لمحة عن أخر تطورات سوق العمل للاقتصادات الرئيسية وتأثيرها على سياسات البنوك
طوال الأعوام المنصرمة لعب قطاع سوق العمل دورًا محوريًا في توجهات أغلب البنوك المركزية على الصعيد العالمي. ويطل علينا من حين لأخر أغلب صناع القرار ليؤكدوا على أهمية القطاع ومراقبتهم الدائمة لوتيرة نموه عن كثب. فكان قطاع سوق العمل من العوامل الرئيسية التي دعمت استمرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في وتيرة التشديد النقدي ورفع الفائدة أكثر من مرة. على الجانب الأخر.. لجأت بعض البنوك مثل الاحتياطي الاسترالي والنيوزلندي إلى السياسات التسهيلية لتحفيز الاقتصاد مع تباطؤ نمو القطاع. ويجب الأخذ بعين الاعتبار.. أنه في بعض الأحيان يثقل تباطؤ نمو الأجور ومستويات التوظيف على التضخم، بل وقد يدفع الاقتصادات إلى الركود إذا لم يتدخل صناع القرار في الوقت الملائم.
سوق العمل الأمريكي:-
- أضاف سوق العمل 211 ألف وظيفة في إبريل.
- تراجعت معدلات البطالة من 4.5% إلى 4.4%.
- ارتفعت معدلات الأجور بنسبة 0.3% على أساس شهري، وبنسبة 2.5% على أساس سنوي.
في بداية العام الجاري استحوذت حالة من الضعف على قطاع سوق العمل الأمريكي، ولكنه تمكن من استعادة عافيته نوعًا ما الشهر الماضي لتعود ثقة الأسواق من جديد حيال نمو القطاع بوتيرة قوية الفترة المقبلة. ولكن مازال هناك العديد من التحديات التي تواجه القطاع مع استقرار نسب المشاركة في سوق العمل قرابة أدنى مستوياتها منذ إحدى عشر شهرًا. وفي حالة استمرار تراجعها الفترة المقبلة، سيكون على الفيدرالي الأمريكي التدخل بكل ما أوتي من قوة حتى لا تعود مخاوف ركود القطاع لتلوح في الأفق من جديد (هل من الممكن أن يعاني سوق العمل الأمريكي من ركود؟).
سوق العمل النيوزلندي:-
- سجل القطاع نموًا بوتيرة قوية خلال الربع الأول من العام.
- تراجعت معدلات البطالة من 5.2% إلى 4.9%.
- ارتفعت معدلات التوظيف بنسبة 1.2%.
فتراجع معدلات البطالة إلى أدنى مستوياتها منذ ستة أشهر، وزيادة نسب المشاركة في سوق العمل إلى 70.6%.. جعل الأسواق تتهيأ لاستئناف قطاع سوق العمل رحلة تعافيه من جديد، بل قد يكون القطاع داعمًا رئيسيًا لعدم اتخاذ تدابير تسهيلية جديدة واتجاه الاحتياطي النيوزلندي نحو سياسة التشديد النقدي. ويبدو أن الدولار النيولندي أكثر المستفيدين من تحسن أغلب القطاعات لا سيما قطاع سوق العمل ليستعيد مكانته أمام أغلب العملات الرئيسية، فمنذ صدور بيانات سوق العمل ارتفع زوج النيوزلندي دولار ما يتخطى 150 نقطة ليتم تداوله حاليًا قرابة المستوى 0.7040.
سوق العمل الكندي:-
- تراجعت معدلات البطالة من 6.7% إلى 6.5%.
- تراجع أعداد الموظفين بدوام كامل.
- إضافة سوق العمل 3.2 ألف.
وبالانتقال إلى سوق العمل في كندا.. نجد استمرار التحديات التي تقف أمام نموه. فقد ازدادت مخاوف عدم استدامة نمو القطاع الفترة المقبلة خاصة بعدما أظهرت البيانات الأخيرة تراجع نسب المشاركة إلى نسبة 65.6%، وتراجع أعداد الموظفين بدوام كامل.
ولكن على ما يبدو أن الوضع الاقتصادي في كندا مختلف نوعًا ما. فبالرغم من تباطؤ نمو قطاع سوق العمل، إلا أن الدولار الكندي قد حقق مكاسب قوية مقابل أغلب العملات خاصة أمام الدولار الأمريكي. وقد يعود السبب وراء هذا الارتفاع إلى تعافي أسعار النفط العالمية والتي أدت إلى زيادة الثقة في نمو الاقتصاد الكندي (النفط يتعافى مع آمال مد الأوبك اتفاقية الخفض، فهل يتبعه الدولار الكندي!).
سوق العمل البريطاني:-
- يواجه القطاع العديد من التحديات.
- تراجعت معدلات البطالة إلى نسبة 4.6%.
- ارتفعت إعانات البطالة بمقدار 19.4 ألف.
شهد قطاع سوق العمل في المملكة المتحدة تحسنًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة. حيث تراجعت معدلات البطالة إلى أدنى مستوياتها على مدار 42 عام، وارتفعت معدلات التوظيف بنسبة 74.8%. ولكن بشكل مجمل، هناك العديد من المخاطر التي تواجه استدامة نمو القطاع والاقتصاد البريطاني الفترة المقبلة والمتمثلة في تباين وتيرة نمو الأجور بالتضخم... الأمر الذي يجعلنا نرجح استمرار استحواذ حالة من عدم اليقين على القطاعات الرئيسية داخل المملكة المتحدة. وقد ينتج عن هذا الأمر تراجع الانفاق الاستهلاكي ما لم يتمكن بنك انجلترا من إيجاد حلول فعالة.
سوق العمل الاسترالي:-
- استمرار تباين أوضاع القطاع.
- تراجع البطالة إلى نسبة 5.7%.
- ارتفاع التغير في التوظيف بمقدار 37.4 ألف.
وفي النهاية... وبالانتقال إلى سوق العمل الاسترالي نجد أنه يعاني من نفس المشكلة التي ذكرناها في كندا، ألا وهي تراجع أعداد الموظفين بدوام كامل، الأمر الذي جعل البعض يتخوف من عدم استدامة نمو القطاع. وعلينا الأخذ بعين الاعتبار، التداعيات السلبية الناجمة عن تراجع أعداد الوظائف بدوام كامل والمتمثلة في تراجع مستويات انفاق الأسر إذا استمر الوضع هكذا لفترة طويلة، لينتهي المطاف بتباطؤ نمو الاقتصاد الاسترالي. ولكن من المتوقع أن يفضل الاحتياطي الاسترالي ترقب المزيد من البيانات الفترة المقبلة، خاصة وأن اتخاذ تدابير تسهيلية جديدة ستُزيد من مخاطر سوق الإسكان، وهو أمر لا يريده في الوقت الراهن.