مارس، نقطة فاصلة في مسار الأسواق.. نظرة على تحركات البنوك المركزية المرتقبة

مارس، نقطة فاصلة في مسار الأسواق.. نظرة على تحركات البنوك المركزية المرتقبة


يشهد شهر مارس العديد من قرارات البنوك المركزية والتي قد تؤثر على مسار الأسواق خلال الفترة المقبلة. نظراً لأهمية تلك القرارات، فيما يلي نظرة على أبرز تحركات البنوك المركزية المرتقبة

 

الاحتياطي الفيدرالي

(15 مارس)

تتأهب الأسواق لإقدام الفيدرالي الأمريكي على رفع الفائدة الأمريكية خلال اجتماعه المقبل، وقد تبلورت مؤخراً توقعات رفع الفائدة استناداً على إيجابية البيانات الأمريكية على مدار الشهور الأخيرة مصحوبة بإشارة صناع القرار بلجنة الفيدرالي إلى اقتراب الاقتصاد من تحقيق هدفي التضخم والتوظيف وهو ما يدعم الاستمرار في وتيرة التشديد النقدي هذا العام. وكان الفيدرالي قد التزم نهجه الحذر على مدار العام الماضي إلى أن اتخذ القرار برفع الفائدة خلال اجتماع الأخير لعام 2016. وقد أشاد الفيدرالي بقوة الأداء الاقتصادي واقترابه من تحقيق الأهداف المحددة، مؤكداً على ملائمة الاستمرار في رفع الفائدة خلال 2017. وقد استقرت توقعات لجنة الفيدرالي على رفع الفائدة لثلاث مرات هذا العام إن واصل النمو الاقتصادي اتساقه مع النسب المتوقعة. على الجانب الأخر، جاءت تطورات الوضع السياسي لتثقل على تطلعات النمو الأمريكي خاصة مع غموض توجهات إدارة ترامب وتداعياتها على المسار الاقتصادي والتجاري للبلاد. فقد خلق هذا الغموض عبئاً على مسار رفع الفائدة. ولكن حتى الآن، مازالت توقعات الأسواق تميل إلى التفاؤل حول إجراءات التحفيز المالي آملاً في أن تقدم المزيد من الدعم للنمو الاقتصادي مما يضمن استمرار الفيدرالي في وتيرة التشديد النقدي، فيما ارتفعت بعض الآراء التي تؤيد إحتمالات رفع الفائدة بوتيرة أسرع من المتوقع خلال الفترات المقبلة. هذا، وقد أوضحت محافظ الفيدرالي الأمريكي جانيت يلين خلال شهادتها أمام  مجلس الشيوخ بأن الاقتصاد نجح في استعادة مستويات ما قبل الأزمة مما يُلائم الاستمرار في رفع الفائدة، كما شددت أن الانتظار طويلاً قبل رفع الفائدة من جديد لن يكون بالأمر الحكيم، حيث سيؤدي إلى تسريع وتيرة رفع الفائدة مستقبلاً.

هذا، وقد ارتفعت توقعات رفع الفائدة بواقع 25 نقطة أساسية خلال اجتماع مارس إلى 75.3% فيما تستقر نسبة 24.7% فقط في صالح الإبقاء عليها دون تغيير عند مستوياتها الحالية 0.50%. وذلك طبقاً لأداة الـ Fedwatch والتي تقيس مدى تسعير الأسواق لإحتمالات رفع الفائدة خلال كل اجتماع.

اقرأ أيضاً: 

كيف تستفيد من أداة الـ FedWatch في توقع قرار الفائدة الأمريكية

 


 

المركزي الأوروبي

(9 مارس)

أقر المركزي الأوروبي باستمرار التعافي الاقتصادي بالمنطقة مدعوماً بالإجراءات التسهيلية التي تم إتخاذها على مدار العام الماضي. وكان البنك قد أكد خلال اجتماعه الأخير على ملائمة السياسات الحالية للوضع الاقتصادي الراهن معززاً من قدرتها على دعم ارتفاع التضخم صوب الهدف المحدد عند النسبة 2%. و لكن على غرار الاقتصاد الأمريكي، أصبح اقتصاد اليورو مثقولاً بتوترات المشهد السياسي مؤخراً في عدد من بلدان المنطقة الأوروبية. حيث من المقرر أن يشهد هذا العام عدد من الانتخابات التي قد تُضفي المزيد من الغموض على تطلعات المنطقة ليس من الناحية السياسية فقط، بل والاقتصادية أيضاً. لذا من المتوقع أن يستمر البنك في نهجه الحذر خلال الاجتماعات المقبلة حتى تتضح معالم الوضع السياسي وتقييم تداعياته على الوضع الاقتصادي قبل التدخل من جديد. ومن جانبه، مازال المركزي الأوروبي على أتم الاستعداد لإتخاذ كافة التدابير اللازمة لدعم النمو الاقتصادي بالمنطقة. وقد أكد محافظ البنك ماريو دراجي بأن السياسات الحالية ستكون خاضعة لإعادة تقييم إن طرأت تغيرات جذرية على تطلعات الوضع الاقتصادي.


