السيناريو المتوقع: ماذا ينتظر من اجتماع الفيدرالي الأمريكي غدا؟
سوف تراقب أسواق العملات صدور قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن الفائدة، وسط توقعات بالإبقاء على معدلات الفائدة والسياسة النقدية دون تغيير خلال هذا الاجتماع، ولكن ستركز الأسواق باهتمام كبير على بيان الفائدة الصادر عن الفيدرالي الأمريكي ، بالإضافة إلى المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك جيروم باول في محاولة لاستكشاف أي دلائل حول مستقبل السياسة النقدية الأمريكية خلال العام الجديد وبخاصة في ضوء إيجابية البيانات الاقتصادية الأخيرة، بالإضافة إلى ارتفاع العائد على السندات الأمريكية في ظل التفاؤل حيال تعافي الاقتصاد الأمريكي سريعا من تداعيات فيروس كورونا المستجد، وفيما يلي نظرة على ما سيؤثر على قرارات الفيدرالي والمنتظر من هذه القرارات:
أولا: نظرة على الأوضاع الاقتصادية الأمريكية مؤخرا
في الفترة الماضية، كشفت البيانات الاقتصادية الأمريكية عن تحسن الأوضاع الاقتصادية داخل الولايات المتحدة وبخاصة في سوق العمل، وبيانات التضخم، والذين يؤثران بقوة على قرارات الفيدرالي الأمريكي وبخاصة وأنه يستهدف تحقيق الاستغلال الأمثل لسوق العمل، بالإضافة إلى ارتفاع التضخم نحو 2%.
وتوضح البيانات بأن الاقتصاد أضاف نحو 379 ألف وظيفة خلال فبراير الماضي، كما أضاف نحو 166 ألف وظيفة خلال يناير الماضي، وأيضا، انخفضت معدلات البطالة إلى مستويات 6.2% بنهاية فبراير، وارتفعت الأجور بنسبة 0.2% خلال نفس الفترة، وهو ما يوضح استمرار تحسن الأوضاع في سوق العمل الأمريكي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن بيانات التضخم التي سجلت نموا بنسبة 0.4%، ونمو التضخم الأساسي بنسبة 0.1%، يشير إلى تحسن إنفاق المستهلكين الأمريكي، وهو ما يعزز استمرار تحسن التضخم خلال الفترة المقبلة. كما تحسنت بيانات ثقة المستهلك الأمريكية، وبيانات ISM التصنيعي داخل الولايات المتحدة وغيرهم من البيانات وهو ما يشير إلى استمرار تعافي الاقتصاد الأمريكي من تداعيات كورونا.
ثانيا: التطورات حول فيروس كورونا المستجد داخل أمريكا
تضرر الاقتصاد الأمريكي بقوة خلال العام الماضي من تداعيات تفشي فيروس كورونا المستجد، ودائما ما يؤكد الفيدرالي الأمريكي على أن مسار الاقتصاد الأمريكي سيعتمد على تطورات فيروس كورونا عالميا وداخل الولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة، وبالنظر إلى هدوء وتيرة تفشي فيروس كورونا المستجد، بالإضافة إلى استمرار عمليات التلقيح الواسعة للمواطنين بلقاح كورونا، فمن شأن ذلك أن يكون له تأثير إيجابي على قرارات الفيدرالي الأمريكي خلال هذا الاجتماع.
ثالثا: تصريحات صانعي القرار داخل الولايات المتحدة
خلال الفترة الماضية، صدرت عدد من التصريحات من جانب صانعي القرار داخل الولايات المتحدة الأمريكي وعلى رأسهم محافظ الفيدرالي الأمريكي جيروم باول أثناء شهادته داخل الكونجرس الأمريكي، حيث أكد باول خلال شهادته على أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال بعيد جدا عن أهداف البنك، وأن البنك بحاجة إلى الحذر الشديد خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى أن الوقت ليس مناسبا للحديث عن تعديل السياسة التيسيرية الحالية وذلك على الرغم من التطورات الاقتصادية الإيجابية وعلى رأسها بيانات سوق العمل.
هذه التصريحات من جانب محافظ الفيدرالي الأمريكي تشير إلى أن أضرار فيروس كورونا كانت كبيرة على الاقتصاد الأمريكي، وبالتالي فالاقتصاد الأمريكي لن يستطيع التعافي كليا قبل إنتهاء هذه الأزمة الصحية الحالية الخطيرة.
رابعا: تطورات حزمة التحفيز الضخمة والعائد على السندات الأمريكية
أقرت الإدارة الأمريكية الجديدة حزمة تحفيزية ضخمة قوية تقدر بحوالي 1.9 تريليون دولار لمساعدة الاقتصاد الأمريكي على التعافي من تداعيات تفشي فيروس كورونا المستجد، وهو ما ألقى بظلاله على عائد السندات الأمريكية والذي ارتفع إلى أعلى مستوياته منذ 13 شهرا، بما زاد المخاوف لدى الفيدرالي الأمريكي من أن ذلك قد يؤثر على السياسات التسهيلية من قبل البنك، وبالتالي قد يقرر الفيدرالي الأمريكي زيادة وتيرة مشترياته من السندات حتى لا يرتفع العائد بشكل كبير ويؤثر بقوة على أهداف الفيدرالي الأمريكي، وبخاصة وأن جيروم باول أكد على أنهم يراقبون عن كثب تطورات العائد على السندات الأمريكية.
وأخيرا، ماذا ينتظر من قرارات الفيدرالي الأمريكي غدا الأربعاء؟
في ضوء ما تم ذكره سابقا من نقاط، فإنه من المرتقب أن يبقي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على السياسة النقدية دون تغيير، ولكن قد يتضمن بيان الفائدة الصادر عن البنك، والمؤتمر الصحفي للمحافظ جيروم باول تأكيدات على استمرار التعافي من تداعيات الفيروس والذي انعكس إيجابيا على بيانات سوق العمل والتضخم، بما قد يدفع البنك أيضا إلى تعديل توقعاتها للنمو الاقتصادي والتضخم خلال الفترة المقبلة بشكل أعلى، وهذا السيناريو هو الأرجح، وإذا ما حدث فقد نشاهد ارتفاعا قويا للدولار الأمريكي أمام العملات الأخرى.
بينما السيناريو الثاني، فإن الفيدرالي قد يبقي على السياسة النقدية دون تغيير، ولكن بيان الفائدة والمؤتمر الصحفي قد يتحدث عن استمرار ترقب التطورات الاقتصادية المختلفة، وتداعيات تفشي فيروس كورونا وهو ما يستدعي التمهل قبل اتخاذ أي قرارات جديدة من قبل البنك وبخاصة ما يتعلق بإنهاء التيسير النقدي وهذا السيناريو قد يؤثر سلبيا على تحركات الدولار الأمريكي.