هل يساهم خفض الضرائب في دعم الدولار الأمريكي؟
عاود الدولار الأمريكي ارتفاعه من جديد بعد حالة الضعف التي انتابته طوال الفترة الماضية مع تنامي حدة التوتر الجيوسياسي. فقد نجح الدولار الأمريكي في تقليص بعض تلك الخسائر بعدما نجح ترامب إقناع مجلس النواب تمرير برنامج أوباما كير إلى مجلس الشيوخ. ومن شأن تلك الخطوة أن تُعيد الثقة في ترامب من جديد بشأن الوفاء بوعوده الانتخابية والتي تتضمن زيادة الانفاق على البنية التحتية وخفض الضرائب لتعزيز النمو الاقتصادي.
أيضًا من العوامل التي ساهمت في ارتفاع الدولار الأمريكي، زيادة التكهنات المتعلقة بمواصلة الفيدرالي الأمريكي وتيرة التشديد النقدي واتخاذ قرار رفع الفائدة في يونيو المقبل. ونجح الفيدرالي الأمريكي في بث الطمأنينة في الأسواق حيث أعرب عن ثقته في الاقتصاد الأمريكي، وأن البيانات المخيبة للآمال التي جاءت في مطلع العام الجاري تعود إلى عوامل مؤقتة، ومن المتوقع أن يواصل الاقتصاد نموه بوتيرة قوية الفترة المقبلة.
ودعم بعض صناع القرار كان أخرهم عضو الاحتياطي الفيدرالي ويليامز برفع الفائدة من مرتين إلى ثلاث مرات هذا العام بخلاف الرفع الذي تم في مارس. ويتوقع البعض أن تستقر معدلات الفائدة في النهاية عند نسبة 1.50%. وفي الوقت الذي تستقر فيه الأوضاع نسبيًا داخل الولايات المتحدة الأمريكية، نجد أن عائدات السندات تعاني من بعض الضعف. فمازالت عائدات السندات لأجل عامين تستقر دون نسبة 1.3%، بينما تحارب عائدات السندات لأجل عشرة أعوام جاهدة للاستقرار أعلى نسبة 2.50%.
- تباين الطلب على السندات الأمريكية:
نرى أن العديد من البنوك المركزية على الصعيد العالمي قد قامت بالتخلي عن السندات الأمريكية وعلى رأسهم بنك الصين الشعبي وبنك اليابان. وكان المتوقع أن تتراجع أسعار السندات بشكل قوي، ولكن نجد أنها لم تتهاوى كالمتوقع مع زيادة الطلب عليها مدعومة باستقرار الأوضاع المحلية.
ولكن بالنظر عن قرب على المملكة العربية السعودية خلال الفترة الماضية، نجد أنها قد قامت ببيع ما يقرب من 35 مليار دولار خلال الربع الأول والثاني والثالث من عام 2017. إلا أن الممكلة قامت بشراء السندات الأمريكية من جديد منذ سبتمبر 2016 وحتى فبراير 2017 بما يقرب من 24 مليار دولار كما أظهرت البيانات الأسبوع الماضي.
وعلى الرغم من استكمال الاحتياطي الفيدرالي وتيرة التشديد النقدي، إلا أن معدلات الفائدة مازالت مستقرة عند مستويات منخفضة مقارنة بالمستويات ما قبل الأزمة العالمية، الأمر الذي دفع المستثمرين اللجوء إلى السندات الطويلة الأجل وصناديق التحوط. فقد سجلت صناديق الاستثمارات المتداولة ما يقرب من 47 مليار خلال الربع الأول من العام الجاري لتستقر قرابة أعلى مستوياتها منذ عام 2013. وكانت صناديق الاستثمارات المتداولة وصناديق الدخل الثابت قد سجلت في العام المنصرم 52 مليار دولار. أما بالنسبة إلى صناديق الأسهم فقد سجلت ما يقرب من 60 مليار دولار خلال الربع الأول من العام.
- هل من الممكن أن يساهم خفض الضرائب في دفع الدولار الأمريكي؟
في البداية، علينا الوضع في الاعتبار أن شركات الأوفشور الأمريكية في الخارج لديها ما يقرب من 2.0 إلى 2.5 تريليون دولار. فوفقًا لأخر الاستطلاعات، نجد أن بعض أن الشركات الأوفشور التقنية كانت تملك ما يقرب من 200 مليار دولار من السندات في نهاية العام الماضي. فيجدر بالذكر، أن أغلب الشركات الأوفشور تفضل اللجوء إلى الدولار وشراء السندات الأمريكية. فعلى سبيل المثال، تمتلك شركة Apple أكبر مخزونات نقدية في الخارج تصل إلى نسبة 90% حوالي 250 مليار دولار. وبالتالي فخفض الضرائب قد لا يساهم بشكل قوي في ارتفاع الدولار. إلا أنه بالطبع سيكون له تأثير غير مباشر على النمو الاقتصادي.
وهذا ما يجعل البعض يتشكك في مصداقية تصريحات وزير الخزانة الأمريكي ستيفن مينوشن. فقد أشار في وقتٍ سابق بأن الملف الضريبي سيساهم في زيادة تدفقات رؤوس الأموال داخل الولايات المتحدة الأمريكية والتي ستدفع الدولار بالطبع للتحليق عاليًا. من الناحية النظرية، قد يرتفع الدولار بقوة إذا نجحت الإدارة الأمريكية في إعادة كافة رؤوس الأموال. وبالطبع من غير المرجح حدوث هذا.
- ماذا سيحدث إذا نجحت الإدارة الأمريكية في استعادة الأموال؟
فحتى لو نجحت الإدارة الأمريكية في جلب الاستثمارات داخل البلاد واستعادت كافة الأموال، سيكون لهذا الأمر تداعيات سلبية على الاقتصاد. يُذكر أن مؤسستين أعادا ما يقرب من 53 مليار دولار، ولكنهما قاما بتسريح عدد كبير من العاملين ما يقرب من 17 ألف موظف. وبالتالي قد تتأثر أغلب القطاعات بالسلب. وستزداد الضغعوطات على الاحتياطي الفيدرالي خلال استمراره في وتيرة التشديد النقدي.
إطلع أيضًا على: