هل يختتم الاحتياطي الاسترالي اجتماعات هذا العام برفع الفائدة؟ السيناريو المتوقع!

تنتظر أسواق العملات صدور قرارات الاحتياطي الاسترالي حول الفائدة خلال شهر ديسمبر الجاري، وسط توقعات بأن يبقي البنك على الفائدة دون تعديل، وقد يكون لهذه القرارات تأثير كبير على أسواق العملات وتحديدا على الدولار الاسترالي، وفيما يلي نظرة على ملابسات اتخاذ القرار داخل البنك:

أولا: نظرة على الأوضاع الاقتصادية في أستراليا مؤخرا:

في الفترة الماضية، صدرت العديد من البيانات الاقتصادية المتباينة في أستراليا وعلى رأسها بيانات التضخم وسوق العمل ومبيعات التجزئة، وفي هذا الإطار، أظهرت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الاسترالي، بأن مؤشر أسعار الأجور الربع سنوي في أستراليا قد ارتفع وسجل نموا بنسبة 1.3% خلال الربع الثالث من عام 2023، بالمقارنة مع الربع السابق، ويعد هذا أعلى نمو يشهده مؤشر أسعار الأجور على الإطلاق منذ بدء السلسلة في عام 2001.

وأيضا، أظهرت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الاسترالي، إيجابية بيانات التوظيف داخل أستراليا خلال شهر أكتوبر الماضي، حيث أضاف اقتصاد أستراليا نحو 55.0 ألف وظيفة، وهو أفضل بكثير من توقعات الأسواق التي كانت قد أشارت لإضافة أستراليا حوالي 22.8 آلاف وظيفة فقط. ولكن على الجانب الآخر، عاود معدل البطالة داخل أستراليا الارتفاع خلال شهر أكتوبر إلى مستوى 3.7% مرة أخرى.

وعلى الجانب الاَخر، أصدر مكتب الإحصاء الأسترالي بيانات مبيعات التجزئة في البلاد خلال شهر أكتوبر الماضي، حيث سجل المؤشر قراءة سلبية وشهدت مبيعات التجزئة انكماشا وبذلك تخالف التوقعات، ووفقا للبيانات الصادرة، فقد سجلت مبيعات التجزئة في أستراليا انكماشا بنسبة 0.2% على أساس شهري خلال شهر أكتوبر الماضي، وهو ما جاء مخالفا للتوقعات التي رجحت نموها بحوالي 0.1% خلال تلك الفترة.

وفي الوقت ذاته، كشفت بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية في أستراليا، عن تباطؤ معدلات التضخم في البلاد خلال شهر أكتوبر الماضي، وبوتيرة أقوى من توقعات الأسواق. ووفقا للبيانات الواردة، تباطأت قراءة مؤشر أسعار المستهلكين في أستراليا إلى 4.9% على أساس سنوي، وهي ما جاءت أقل من توقعات الأسواق التي أشارت لاستقرار التضخم عند مستوى 5.2%. وكذلك، انخفض متوسط التضخم السنوي إلى 5.3% في أكتوبر، بانخفاض طفيف عن 5.4% التي سجلتها أستراليا بشهر سبتمبر.

وبالتالي، يمكن القول بأن تباطأ التضخم الاسترالي، جنبا إلى جنب مع انكماش مبيعات التجزئة، وتباين بيانات سوق العمل الاسترالي قد يدفع الاحتياطي الاسترالي للحذر قبل رفع الفائدة وقد ينتظر صدور المزيد من البيانات الاقتصادية خلال الفترة المقبلة قبل أن يعاود تشديد السياسة النقدية مجددا.

ثانيا: ما هي توقعات البنوك لقرارات الاحتياطي الاسترالي؟

تشير أغلب التوقعات إلى أن الاحتياطي الاسترالي قد يبقي على الفائدة دون تغيير، وفي هذا السياق، أظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز بأن الاحتياطي الأسترالي سيبقي سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 4.35% غدا الثلاثاء، ومن غير المتوقع الآن أن يتم خفض سعر الفائدة حتى الربع الأخير من العام المقبل بسبب سوق الإسكان القوي حتى مع ارتفاع أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى منذ 12 عاما، استعادت أسعار المنازل الأسترالية جميع خسائرها في عام 2022 منذ أن وجدت حدا أدنى في يناير.

