هل يقدم المركزي الأوروبي أي دعم لليورو بقرار الفائدة الجديد؟... السيناريو المتوقع!
تنتظر أسواق العملات وبخاصة متداولي اليورو صدور قرارات السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي خلال شهر ديسمبر الجاري، والتي قد يكون لها تأثير قوي للغاية على تحركات أسواق العملات وبخاصة زوج اليورو دولار، وفيما يلي نظرة على ملابسات اتخاذ قرارات السياسة النقدية الأوروبية:
أولا: نظرة على الأوضاع الاقتصادية لمنطقة اليورو:
خلال الفترة الماضية، صدرت العديد من البيانات الاقتصادية في منطقة اليورو، وهذه البيانات سيكون لها تأثير واضح على قرارات المركزي الأوروبي حول السياسة النقدية، وفي هذا الإطار، أظهرت بيانات مكتب الإحصاء الأوروبي، بأن القراءة النهائية لمؤشر أسعار المستهلكين السنوي قد جاءت سلبية وأقل من توقعات الأسواق، حيث تباطأ التضخم السنوي ليسجل 2.4% خلال شهر نوفمبر الجاري، وهو ما جاء أقل من توقعات الأسواق التي رجحت تسجيله نحو 2.7%، كما أنه أقل من القراءة السابقة التي سجلت نحو 2.9% بشهر أكتوبر الماضي.
وخلال نفس الفترة، سجلت القراءة النهائية لمؤشر أسعار المستهلكين بقيمته الأساسية نحو 3.6% على أساس سنوي خلال يوليو، وهو ما جاء أقل أيضا من توقعات الأسواق التي أشارت لتسجيله 3.4%، بعدما كان قد سجل 4.2% بنهاية أكتوبر الماضي.
وأيضا، أظهرت البيانات الصادرة عن مكتب إحصاءات منطقة اليورو بأن القراءة الأولية لبيانات معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي داخل منطقة اليورو قد جاءت مطابقة لتوقعات الأسواق، حيث أظهرت القراءة الأولية انكماش اقتصاد المنطقة للربع الثاني على التوالي، في إشارة سلبية إلى تأثير استمرار تشديد السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي على النشاط الاقتصادي بالمنطقة، فوفقا للبيانات، شهد اقتصاد اليورو انكماشا بنسبة 0.1% بالربع الثالث من العام الجاري، بالمقارنة مع الربع السابق، وكانت القراءة النهائية للربع الثاني قد أظهرت انكماش اقتصاد اليورو بنسبة 0.1%.
وبدورها، أصدرت المفوضية الأوروبية أحدث توقعاتها لاقتصاد منطقة اليورو خلال عامي 2023 و2024، وقامت بخفض توقعات النمو الاقتصادي لدول المنطقة في 2023 إلى 0.6% وذلك مقارنة بالتوقعات السابقة البالغة 0.8%. وأوضح لذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي بأن خفض توقعات النمو الاقتصادي يرجع إلى ارتفاع التضخم وبيئة أسعار الفائدة المرتفعة، وذلك جنبا إلى جنب مع ضعف الطلب الخارجي، وهو ما أدى لتدهور توقعات النمو في منطقة اليورو بأسوأ مما كان متوقعا.
وفي ضوء هدوء وتباطؤ الضغوط التضخمية الأوروبية، جنبا إلى جنب مع تضرر وضعف النشاط الاقتصادي بسبب الفائدة الأوروبية المرتفعة، فإن هذه البيانات سيكون لها تأثير قوي على قرارات السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي وقد يتجه البنك للإبقاء على الفائدة دون تغيير خلال هذا الاجتماع.
ثانيا: أبرز تصريحات أعضاء البنك المركزي الأوروبي:
حافظ أغلب أعضاء وصانعي السياسة بالبنك المركزي الأوروبي على نبرتهم الحذرة حيال التشديد النقدي في اجتماعات البنك المقبلة، وفي هذا السياق، أكدت محافظ البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاجارد، على أن معركة المركزي الأوروبي ضد التضخم لم تنته بعد، ولا يزال أمامها بعض الوقت حتى يمكن إعلان النصر بها. ومع ذلك، فقد أشارت لاجارد إلى أن البنك المركزي الأوروبي قد أحرز حتى الآن تقدما كبيرا فيما يتعلق بخفض معدلات التضخم.