 

بنك إنجلترا

(16 مارس)

استمر الاقتصاد البريطاني تحت وطأة مخاطر الخروج من الإتحاد الأوروبي على الرغم من تحسنه غير المتوقع في أعقاب الاستفتاء. وقد أكد مارك كارني أن تحسن التطلعات على المدى القريب لا يلغي استمرار المخاطر الهبوطية على المدى المتوسط. كان البنك قد اتخذ قراره بخفض الفائدة وزيادة برنامج مشتريات الأصول خلال اجتماع أغسطس الماضي ضمن محاولات احتواء التداعيات الناجمة عن توتر الوضع السياسي على النشاط الاقتصادي. وقد ساهمت توقعات البنك في ارتفاع التضخم بوتيرة قوية خلال العامين المقبلين، إثر التراجع الهائل في قيمة الاسترليني منذ الاستفتاء، في تقلص إحتمالات اللجوء إلى المزيد من التدابير التسهيلية. عوضاً عن ذلك، اتجهت بعض التوقعات في صالح رفع الفائدة للسيطرة على الارتفاع المتوقع في معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة. ولكن أوضح كارني أن تشديد السياسة النقدية في الوقت الحالي سيشكل عبئاً على نمو الإنتاج والتوظيف مشدداً على مراقبة البنك لتطورات الوضع الاقتصادي بكل حذر مع الاستعداد للتدخل إما برفع الفائدة أو خفضها، طبقاً لما تقتضيه الحاجة. وعليه، تميل التوقعات في صالح إبقاء البنك على سياساته الحالية دون تغيرر خلال اجتماعه المقبل، ترقباً لما سوف تؤول إليه الأمور. وبشكل مجمل أصبح سيناريو رفع الفائدة هو الأقوى خاصة في ظل الارتفاعات القوية التي سجلها التضخم على مدار الشهور الأخيرة. أما الاسترليني فسيظل مثقولاً بغموض المشهد السياسي خاصة مع اقتراب الحكومة البريطانية من تفعيل المادة 50 وبدء مفاوضات الخروج الرسمي من الإتحاد الأوروبي خلال مارس الجاري.


 

بنك اليابان

(16 مارس)

كان بنك اليابان قد أدخل بعض التعديلات على إطار عمل السياسة النقدية بهدف تقديم الدعم الازم لارتفاع التضخم صوب الهدف. تضمنت تلك التعديلات التحكم في منحنى العائد، مضاعفة حجم المشتريات من صناديق المؤشرات، مشتريات الأوراق الماية وسندات الشركات. وكذلك قام البنك بمضاعفة الإقراض بالدولار الأمريكي. يأتي ذلك في الوقت الذي تتزايد فيه مخاوف فشل التضخم في استهداف المستويات المرجوة، مما جعل البنك يؤكد بشكل متواصل على استعداده للتدخل وإتخاذ كافة ما يلزم لضمان وصول التضخم إلى الهدف. هذا، ويعزز البنك من ضرورة استقرار سعر الصرف في دعم الأداء الاقتصادي. جدير بالذكر أن الوقت الراهن لا يعد الوقت الأمثل للتدخل حيث تستعد الأسواق لإعلان إدارة ترامب عن توجهاتها التجارية خلال الفترة المقبلة والتي سوف تُعيد تشكيل مسار التجارة العالمية، وبالتالي تؤثر على النشاط التجاري لليابان والعملة المحلية. لهذا تصب توقعات الأسواق في صالح إبقاء بنك اليابان على سياساته الحالية دون تغيير والتمهل حتى تستقر الأوضاع العالمية قبل التدخل مرة جديدة.


 

بنك كندا

(1 مارس)

استهل بنك كندا سلسلة تحركات البنوك المركزية هذا الشهر. وقد واصل البنك التزامه بالسياسات الحالية مؤكداً على ملائمتها للوضع الراهن. هذا، وأشاد البنك بالتعافي الأخير الذي سجلته مستويات التضخم بدعم من ارتفاع أسعار الطاقة خلال الىونة الأخيرة، مُعرباً عن رغبته في التأكد من مدى استدامة هذا الارتفاع. بشكل مجمل جاءت نبرة البنك محايدة حول التطورات الأخيرة. ويأتي الاقتصاد الكندي في مقدمة اقتصادات العالم التي تترقب بحذر تداعيات سياسة ترامب على الاقتصاد العالمي، حيث تعتبر الولايات المتحدة أكبر الشركاء التجاريين لكندا. لذلك سيكون الاقتصاد الكندي الأكثر عُرضة لتغيرات السياسة الأمريكية. وتبقى تطلعات السياسة النقدية بكندا محايدة في الوقت الراهن حتى تكوين صورة أوضح عن السياسات الأمريكية.