وكذلك، أصدر الخبراء لدى Rabobank توقعاتهم لقرارات الاحتياطي الاسترالي المقبلة، ورأوا بأنه من المتوقع ألا يكون هناك أي تغيير من البنك حول معدل الفائدة، ولكن البنك قد يبقي على نظرته التشديدية، حيث قد يتحدث الاحتياطي الاسترالي عن احتمال رفع أسعار الفائدة، ولكنهم لن يفعلوا ذلك.

وفي الوقت ذاته، أظهر استطلاع أسعار الفائدة، الذي أجري في الفترة من 29 نوفمبر إلى 1 ديسمبر، أن 28 من 30 اقتصاديا، بما في ذلك خبراء البنوك الأربعة الكبرى في أستراليا، يتوقعون أن يبقي البنك المركزي سعر الفائدة الرسمي دون تغيير في 5 ديسمبر، بينما توقع اثنين من الخبراء بأن يرفع الاحتياطي الاسترالي الفائدة بحوالي 25 نقطة أساس فقط خلال هذا الاجتماع.

ثالثا: تصريحات صانعي القرار داخل الاحتياطي الاسترالي:

في الفترة الماضية، صدرت بعض التصريحات من قبل صانعي القرار داخل الاحتياطي الاسترالي والتي تعطي تلميحا حول السياسة النقدية المستقبلة، وفي هذا الإطار، أدلى محافظ بنك الاحتياطي الاسترالي ميشيل بولوك؛ بأن المزيد من التشديد النقدي من قبل الاحتياطي الاسترالي هو الاستجابة الصحيحة للتضخم المرتفع، وأنه سيستغرق إعادة التضخم إلى هدف بنك الاحتياطي الاسترالي البالغ 2-3% بعض الوقت، وكذلك، فإن الاحتياطي الاسترالي يسعى إلى تهدئة الطلب مع الحفاظ على الأوضاع الجيدة في سوق العمل.

وكذلك، شاركت محافظ الاحتياطي الاسترالي ميشيل بولوك، في حلقة نقاشية بعنوان (التضخم والاستقرار المالي والتوظيف)، ضمن مؤتمر سلطة النقد وبنك التسويات الدولية في هونج كونج، وأشارت إلى أنه يتعين على بنك الاحتياطي الاسترالي وباقي البنوك المركزية أن تكون حذرة بعض الشيء في استخدامها لأداة رفع أسعار الفائدة لخفض التضخم دون رفع معدلات البطالة بشكل كبير، وأن تضخم الخدمات في أستراليا لا يزال يظهر مقاومة تجاه التباطؤ، وأنه من المتوقع انخفاض التضخم إلى أقل بقليل من مستوى 3% في عام 2025.

رابعا: السيناريوهات المتوقعة لقرارات الاحتياطي الاسترالي:

يتمثل السيناريو الأول والمرجح حاليا في إبقاء الاحتياطي الاسترالي على الفائدة دون تغيير، ولكن الأسواق ستركز على بيان الفائدة الصادر عن الاحتياطي الاسترالي وتصريحات محافظ البنك، وما قد يتضمنه من نقاط عن الاقتصاد والتلميحات المستقبلية حول رفع الفائدة مجددا في ظل ضغوط التضخم المستمرة، وهذا السيناريو قد يكون له تأثير إيجابي على تحركات الاسترالي أمام العملات الأخرى.

بينما، السيناريو الثاني وغير المرجح حاليا، هو قيام الاحتياطي الاسترالي بالإبقاء على الفائدة دون تعديل، والتأكيد على هدوء ضغوط التضخم داخل البلاد، وهذا بدوره يدفع البنك لإنهاء دورة التشديد النقدي، وهذا السيناريو في حالة حدوثه سيؤدي لضعف الدولار الاسترالي بأسواق العملات.