السيناريو المتوقع لقرار وبيان الفائدة الأمريكية.. الأسواق تستعد لرفع الفائدة

السيناريو المتوقع لقرار وبيان الفائدة الأمريكية.. الأسواق تستعد لرفع الفائدة

تتأهب الأسواق لإقدام الفيدرالي الأمريكي على رفع الفائدة خلال اجتماعه المنعقد غداً. وقد تزايدت توقعات رفع الفائدة بشكل سريع خلال الآونة الأخيرة على خلفية التحسن المتواصل للأداء الاقتصادي، مما جعل الأسواق على يقين تام بأن موعد رفع الفائدة قد حان. وقد استندت تلك التوقعات بشكل قوي على الإيجابية الواضحة التي أظهرتها البيانات الاقتصادية على مدار الشهور الأخيرة مصحوبة بإشارة صناع القرار بلجنة الفيدرالي الأمريكي إلى اقتراب الاقتصاد من تحقيق هدفي التضخم والتوظيف، وهو ما يدعم الاستمرار في وتيرة التشديد النقدي هذا العام.

يجدر الإشارة أن قرار الفائدة لن يكون وحده محور اهتمام الأسواق، بل ستستحوذ التطلعات الاقتصادية وكذلك تصريحات محافظ البنك يلين خلال المؤتمر الصحفي على القطاع الأكبر من اهتمام السوق. فحتى مع رفع الفائدة سوف تتطلع الأسواق إلى معرفة توقعات البنك للوضع الاقتصادي وخطوات السياسية النقدية على المدى الطويل.

يأتي ذلك في الوقت الذي تبقى فيه سياسات ترامب مُحاطة بقدرٍ عال من الغموض، مما يُضفي حالة من عدم اليقين حول المستقبل المالي والاقتصادي للبلاد. لذلك سوف تراقب الأسواق بحذر نبرة البنك حيال السياسات المالية وإلى أي مدى سيكون الفيدرالي مستعداً لمواجهة التداعيات المحتملة.


قرار الفائدة.

مازالت توقعات الأسواق تصب في صالح رفع الفائدة الأمريكية من 0.75% إلى 1.00% خلال اجتماع هذا الشهر. وقد سجلت توقعات رفع الفائدة نسب قياسية خلال الآونة الأخير لتتجاوز الـ 90% وتستقر بالتحديد عن 93%، وذلك طبقاً لأداة الـ FedWatch والتي تقيس مدى تسعير الأسواق لإحتمالات رفع الفائدة. جاء هذا بعد أن كان الفيدرالي قد التزم نهجه الحذر على مدار العام الماضي إلى أن اتخذ القرار برفع الفائدة خلال اجتماع الأخير لعام 2016. وقد أشاد الفيدرالي بقوة الأداء الاقتصادي واقترابه من تحقيق الأهداف المحددة، مؤكداً على ملائمة الاستمرار في رفع الفائدة خلال 2017. وقد استقرت توقعات لجنة الفيدرالي على رفع الفائدة لثلاث مرات هذا العام إن واصل النمو الاقتصادي اتساقه مع النسب المتوقعة. وقد ساهمت قوة البيانات الاقتصادية في تعزيز توقعات رفع الفائدة بقوة.

  • سوق العمل: فقد نجح سوق العمل في اكتساب ثقة الأسواق من جديد منذ بداية العام الجاري، بتجاوزه للمستويات المتوقعة. وكان سوق العمل هو نقطة الضوء في الاقتصاد الأمريكي على مدار السنوات الأخيرة حيث تمكن من التعافي بوتيرة أسرع وأقوى من المتوقع. وقد أشادت يلين خلال شهادتها أمام مجلس الشيوخ بالتقدم الهائل الذي أحرزه سوق العمل خلال الفترات الأخيرة موضحة أنه تمكن من العودة إلى مستويات ما قبل الأزمة. هذا، وجاءت بيانات شهر فبراير لتعزز من يقين الأسواق بأن الاقتصاد الأمريكي مازال ضمن مساره الصحيح نحو تحقيق مستويات التوظيف الكاملة، مما يجعل رفع الفائدة هو الخيار الصائب في الوقت الحالي.

