بنك إنجلترا يلتزم الحذر ويترك تطورات البريكست تحدد اتجاهات الفائدة
أكد بنك إنجلترا خلال اجتماعاته الأخيرة على التزام الموقف الحيادي في انتظار تلاشي حالة الغموض الحالية ووضوح معالم البريكست. رغم اعتمادية قرارات السياسة النقدية خلال العام الجاري إلا أن فرص ارتفاع الفائدة تظل هي الأرجح بالنظر إلى تطورات الوضع الاقتصادي، وإن ظلت مرهونة بمستجدات خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي.
البريكست: إلى أين؟
سيطر غموض البريكست على توجهات السياسة النقدية خلال الشهور الأخيرة خاصة مع انقسام الموقف المحلي حول الطريقة المثلى للخروج من الاتحاد واقتراب موعد البريكست في التاسع والعشرون من مارس الجاري. ساهم في تهدئة مخاوف الأسواق سعي البرلمان وتصويته لصالح استبعاد سيناريو الخروج بدون اتفاق وتكثيف الجهود للبحث عن طرق بديلة للبريكست بعد رفض اتفاق البريكست للحكومة البريطانية مرتين داخل المجلس.
إلا أن ذلك لم يقدم لبنك إنجلترا رؤية واضحة لتقييم تطلعات الوضع الاقتصادي بدقة وبالتالي تحديد اتجاهات السياسة النقدية للفترة القادمة. وقد شدد البنك خلال اجتماع مارس على تصاعد غموض البريكست بما يتطلب التزام الموقف الحيادي مؤكداً على أن تفاعل السياسة النقدية مع تطورات البريكست سوف يعتمد على تطورات الوضع الاقتصادي مع الاستعداد لتحريك الفائدة صعوداً أو هبوطاً.
على عكس المتوقع، أبقى البنك على فرص ارتفاع الفائدة فقط في حالة اتساق الوضع الاقتصادي مع التوقعات المعلنة في فبراير الماضي موضحاً أن خطوات رفع الفائدة ستتم بوتيرة تدريجية ومحدودة. وبالنظر إلى إيجابية البيانات الاقتصادية، تظل إحتمالات رفع الفائدة البريطانية قائمة للعام الجاري.. ولكنها تعتمد على اختيار المملكة المتحدة أياً من سيناريوهات البريكست التالية.
تمرير اتفاق البريكست وبدء الفترة الانتقالية.
بعد هزيمتين متتالين، تشير بعض الأنباء أن رئيسة الوزراء البريطانية تسعى لإجراء تصويت ثالث على اتفاق البريكست بعد محاولات لإدخال بعض التعديلات تجتذب من خلالها دعم المزيد من الأعضاء داخل البرلمان البريطاني. ومن المرجح أن يُعقد التصويت في وقت ما خلال الأسبوع المقبل وإن كانت الأنباء غير مؤكدة حتى الآن. لكن بيان رئيس المجلس جون بيركو الأسبوع الماضي شدد على أنه لن يتم إعادة التصويت على التشريع عينه أكثر من مرة، بما يعني أن تيريزا ماي تحتاج إلى إدخال تعديلات واضحة في مضمون الاتفاق لضمان الحصول على تصويت ثالث، مع ذلك تظل فرص ماي ضئيلة في تمرير الاتفاق الحالي خاصة مع ارتفاع المعارضة داخل المجلس.
لكن من وجهة نظر أكثر تفاؤلاً، فإن تمكنت تيريزا ماي من الحصول على تأييد عدد أكبر من أعضاء البرلمان لصالح خطتها الحالية بدون تأجيل للبريكست، فسيكون هذا السيناريو داعماً لفرص ارتفاع الفائدة البريطانية على المدى القريب. تبدد حالة الغموض يعني محاولة الاقتصاد في التعافي خاصة مع نمو الأجور بأسرع وتيرة لها منذ الأزمة العالمية وانخفاض البطالة. إلا أن ارتفاعات الجنيه الاسترليني في تلك الحالة قد تحد من صعود التضخم المحلي مع الوقت.
تمديد المادة 50 وتأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
هنا قرارات بنك إنجلترا سوف تتأثر بفترة التأجيل، سواء فترة طويلة أو قصيرة. في كلا الحالتين فإن التأجيل يعني استمرار الغموض وقد يعيد مخاوف الخروج بدون اتفاق إلى الأسواق خاصة مع التأجيل لفترة محدودة. ومن المقرر أن يعلن الاتحاد الأوروبي عن قراراه بشأن قبول أو رفض طلب تمديد المادة 50 عقب اجتماعات القمة الأوروبية اليوم. جدير بالذكر أن فرص رفض مطلب بريطانيا للتأجيل إلى 30 يونيو هي الأرجح خاصة مع انعقاد الانتخابات الأوروبية في الفترة بين 23 و 26 مايو المقبل. أم التمديد لما قبل ذلك قد يكون مقبولاً وإنما سيزيد الضغوط على تطلعات الاقتصاد البريطاني. في تلك الحالية سيكون خيار بنك إنجلترا هو التزام الموقف الحيادي الحذر.
على الجانب الأخر، فإن التأجيل حتى نهاية العام الجاري أو لما بعد قد يساهم في استقرار مستويات الثقة وبالتالي دعم الوضع الاقتصادي المحلي بما يترك مساحة محدودة لرفع الفائدة. لكن هذا سوف يعتمد على كيفية تفاعل الأعمال والأسر مع تلك المستجدات حيث من المرجح أن يستمر الغموض في الإثقال على سلوك الأسر واستثمارات الأعمال.
الخروج بدون اتفاق.
في حين أن هذا السيناريو بات مستبعداً خاصة بعد تصويت البرلمان البريطاني مؤخراً وسعي صناع القرار لتفاديه إلا أن فشل الحكومة البريطانية في التوصل إلى اتفاق يحظى بدعم البرلمان يبقي على هذا السيناريو قائماً. بشكل مجمل، فإن خروج بريطانيا بدون اتفاق سوف يضع الاقتصاد البريطاني على حافة الركود مع انخفاض حاد في مستويات الثقة وهو ما قد يدفع بنك إنجلترا إلى اللجوء لخفض الفائدة وربما إتخاذ المزيد من إجراءات التحفيز النقدي.