بنك إنجلترا أمام اختبار صعب في آخر اجتماعات العام... السيناريو المتوقع!
تترقب أسواق العملات باهتمام كبير صدور قرارات السياسة النقدية الصادرة عن بنك إنجلترا غدا الخميس والتي سيكون لها تأثير قوي وواضح على تحركات الاسترليني أمام العملات الأخرى وتحديدا زوج الاسترليني دولار، وفيما يلي نظرة على ملابسات اتخاذ القرار داخل بنك إنجلترا:
أولا: البيانات الاقتصادية وتأثيرها على قرارات بنك إنجلترا
في الفترة الماضية، صدرت العديد من البيانات الاقتصادية البريطانية والتي ستؤثر بكل تأكيد على قرارات بنك إنجلترا حول الفائدة، ومن أهم هذه البيانات هو صدور بيانات التضخم البريطانية والتي أظهرت سلبية المؤشر خلال شهر أكتوبر الماضي. فوفقا للبيانات الواردة، سجل التضخم في بريطانيا ما يعادل 4.6% على أساس سنوي خلال شهر أكتوبر، وهو ما جاء أسوأ من توقعات الأسواق التي أشارت لتباطؤ التضخم إلى 4.7%. وبالنسبة لبيانات التضخم الأساسي في بريطانيا فقد تباطأ بوضوح ليسجل نحو 5.7% خلال نفس الفترة، وهو أسوأ كذلك من توقعات الأسواق التي أشارت إلى تسجيله 5.8%.
وأيضا، أظهرت بيانات مكتب الإحصاءات البريطاني؛ تباين بيانات سوق العمل داخل بريطانيا خلال شهر نوفمبر الماضي، وللربع السنوي المنتهي في أكتوبر. فوفقا للبيانات الواردة، ارتفع عدد طلبات إعانات البطالة الجديدة في بريطانيا بنحو 16 ألف طلب خلال شهر نوفمبر، وهي قراءة إيجابية، لأنها أفضل من التوقعات التي رجحت ارتفاعها بمقدار 20.3 ألف طلب.
وفي نفس الوقت، كشفت البيانات عن استقرار معدل البطالة في بريطانيا خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في أكتوبر على أساس سنوي، عند نفس المستوى المسجل بالثلاثة أشهر المنتهية في سبتمبر السابق عند 4.2%، وهو ما جاء مطابقا لتوقعات الأسواق. بينما، كشفت الإحصاءات الرسمية عن ارتفاع متوسط الأجور داخل بريطانيا ، بما في ذلك المكافآت، بنسبة 7.2% خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في أكتوبر على أساس سنوي، بأسوأ من توقعات الأسواق التي أشارت لتسجيله نحو 7.7%.
وكذلك، أصدر مكتب الإحصاءات الوطنية في بريطانيا، بيانات النمو الاقتصادي في البلاد خلال شهر أكتوبر الماضي، والتي أوضحت انكماش الناتج المحلي الإجمالي داخل بريطانيا بنسبة 0.3% على أساس شهري، وهو ما جاء أسوأ من توقعات الأسواق التي أشارت إلى انكماش اقتصاد بريطانيا بنسبة 0.1% فقط، بعدما كانت القراءة السابقة قد سجلت نموا بنسبة 0.2% خلال سبتمبر الماضي.
وفي ضوء هدوء وتيرة التضخم داخل بريطانيا، وتضرر بيانات النمو الاقتصادي، جنبا إلى جنب مع ضعف نمو الأجور البريطانية، فإن بنك إنجلترا في موقف يسمح له بالتوقف عن رفع الفائدة خلال هذا الاجتماع المرتقب.
