نظرة شاملة عن الاقتصاد الكندي وتأثيره على الحركة السعرية للدولار الكندي
في ظل ترقب المتداولون لتصريحات محافظ بنك كندا، بولوز، غدًا الثلاثاء في تمام الساعة 3:45 مساءً بتوقيت جرينتش، والتي من المؤكد أن يكون لها تأثير كبير على الحركة السعرية للدولار الكندى، فيجب علينا في البداية إلقاء نظرة على أحدث البيانات الاقتصادية الصادرة مؤخرًا في كندا لتكوين رؤية واضحة عن توجهات البنك خلال الفترة المقبلة وذلك من خلال الآتي:
- معدلات التوظيف
على الرغم من تراجع معدل التوظيف بمقدار 19.7 ألف وظيفة خلال إبريل الماضي، والذي يعد أدنى مستوى له على مدار ثمانية أشهر، في حين استقرت التوقعات على أن يسجل تراجعًا بمقدار 4.5 ألف وظيفة فقط بالمقارنة بالقراءة السابقة عند 28.7 ألف وظيفة، إلا أن المكونات الأساسية لتقرير التوظيف قد أظهرت تحسنًا كبيرًا في حالة العمالة.
فقد ارتفع معدل التوظيف بدوام كامل بمقدار 46.9 ألف وظيفة في إبريل، ولكن هذا لم يعوِض تأثير تراجع معدل التوظيف بالدوام الجزئي بمقدار 66.5 ألف وظيفة، والذي يرجع بشكل كبير إلى تسريح العمالة في قطاع التجزئة والبناء
بينما بدأت بيانات التوظيف في قطاع صناعة الموارد الطبيعية تُظهر علامات التعافي مرة أخرى عقب أن شهدت تراجعًا لعدة أشهر متتالية نظرًا لتراجع أسعار النفط، ومن ناحية أخرى، شهدت ألبرتا، المنطقة الرئيسية لإنتاج النفط في كندا، ارتفاعًا في معدل التوظيف بمقدار 12.5 ألف وظيفة في إبريل الماضي، مما يشير إلى بدء تباطؤ وتيرة إنخفاض معدل التوظيف وبداية تعافيه مرة أخرى.
- إنفاق المستهلكين
أشار تقرير مبيعات التجزئة الكندية الصادر مؤخرًا إلى ارتفاع معدل إنفاق المستهلكين بنسبة 1.7% خلال فبراير الماضي، بينما سجلت مبيعات التجزئة بقيمتها الأساسية ارتفاعًا بنسبة 2.0%، مما يشير إلى أن أحوال الطقس الكندية لم تعد تمثل عائقًا أمام المستهلكين، كما حققت جميع مبيعات تجزئة القطاعات الفرعية ارتفاعًا خلال نفس الفترة بنسبة 5.6% في مبيعات البضائع العامة، كما أظهر التقرير زيادة إنفاق المواطنين على الغذاء والمشرويات والوقود بالرغم من أن جزء من هذا الارتفاع في البيانات قد يرجع إلى الزيادة في الأسعار مدعومة بانخفاض قيمة الدولار الكندي.
- النشاط التجاري
لقد شهد النشاط التجاري أيضًا تحسنًا خاصًة في قطاع الصناعات التحويلية، فقد سجل مؤشر مديري المشتريات لكلية أيفي ارتفاعًا في إبريل الماضي إلى 58.2 ليفوق بذلك التوقعات التي استقرت على أن يسجل 50.1 بالمقارنة بالقراءة السابقة عند 47.9، الأمر الذي يعكس وتيرة أسرع من المتوقع للنمو في قطاع الصناعة الكندي، هذا، بالإضافة إلى انتعاش مبيعات الصناعات التحويلية لتسجل 2.9% خلال مارس الماضي.
ولكن على الرغم من ذلك التعافي، إلا أن تقرير الميزان التجاري قد أظهر عجزًا خلال مارس الماضي بمقدار 3.0 مليار بالإضافة إلى ارتفاع القراءة المراجعة لتسجل عجزًا بقيمة 2.2 مليار دولار كندي، ذلك في ظل زيادة حجم الواردات بنسبة 2.2%، بينما شهدت الصادرات زيادة بنسبة 0.4% فقط، نتيجة لاستمرار تراجع شحنات البترول والنفط الخام.
جدير بالذكر، تراجع حجم الصادرات إلى الولايات المتحدة بنسبة 0.9%، مما يشير إلى تراجع الاعتماد على النفط الكندي خاصًة في ظل ارتفاع مخزون النفط الخام في الولايات المتحدة، وبالتالي من الممكن أن يكون لمثل هذا الأمر تأثير على الاقتصاد الكندي خلال الفترة المقبلة على اعتبار أن ما يقرب من 65% من الصادرات الكندية تذهب إلى الولايات المتحدة.
- معدلات التضخم
عقب إعلان بنك كندا المفاجئ بخفض معدلات الفائدة بهدف دعم معدلات النمو الاقتصادي من التراجع الحاد في مستوى الأسعار، استطاعت كندا أن تسجل ارتفاعًا في قيمة أسعار المستهلكين لتفوق التوقعات خلال مارس الماضي، مما دعم تراجع الدولار الكندي مقابل معظم العملات الرئيسية في ذلك الوقت، بالإضافة إلى زيادة الضغوط على العملة المحلية في ظل تراجع مستوى الأسعار.
فقد سجلت معدلات التضخم تعافيًا من 1.0% إلى 1.2%، بينما ارتفعت معدلات التضخم بقيمتها الأساسية إلى 2.4، والذي يعد أعلى مستوى لها على مدار ستة أعوام، مدعومًا بإرتفاع معظم المكونات الرئيسية الثمانية المكونة لمؤشر أسعار المستهلكين ماعدا قطاع النقل الذي سجل تراجعًا في التكاليف بنسبة 3.9%، وهو الأمر الذي يشير إلى استمرار تأثير تراجع أسعار النفط على القطاعات الكندية بشكل واضح.
نستنتج مما سبق، أنه على الرغم من أن البيانات الصادرة مؤخرًا في كندا تشير إلى بدء تعافي معدلات النمو الاقتصادي خاصًة في بدء تعافي أسعار النفط مرة أخرى، والنظرة الإيجابية لمحافظ بنك كندا، بولوز، بشأن التحسن الذي سجله الاقتصاد الكندي خلال الآونة الأخيرة عقب تصريحه أنه من المحتمل أن لا يتم خفض معدلات الفائدة مرة أخرى، إلا أن الحركة السعرية للدولار الكندي لا تزال تتوقف على مدى دعم البيانات الاقتصادية القادمة لهذه النظرة الإيجابية أم لا.