:تصريحات أعضاء بنك إنجلترا خلال الفترة الماضية:
في الفترة الماضية، صدرت العديد من تصريحات أعضاء بنك إنجلترا والتي تضمنت تلميحات حول قرارات السياسة النقدية المستقبلية، وفي هذا الإطار، قال عضو بنك إنجلترا وكبير الاقتصاديين لدى البنك، هيو بيل، إن الأجزاء الثابتة والمستقرة من التضخم بدأت في الانخفاض، وأنه من الممكن أن يقرر بنك إنجلترا خفض سعر الفائدة المصرفية عندما يكون هناك دليل كاف على وجود مسار هبوطي مستمر لمعدل التضخم.
وأيضا، أدلت عضو لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا ميغان جرين، بعدد من التصريحات الهامة والمتعلقة بأوضاع السياسة النقدية البريطانية، موضحة أنه من الصعب إثبات استمرار التضخم في التراجع، وهذا هو العبء الأكبر، مضيفة أن السياسة النقدية بحاجة لأن تكون مقيدة لفترة أطول من الوقت، من أجل التأثير على سوق العمل ومعدلات الأجور، بما يضمن عودة التضخم إلى هدف بنك إنجلترا البالغ 2%.
وفي الوقت ذاته، أدلى عضو لجنة السياسة النقدية ونائب محافظ بنك إنجلترا بين برودبنت، ببعض التصريحات حول تحركات البنك المركزي البريطاني المقبلة بشأن قرارات خفض الفائدة، وأشار إلى أنه ستظل السياسة مقيدة حتى مع بدء دورة خفض أسعار الفائدة، وأنه من الممكن أن يبدأ بنك إنجلترا في خفض الفائدة خلال فصل الصيف.
ثالثا: توقعات بعض المؤسسات المالية الكبرى لقرار بنك إنجلترا:
بدوره، علق صندوق النقد الدولي على بعض النقاط الهامة المتعلقة بتوقعات السياسة النقدية في بنك إنجلترا، وأشار إلى أنه من المتوقع انخفاض التضخم البريطاني إلى هدف 2% بحلول أوائل عام 2025، وكذلك، أوصى صندوق النقد الدولي بنك إنجلترا بضرورة تخفيض أسعار الفائدة بما يتراوح بين 50 إلى 75 نقطة أساس هذا العام.
وكذلك، رأى جميع الاقتصاديين الذين استطلعت رويترز آراءهم والبالغ عددهم 65 باستثناء اثنين إلى أنه من المتوقع أن يبدأ بنك إنجلترا في خفض أسعار الفائدة في أغسطس، بينما توقع اثنان فقط من بين 65 اقتصاديا شملهم الاستطلاع أن ينتظر بنك إنجلترا حتى سبتمبر لخفض أسعار الفائدة بدلا من أغسطس. لكن جميع الـ 24 الذين شاركوا في الاستطلاع الأخير والاستطلاع الذي أجري الشهر الماضي وتوقعوا سابقا خفضا في 20 يونيو، نقلوا توقعاتهم إلى شهر أغسطس.
ومن جانبهم، نشر بنك الاستثمار الأمريكي جي بي مورجان، مذكرة تناولت توقعات محلليه لقرار بنك إنجلترا بعد البيانات الأخيرة للتضخم، والذي أشاروا فيه إلى أن هناك احتمالية أن بنك إنجلترا قد لا يكون قادرا على خفض أسعار الفائدة على الإطلاق هذا العام.
رابعا: السيناريوهات المتوقعة لقرارات بنك إنجلترا:
تشير أغلب التوقعات إلى أن بنك إنجلترا سوف يبقي على الفائدة دون تعديل، وفي ضوء ذلك، فإن السيناريو الأول، يتمثل في إبقاء بنك إنجلترا على الفائدة دون تغيير، وأن يحافظ البنك على لهجته التشديدية حتى يتم كبح الضغوط التضخمية، وفي حالة حدوث هذا السيناريو فقد يؤثر ذلك إيجابيا على أداء الاسترليني بأسواق العملات.
بينما يتمثل السيناريو الثاني، في إبقاء بنك إنجلترا على الفائدة دون تغيير، وأن يلمح البنك إلى خفض الفائدة قريبا، وقد يكون لهذا السيناريو تأثيرا سلبيا على تداولات الاسترليني وخاصة زوج الاسترليني دولار.