وبدوره، صرح عضو البنك المركزي الأوروبي، بوريس فوجيتش، بأنه لن تتم مناقشة خفض الفائدة في المستقبل القريب حتى تثبت صحة التوقعات الاقتصادية، ومع ذلك، قال فوجيتش بأنه من السابق لأوانه الحديث عن هذه الخطوة فهذا الإجراء ليس من المتوقع حدوثه على المدى القصير.
وكذلك، صرح عضو البنك المركزي الأوروبي ، فرانسوا فيلروي، خلال حديثه إلى صحيفة لا ديبيش دو ميدي الفرنسية، بأنه يعتقد أنه لن تكون هناك حاجة إلى زيادات جديدة بأسعار الفائدة ما لم تظهر صدمة اقتصادية جديدة، مضيفا بأن البنك في طريقه للتغلب على التضخم، لذا لن يناقش المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة قبل وقت لاحق بعام 2024.
ثالثا: توقعات البنوك الكبرى لقرارات المركزي الأوروبي:
تشير أغلب التوقعات إلى أن المركزي الأوروبي سوف يثبت أسعار الفائدة، ولكن بدأت النقاشات بين البنوك الكبرى للتكهن بموعد خفض الفائدة الأوروبية، وفي هذا الإطار، قال اقتصاديو كوميرز بنك بأنه من غير المرجح أن يخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة في المستقبل القريب، حتى في ظل العلامات المتزايدة على ركود اقتصاد منطقة اليورو. وتابع خبراء البنك الألماني بأنه سيتعين على المركزي الأوروبي مراجعة التوقعات الاقتصادية على نحو منخفض، مع بقاء توقعات التضخم مرتفعة، الأمر الذي قد يستدعي من البنك ألا يبدأ في خفض الفائدة حتى أواخر عام 2024.
وأيضا، تحدث الاقتصاديون لدى بنك سوسيتيه جنرال عن توقعاتهم لقرارات البنك المركزي الأوروبي المقبلة، وفي هذا الصدد، قال خبراء البنك الفرنسي بأن الأسواق تبالغ في توقعاتها بخفض المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة بدءا من النصف الأول من عام 2024، حيث من المحتمل أن يرتفع التضخم الأساسي والتضخم العام بمنطقة اليورو مجددا، الأمر الذي يجعل من الصعب اتخاذ البنك المركزي الأوروبي قرار بخفض الفائدة بالموعد الذي تتوقعه الأسواق بالوقت الحالي.
وبدورهم، رجح جولدمان ساكس خفض المركزي الأوروبي للفائدة أول مرة، خلال الربع السنوي الثاني من العام المقبل، مقارنة بتوقعاته السابقة التي رجحت خفض الفائدة بالربع الثالث، وتابع البنك الأمريكي بأنه قد يخفض المركزي الأوروبي الفائدة إلى 3.75% بهذا الوقت.
رابعا: السيناريوهات المتوقعة لقرارات البنك المركزي الأوروبي:
يتمثل السيناريو الأول في إبقاء المركزي الأوروبي على الفائدة دون تغيير خلال هذا الاجتماع، ولكن، سيكون التركيز منصبا في هذه الحالة على بيان الفائدة والمؤتمر الصحفي لمحافظ البنك كريستين لاجارد، والذين قد يتضمنان تأكيدات على تباطؤ التضخم، وضعف النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو، وهو ما يجعل البنك غير قادر على رفع الفائدة مجددا، وهذا السيناريو في حالة حدوثه قد يؤثر سلبيا بتحركات اليورو وبخاصة زوج اليورو دولار.
بينما السيناريو الثاني، يتمثل في قيام المركزي الأوروبي بتثبيت الفائدة، ولكن بيان الفائدة والمؤتمر الصحفي لمحافظ البنك كريستين لاجارد، قد يتحدثان عن استمرار المخاوف حيال التضخم المرتفع، وبأن البنك لن يتخلى عن التشديد النقدي قريبا، وبأنه قد يرفع الفائدة مجددا إذا استدعت الضرورة ذلك، وهذا السيناريو في حالة حدوثه قد يكون له تأثير إيجابي على تداولات اليورو أمام العملات الرئيسية.
اقرأ أيضا:
نائب محافظ المركزي الأوروبي يشيد ببيانات التضخم الأخيرة
مسح المركزي الأوروبي يكشف توقعات التضخم في منطقة اليورو المقبلة
عضو المركزي الأوروبي بانيتا يوضح احتمالات التخلي عن التشديد النقدي