مستقبل الفائدة الأمريكية بعد بيانات التوظيف 

  • التضخم: حافظ التضخم على وتيرة ارتفاعه باتجاه هدف الفيدرالي. فقد سجل مؤشر أسعار المستهلكين ارتفاعات تخطت التوقعات خلال يناير الماضي بنسبة 0.6% على أساس شهري وبنسبة 2.5% على أساس سنوي. أما مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي (هدف الفيدرالي) فقط استقر عن نسبة 1.7% خلال نفس الفترة، قرابة الهدف المحدد عند 2%. بذلك يكون التضخم قد نجح في تجاوز العديد من العقبات التي وقفت حائلاً أمام تعافيه ولعل على رأسها ارتفاعات الدولار خلال السنوات الأخيرة والتي تسببت في ارتفاع المخاوف حول قدرة التضخم في التعافي من جديد خاصة مع أزمة أسعار الطاقة.
  • ثقة المستهلك: تحسنت ثقة المستهلك الأمريكي بشكل ملحوظ خلال فبراير الماضي لتقفز لى 114.8 نقطة، فيما كانت التوقعات قد أشارت إلى تراجع الثقة جراء غموض مستقبل البلاد تحت ولاية ترامب، إلا أن المستهلك الأمريكي تغلب على تلك المخاوف ليستعيد ثقته من جديد في اقتصاد البلاد.

توجهات صناع القرار. 

أجمعت تصريحات صناع القرار بالفيدرالي الأمريكي على استمرار النمو الاقتصادي بوتيرة أفضل من المتوقع، مما يجعل خيار رفع الفائدة مطروحاً بقوة خلال اجتماع مارس. كما علت تأكيدات أعضاء لجنة الفيدرالي على ملائمة رفع الفائدة على الأقل 3 مرات هذا العام، مع ترك المجال مفتوحاً أمام المزيد من رفع الفائدة طبقاً لمتطلبات الوضع الاقتصادي. 

جولة على طاولة اجتماعات الفيدرالي.. توجهات ورؤى الأعضاء


التطلعات الاقتصادية.

أوضحنا أن توقعات لجنة الفيدرالي الأمريكي للمسار الاقتصادي وخطوات السياسة النقدية على المدى الطويل سيكون لها التأثير الأقوى على تحركات الأسواق. فإن رفع اللجنة لتوقعات النمو الاقتصادي تعني أنها اكتسبت المزيد من الثقة في الاقتصاد المحلي مما سيعمل على تمهديد الطريق أمام تسريع وتيرة التشديد النقدي، وهذا ما سوف ينعكس على توقعات اللجنة لمسار رفع الفائدة. وفي هذه الحالة سوف نشهد ارتفاعات قوية للدولار الأمريكي. وقد لا يكون التأثير سلبي للغاية في حال الإبقاء على التطلعات الأخيرة دون تغيير. أما في حال خفض التطلعات أو عدد مرات رفع الفائدة خلال السنوات القادمة سيكون له تأثير معاكس على الدولار. وكانت تطلعات اللجنة لشهر ديسمبر قد استقرت على رفع الفائدة 3 مرات سنوياً حتى 2019.


سياسات ترامب.

مازالت خطط التحفيز المالي التي تعتزم إدارة ترامب تطبيقها هي المصدر الأكبر لحالة عدم اليقين. وفي حين أنها تسببت في تشتت الأسواق حيال المستقبل الاقتصادي للبلاد، إلا أن الأسواق مازالت تعلق آمالها على تلك السياسات لتقديم الدعم الكافي للاقتصاد بما يضمن الاستمرار في وتيرة التشديد النقدي. ولطالما أكد أعضاء الفيدرالي على أن السياسات المرتقبة سيكون لها تأثير على النمو الاقتصادي بشكل كبير خاصة إن قام ترامب بتنفيذ وعوده الانتخابية وتشكيل خطط إصلاح وتحفيز مالي موسعة لدعم الاقتصاد. هذا، وعلى الرغم من تأكيد الفيدرالي المتواصل على أن الأوضاع السياسية لن تتدخل في قرارات السياسة النقدية، لكن على ما يبدو إن تدابير التحفيز المالي لن تهدد مكاسب النمو الاقتصادي بل أنها قد تكون سبباً في تحقيق المزيد. لذلك فلن تكون المخاوف الناجمة عن تلك السياسات سبباً في ردع الفيدرالي عن إتخاذ قرار رفع الفائدة خاصةبعد القوة التي أظهرها الأداء الاقتصادي مؤخراً.


اقرأ أيضاً: 

توقعات المؤسسات والبنوك العالمية لقرار الفائدة الأمريكية 


قسم أبحاث السوق 

المتداول العربي 

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image