 

الاحتياطي الاسترالي

(7 مارس)

عزز استقرار الأوضاع المحلية مؤخراً من إحتمالات إبقاء الاحتياطي الاسترالي على معدلات الفائدة دون تغيير. وتراقب الأسواق بحذر مجريات الوضع الاقتصادي حيث اتسمت البيانات الاقتصادية مؤخراً بقدر مرتفع من التباين، مما يُبقي على إحتمالات لجوء البنك إلى المزيد من خفض الفائدة خلال الشهور المقبلة. أما عن اجتماع مارس الجاري، فعلى الأرجح سينحاز البنك إلى ضرورة التمهل لفترة أطول من الوقت قبل التدخل مجدداً من أجل إتاحة الوقت الكافي لاستفادة الاقتصاد من الإجراءات التحفيزية الأخيرة. هذا، وتتابع الأسواق بشكل خاص تطورات الوضع الصيني لما لها من تأثير على النشاط التجاري الاسترالي، فضلاً عن أسعار السلع والتي أوضع البنك خلال بيانه الأخير أنها قد شهدت تعافياً ملحوظاً خلال الآونة الأخيرة بعد تراجع دام لسنوات. وعلى الجانب الأخر، من المتوقع أن يواصل البنك تأكيده مجدداً على ارتفاع حالة عدم  اليقين على المستوى العالمي، مع التشديد على ارتفاع قيمة الدولار الاسترالي عن المستويات المستهدفة تجارياً مما قد يضع المزيد من الأعباء على عملية التعافي الاقتصادي.

 


 

الاحتياطي النيوزلندي

(22 مارس)

تصب التوقعات في صالح إبقاء البنك على مستويات الفائدة دون تغيير خاصة بعد أن تحلت نبرة الاحتياطي النيوزلندي بالإيجابية حول تطورات الوضع الاقتصادي مؤخراً. وقد أوضح محافظ البنك جرايمي ويلر أن إحتمالات رفع الفائدة أو خفضها باتت متساوية بعد التعافي الأخير في معدلات التضخم. الأمر الذي جعل الأسواق ترجح إحتمالية استقرار الفائدة عند مستوياتها الحالية لحين التأكد من استدامة تعافي التضخم مما يضمن رفع الفائدة في نهاية المطاف. وكسائر البنوك المركزية، من المتوقع ان يؤكد البنك مرة جديدة على استحواذ الغموض على تطلعات الاقتصاد العالمي والاستعداد للتفاعل مع تغيرات الأوضاع العالمية باستخدام كافة أدوات السياسة النقدية المتاحة.


 

البنك الوطني السويسري

(16 مارس)

هدأت توترات الوضع الاقتصادي السويسري منذ العام الماضي ، مما قلل من مخاوف تدخل البنك الوطني السويسري مرة جديدة في الأسواق المالية للحد من ارتفاعات الفرنك المبالغ فيها. على الجانب الأخر، مازال البنك يبدي كامل الاستعداد للتدخل في حال ارتفعت قيمة الفرنك بشكل قوي أو مفاجئ مما قد يضر بمصالح الاقتصاد السويسري. هذا، ويبقى الخطر الرئيسي أمام الوطني السويسري هو ارتفاع حدة التوتير السياسي بمنطقة اليورو تزامناً مع تباطؤ الأداء الاقتصادي بمنطقة اليورو مما يعزز من إحتمالات تدخل البنك المركزي الأوروبي والإعلان عن المزيد من التدابير التحفيزية، الأمر الذي قد يُضعف من قيمة اليورو وبالتالي يدعم ارتفاع قيمة الفرنك بشكل غير مباشر. جدير بالذكر أن تصريحات محافظ الوطني السويسري، توماس جوردان، دوماً ما تؤكد على ارتفاع قيمة الفرنك عن المستويات المرجوة مع الإشارة إلى استعداد البنك للتحرك إن استدعت الأوضاع ذلك. وكان البنك قد أبقى على توجهات السياسة التسهيلية دون تغيير خلال اجتماعه الأخير، مستنداً على استقرار الأوضاع الاقتصادية. وقد أوضح البنك أن آلية الفائدة السالبة تساهم في إزاحة بعض الضغوط على الفرنك، الذي مازال مرتفعاً بنحوٍ غير مبرر. 


تقارير اقتصادية هامة ننصحكم بالإطلاع عليها: 


قسم أبحاث السوق

المتداول العربي

 

 


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image