لأي مدى قد ينجح اقتصاد اليورو في اللحاق بنظيره الأمريكي!
على الرغم من الفجوة بين الاقتصادين الأوروبي والأمريكي، إلا أنه لا يمكن إنكار محاولات اقتصاد اليورو في التعافي خلال الفترات الأخيرة وخاصة خلال الربع الأول من العام الجاري. فقد نجح الاقتصاد في اكتساب زخم واضح والتعافي بوتيرة أسرع من نظيره الأمريكي في بعض الأحيان. يأتي هذا في الوقت الذي قللت فيه الأسواق من قدرة الاقتصاد الأوروبي على النجاة من كبوته الأخيرة.
كانت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي مطلع الشهر الجاري قد أوضحت نمو الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بنسبة 0.5% خلال الربع الأول، وارتفاع سنوي يقارب الـ 2% خلال نفس الفترة. في المقابل، نما الاقتصاد الأمريكي بنسبة 0.7% خلال الثلاثة شهور الأولى من العام مسجلاً ارتفاع سنوي بنسبة 2.2%.
لعل تلك البيانات تعكس مدى المبالغة في الفجوة بين كلا الاقتصادين. وبالرغم من أن بيانات النمو الأمريكي للربع الأول غالباً ما يتم مراجعتها على ارتفاع فيما بعد، لكن معدلات النمو الأوروبية لطالما حافظت على تماسكها مع الوقت بعكس النمو الأمريكي الذي يمر بمراحل من الضعف بين الحين والآخر. كما أن القطاع التصنيعي لمنطقة اليورو قد سجل أسرع وتيرة نمو على مدار ستة أعوام في إبريل الماضي، فيما تراجع نظيره الأمريكي في المقابل.
ولم تنحصر الارتفاعات على النمو والنشاط التصنيعي، فقد سجلت مستويات الثقة في تطلعات الوضع الاقتصادي تحسناً قوياً خلال الشهور الماضية لتسجل أعلى مستويات قياسية لها منذ ما يقارب العشرة أعوام.
ربما تستقبل الأسواق محاولات المنطقة الأوروبية في التعافي بنحوٍ أقل إيجابية مقارنة بالاقتصاد الأمريكي نظراً لأن التعافي الأوروبي في مرحلة أكثر تأخراً. ففي حين أن اقتصاد اليورو قد حقق إنجازات ملحوظة مؤخراً، لكن لا يمكن إغفال حقيقة الوضع الحالي وهو استمرار وجود المزيد من التحديات أمام المنطقة الأوروبية. فعلى سبيل المثال، لازالت نسب البطالة بدول المنطقة مرتفعة نسبياً باستقرارها عند 9.5%، على الجانب الأخر هبطت مستويات البطالة الأمريكية لأدنى مستويات جديدة لها عند 4.4%.
وعلى صعيد السياسة النقدية، فتعكس استقرار التعافي بكلا الاقتصادين عند مراحل مختلفة. فقد بدأ الاحتياطي الفيدرالي عملية التشديد النقدي ورفع الفائدة فيما يواصل المركزي الأوروبي التزامه بالسياسة التوسعية. هذا، ولاتزال فرص تشديد السياسة النقدية ضعيفة حتى مع ارتفاع الآمال بتخلي البنك عن سياساته التسهيلية خلال العام القادم. كان محافظ البنك ماريو دراجي قد أوضح أن معدلات التضخم لاتزال بعيدة عن الهدف، بينما تم الإشادة بتحسن الأداء الاقتصادي وتلاشي المخاطر الهبوطية على اقتصاد المنطقة.
هذا، وتستمر العقبات التي تواجه مستقبل الاقتصاد الأوروبي، فبعد الانتخابات الفرنسية سوف تنبع المخاوف من مصادر جديدة أبرزها الانتخابات الإيطالية. لكن في النهاية مازالت الأسواق تعلق آمال مرتفعة على صلابة اقتصاد اليورو وقدرته على مواجهة تلك التحديات والمضي قدماً نحو الازدهار من جديد.