العام الجديد يحمل العديد من المفاجئات للاتحاد الأوروبي
شهدت الأوضاع السياسية في منطقة اليورو خلال العام الماضي حالة من التقلبات، فقد تتسبب المشاحنات بين المتطرفين من حزب اليمين واليسار في تشكيل تهديدات للأحزاب الرئيسية بالبلاد، وسوف نشهد هذه الأوضاع مجددًا خلال العام الجاري في ظل ظهور حركات مناهضة للمؤسسات وحركات مناهضة لسياسة التقشف مما قد يثير سخط الاتحاد الأوروبي بوجٍه عام.
وجدير بالملاحظة أن من أحد العوامل الهامة التي سوف تدعم التيارات الرئيسية للأحزاب هي معدلات البطالة، حيث سجلت أعداد الأشخاص الباحثين عن العمل في فرنسا أعلى مستوياتها خلال العام الماضي، بالإضافة إلى ارتفاع أعداد العاطلين خلال شهر نوفمبر بمقدار 27.000 لتصل إلى 3.488.300 كما ارتفعت نسبة الباحثين عن عمل بنحو 5.8% خلال العام الماضي، هذا بالإضافة إلى أن ربع سكان إسبانيا واليونان لا يستطيعون الحصول على وظائف ومما لا شك فيه فإن معدلات البطالة المرتفعة قد أثرت سلبًا على اقتصاد منطقة اليورو لفترة طويلة من الوقت، حيت تشهد إحدى عشر دولة بمنطقة اليورو نسب مرتفعة من البطالة.
وتترقب الأسواق العديد من الاتخابات بمنطقة اليورو مع ملاحظة وجود أحزاب جديدة قد تلعب دورًا هامًا خلال هذه المرحلة، فمن المتوقع أن تنتخب اليونان حزب "سيريزا" خلال شهر يناير والذي يتزعمه "اليكس تيسبراس" البالغ من العمر أربعون عامًا والذي يتصدر قائمة استطلاعات الرأي في الوقت الراهن وفي حالة فوز هذا الحزب بالانتخابات فمن المتوقع أن يقوم باتخاذ إجراءات هيكلية لتخفيف عبء الدين في اليونان، الأمر الذي سوف يثير مخاوف الاتحاد الأوروبي إزاء احتمالية عودة الأزمة اليونانية مرة أخرى.
ومن ناحية أخرى، تتجه إسبانيا لمرحلة استطلاعات الرأي في وقت لاحق بالعام مع ملاحظة وجود حزب قوي جديد يدعى بـ "بوديموس" وهو حزب مناهض للإجراءات التقشفية، الجدير بالذكر أن هذا الحزب استطاع الحصول على خمسة مقاعد في مجلس النواب الأوروبي ومنهم زعيم الحزب "بابلو ايجلاسيس" البالغ من العمر 36 عامًا خلال أربعة شهور فقط من تأسيسه، ويدعو العديد هذا الحزب بـ "اليسار المتطرف" وكان رفيق الشعب بشكل غير متوقع خلال أعياد الميلاد السابقة ولم يكن اي حزب آخر يشاركه الاحتفالات ما عدا الملك "فيليبي" الذي ردد المشاعر اليسارية في خطاب عيد الميلاد، داعيًا البلاد إلى "تجديد الحياة السياسية، ومعالجة الفساد والدفاع عن دولة الرفاهية الاجتماعية".
هذا، وسوف تشهد كلًا من المملكة المتحدة والبرتغال والدنمارك وفنلندا وايستونيا انتخابات خلال هذا العام ولا يعير احد اهتمامًا لإيطاليا حيث تشهد فيها الأوضاع السياسية فيها حالة من عدم الاتزان مع وجود خلافات بين رئيس الوزراء "ماتيو رينزي" مع حزبه خلال الفترة الأخيرة، وقد تجنبت السويد عقد انتخابات مبكرة بعدما توصلت إلى اتفاق خلال شهر ديسمبر مع حزب معارض مما سوف يسمح لها بالاحتفاظ بحزب " الديمقراطية الاجتماعية" حتى عام 2018.