ثانيا: أبرز تصريحات صانعي السياسة النقدية داخل بنك إنجلترا مؤخرا
في الفترة الماضية، تحدث العديد من صناع السياسة النقدية البريطانية ولكن أغلب تصريحاتهم مالت إلى الحذر والتأكيد على هدوء وتيرة التضخم، وفي هذا السياق، أكد محافظ بنك إنجلترا ، أندرو بايلي، بأنه من المُرجح أن تظل أسعار الفائدة حول المستويات الحالية والبالغة 5.25% دون تغيير، مشيرا إلى أن توقعات التضخم لا تزال غير مؤكدة. وفي هذا السياق، قال بايلي بأن بنك إنجلترا سيظل يقظا تجاه مخاطر الاستقرار المالي التي قد تنشأ، مضيفا بأن مسار الاقتصاد الصيني يمثل حالة من عدم اليقين في الوقت الحالي.
وبدوره، صرح عضو لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا هاسكل، بأن أوضاع سوق العمل في بريطانيا لا تزال تضع ضغوطا قوية على التضخم، مضيفا بأن هذا الوضع يستدعي إبقاء بنك إنجلترا على أسعار الفائدة البريطانية عند مستويات مرتفعة لفترة أطول مما هو متوقع؛ من أجل إعادة التضخم بالبلاد إلى هدف بنك إنجلترا البالغ 2% بشكل مستدام، وأن التوقعات الاقتصادية الحالية لا تشير لأي تحول في معدلات الفائدة البريطانية على المدى القريب.
ثالثا: توقعات المؤسسات المالية حيال قرارات بنك إنجلترا
تشير أغلب التوقعات إلى أن بنك إنجلترا لن يرفع الفائدة خلال اجتماع ديسمبر الجاري، وفي هذا السياق، استعرض المحللون في المصرف الألماني كوميرز بنك توقعاتهم لقرارات بنك إنجلترا المقبلة بخصوص أسعار الفائدة، حيث قال اقتصاديو المصرف الألماني بأن أرقام التضخم السنوي داخل بريطانيا كانت مفاجئة على الجانب الهبوطي، حيث تباطأ التضخم إلى ما يعادل 4.6% على أساس سنوي خلال شهر أكتوبر الماضي، ولذلك؛ أوضح المحللون بانه إذا استمر التضخم في الانخفاض بالشهور المقبلة، فمن غير المتوقع أن يرفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة مرة أخرى.
ومن جانبه، قال المحللون في بنك الاستثمار الأمريكي جي بي مورجان خلال مذكرة بحثية صادرة سابقا، بأنه من المتوقع أن يقوم بنك إنجلترا بأول خفض لأسعار الفائدة بنهاية العام المقبل، متوقعين بأن تنخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في الربع الرابع من عام 2024.
وكذلك، أظهر مسح أجرته وكالة رويترز، بمشاركة 69 اقتصاديا خلال الفترة من 1-6 ديسمبر 2023، بأنه من المتوقع أن يبقي بنك إنجلترا أسعار الفائدة كما هي دون تغيير عند مستوى 5.25% في اجتماع 14 ديسمبر الماضي وحتى الربع الثاني من العام القادم.
رابعا: السيناريوهات المتوقعة لقرار بنك إنجلترا
يتمثل السيناريو الأول، في أن بنك إنجلترا لن يرفع الفائدة مجددا في ظل هبوط الضغوط التضخمية البريطانية، ومن ثم سيكون التركيز منصبا على بيان السياسة النقدية وتصريحات محافظ البنك حول مستقبل السياسة النقدية البريطانية، وإذا تضمنا أي إشارات حول هدوء التضخم وضعف النمو الاقتصادي، وأن ذلك يستدعي عدم رفع الفائدة مجددا، فإن هذا السيناريو قد يكون سلبي لتحركات الاسترليني أمام العملات الأخرى.
بينما السيناريو الثاني، في قيام بنك إنجلترا بتثبيت الفائدة في ضوء هدوء التضخم، ولكن البنك قد يؤكد بأنه سينتظر صدور المزيد من البيانات الاقتصادية المقبلة، قبل اتخاذ قرارات الفائدة المقبلة، وبأنه مستعد تماما لرفع الفائدة مجددا لمواجهة أي ضغوط تضخمية جديدة، وهذا السيناريو في حالة حدوثه قد يؤثر إيجابيا على الاسترليني بأسواق العملات.
اقرأ أيضا:
مسح بنك إنجلترا يكشف تراجع توقعات التضخم لعام 2024