بعد مرور عام على الاستفتاء البريطاني.. ما حدث في الاقتصاد والاسترليني
في نفس ذات اليوم من العام الماضي مر الاقتصاد العالمي بصدمة غير مسبوقة. فكان يوم 23 يونيو 2016 هو موعد الاستفتاء البريطاني الذي آلى لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي على غير المتوقع. وعلى إثر هذا الاستفتاء ازدادت مخاوف حدوث أزمة عالمية جديدة حيث تكبدت الأسواق العالمية وقتها العديد من الخسائر.
ومنذ ذلك الوقت يسعى صناع القرار داخل المملكة المتحدة سواء من الحكومة أو بنك انجلترا بث الطمأنينة في الأسواق. وكانت الأسواق تتأهب لانزلاق الاقتصاد البريطاني إلى الركود. ولكن أعرب بنك انجلترا عن استعداده لاتخاذ كافة التدابير الضرورية لدفع الاقتصاد بعيدًا عن مرحلة الانكماش.. وبالفعل أعلن في أغسطس الماضي عن اتخاذ تدابير تسهيلية جديدة وقام بخفض الفائدة وزيادة حجم مشتريات الأصول لتعزيز النمو الاقتصادي ولضمان استقرار الأوضاع. وبعد عام على مرورالاستفتاء تمكن الاقتصاد البريطاني من إظهار تعافيًا ملحوظًا، بل وأثبت قدرته على المرونة والتأقلم مع الأوضاع بالرغم من استمرار التحديات التي تواجهه.
- ماذا حدث في قيمة الجنيه الاسترليني؟
سجل الاسترليني أسوأ أداء مقارنة بباقي العملات الرئيسية خلال عام 2016 بعدما صوت 17.4 مليون مواطن للخروج من الاتحاد الأوروبي. ويُذكر أنه مع افتتاح لجان الاقتراع ارتفعت العملة مقابل الدولار إلى مستويات 1.50، حيث كانت الأسواق تستعبد الخروج نهائيًا. ولكن بمجرد الإعلان عن خروج بريطانيا انزلقت العملة إلى مستويات 1.33 (أدنى مستوياتها على مدار 33 عام). ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل واصلت العملة تراجعها بنسبة 20% بعد الاستفتاء لتصل إلى مستويات 1.20 في يناير الماضي.
ولم يسترجع الاسترليني عافيته حتى الأن من صدمة الخروج، فبالكاد نجح في الاستقرار أعلى مستويات 1.30 بمجرد إعلان رئيسة الوزراء تيريزا ماي عن انعقاد انتخابات بريطانية مبكرة لترتفع العملة بنسبة 2.2%، وعاد الضغط البيعي للسيطرة على التداولات من جديد ليستقر الزوج في الوقت الراهن قرابة مستويات 1.27.
- الأسهم البريطانية:
حقق المؤشر الرئيسي البريطاني FTSE مكاسب تصل إلى 20%. وقد أظهرت البيانات أن 75% من عائدات المؤشر من شركات أجنبية خارج المملكة المتحدة، فتراجع الاسترليني ساهم في زيادة أرباح تلك الشركات بشكل كبير عندما تم تحويلها إلى الاسترليني. ولكن عانى تجار التجزئة كثيرًا من زيادة المخاوف، استحواذ حالة من القلق على المستثمرين، وتقلص وتيرة نمو الأجور، وانعكس هذا الأمر على تراجع العديد من المؤشرات المحلية.
- معدلات التضخم:-
تسبب تهاوي قيمة الاسترليني في نمو التضخم بوتيرة قوية ليستقر في النهاية عند نسبة 2.9% في مايو (أقوى وتيرة نمو منذ يونيو 2013). وازدادت مطالب البدء في وتيرة التشديد النقدي ورفع الفائدة في أسرع وقت للتحكم في مخاطر نمو التضخم. ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار، أن التباين بين نمو التضخم والأجور يضع بنك انجلترا في مأزق خاصة وأن رفع الفائدة في الوقت الراهن سيُزيد الضغوط على إنفاق الأسر وبالتالي النمو الاقتصادي.
- معدلات البطالة:-
كانت معدلات البطالة أكبر المستفيدين من الاستفتاء البريطاني. فقد واصلت تراجعها لتستقر في التهاية عند أدنى مستوياتها منذ عام 1975 عند 4.6%.
- ماذا سيحدث بعد ذلك؟
من المقرر أن تبدا مفاوضات الخروج رسميًا ابتداءًا من يوم الأثنين القادم على أن تستمر المفاوضات حتى مارس 2019, ويسعى كلا الطرفين جاهدين للوصول إلى أفضل اتفاق لا يضر مصالحهم. إلا أن سيكون على المملكة المتحدة تقديم بعض التنازلات خاصة بعدما فشلت تيريزا ماي في الحصول على الأغلبية المطلقة وخسارة حزب المحافظين عدد من المقاعد في مجلس العموم.