وتترقب أوروبا أيضًا نتائج انتخابات المملكة المتحدة خلال شهر مايو وقد دعا رئيس الوزراء "ديفيد كاميرون" لإعادة انتخابه للدعوة إلى لاستفتاء الاتحاد الأوروبي في عام 2017، وفي حالة فوز "حزب المحافظيين" وتم إجراء الاستفتاء فمن المتوقع تراجع أعداد المصوتين بـ "نعم" خاصة مع وجود عدة تساؤلات حول وضع الاتحاد الأوروبي من حيث معدلات الهجرة وضعف أداء منطقة اليورو.
ويلاحظ وجود شكوك حول نجاح مشروع رئيس اللجنة لدعم الاقتصاد الأوروبى بإستثمارات قدرها 300 مليار يورو لتشابهها مع الحملة التى تم إعلانها خلال عام 2012 والتي لم تحقق نجاحاً.
ولم يتمكن السياسيون من إيجاد حل للمشاكل السياسية بعدما حاذت اللجنة الأوروبية الجديدة على سلطة التحكم فى أولويات الإنفاق وبعض السلطات الأساسية لمجلس النواب المحلى.
هذا، ويجب على اللجنة الأوروبية الجديدة أن تظهر قدرتها على تطبيق إصلاحات جذرية فى ضوء الانطباع السلبى لدى المواطنين بشأن الاتحاد الأوروبى.
على صعيد أخر، يأمل البعض أن يبقى سعر صرف اليورو منخفضاً من أجل زيادة الصادرات ودعم الطلب المحلى. يرى هؤلاء ومنهم ألمانيا أنه لابد من إتخاذ إجراءات هيكلية فى بعض دول منطقة اليورو ولا يجب أن يتم التقليل من الإجراءات المتخذة من خلال توفر سندات البنك المركزي الأوروبي.
هذا، وتأمل الأسواق أن يعلن البنك المركزى الأوروبى التيسير النقدى خلال الثلاثة أشهر الأولى من عام 2015، ليقوم بشراء جميع السندات الحكومية ويرفع الموازنة العامة ويقوم بطباعة الأموال مما سوف يؤدى إلى تزايد طلبات الشراء، إلا ان الأمر لن يكون بهذه السهولة كما يتوقع البعض.
مرة أخرى، تتجه أنظار السياسيين والمستثمرين إلى تصريحات "دراجى" محافظ البنك المركزى الأوروبى، ترقباً لبدء إجراءات التيسير النقدى.
كما تشير التوقعات إلى نمو الاقتصاد الفرنسى بنسبة 0.7% فى أفضل الأحوال. وعلى الرغم من أن إيطاليا قد تنجو من خطر الركود إلا أن النمو فى منطقة اليورو ككل لن يتعدى نسبة 1% كما تشير التوقعات. مثل هذه التوقعات لا تنبؤ بأى تحسن فى معدلات البطالة التى لاتزال مستقرة عند 11.7%
تشير التوقعات إلى زيادة معدل النمو للاتحاد الأوروبى بنسبة 1.5% فقط وفى منطقة اليورو بنسبة 1.1%. ومن المؤكد أن ألمانيا سوف تستعيد مكانتها كأقوى دولة بمنطقة اليورو إلا إنها لن تكون هى المحرك الأساسى للمنطقة كما كانت من قبل، فقد أشارت التوقعات إلى نمو الاقتصاد الألمانى بنسبة 0.8% خلال عام 2015 مقابل التوقعات الأولية عند 1.5%.
كان مؤشر أسعار المستهلكين بمنطقة اليورو قد سجل ارتفاعاً بنسبة 0.3% فحسب خلال شهر نوفمبر مقابل 0.4% فى أكتوبر. فلا يزال خطر الركود قائماً خاصة مع تراجع أسعار المستهلكين الأسبانى بنسبة -1.1% على أساس سنوى.
قد يبقى التعافى الاقتصادى خلال عام 2015 غير مستقراًمع تراجع طلبات الشراء فى ضوء ارتفاع معدلات البطالة وضعف الأجور.