هل يتوقف خفض الفائدة النيوزلندية والاسترالية هذا العام؟
أعلن كل من الاحتياطي الاسترالي ونظيره النيوزلندي عن أولى قرارات السياسة النقدية للعام 2017، وقد واصل كل منهما التزامه بالسياسات الحالية وسط استمرار حالة عدم اليقين بشأن النمو الاقتصادي محلياً وعالمياً. بالرغم من الإبقاء على معدلات الفائدة دون تغيير عند 1.50% و 1.75% على التوالي، إلا أن التغيرات الواضحة في نبرة البنكين كان لها تأثير ملحوظ على توقعات الأسواق لمسار السياسات النقدية بكلا البلدين.
الاحتياطي الاسترالي.
أقر الاحتياطي الاسترالي خلال بيانه الأخير بتحسن الأوضاع الاقتصادية على الصعيد العالمي، بالإضافة إلى ارتفاع الثقة الاقتصادية لدى الأفراد والشركات. كما أوضح أن تعافي أسعار السلع مؤخراً قد شكل دعماً لمعدلات التضخم بعدد من الاقتصادات، وكذلك النشاط التجاري الاسترالي. وأشاد الاحتياطي الاسترالي بقوة النمو الاقتصادي بالصين -كبرى الشركاء التجاريين لاستراليا- خلال النصف الثاني من 2016 مدعوماً بزيادة الإنفاق على البنية التحتية. على الجانب الأخر، أكد البنك على استمرار المخاطر حول النمو الاقتصادي العالمي.
أيضاً كانت نبرة البنك إيجابية فيما يتعلق بالاقتصاد المحلي، مؤكداً على أن انكماش الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثالث من 2016 ما هو إلا ضعف مؤقت، على أن يواصل الاقتصاد نموه بوتيرة قوية خلال الربع الأخير، مع توقعات باستقرار النمو قرابة 3% على مدار الأعوام القادمة مع زيادة الصادرات، تحسن مستويات الاستهلاك وارتفاع استثمارات القطاعات غير التعدينية. أما التضخم، فيتوقع البنك أن يواصل استقراره عند مستويات منخفضة لفترة من الوقت تأثراً باستمرار تراجع تكاليف العمل قبل أن يعاود ارتفاعه التدريجي باتجاه الهدف عند 2%. هذا، وقد أكد البنك على استمرار تباين مؤشرات سوق العمل، مما يعكس استمرار وجود بعض الضعف بالقطاع.
وعن قيمة الدولار الاسترالي، فقد شدد البنك مجدداً عن ارتفاع قيمة العملة عن المستويات المعقولة مما قد يشكل عبئاً على النمو. فقد أكد على ان تراجع قيمة العملة من شأنه أن يعزز النشاط التجاري، كالانخفاضات التي شهدتها العملة منذ 2013.
فكما يبدو أن الاحتياطي الاسترالي يعتقد أن خفض الفائدة مرتين خلال العام الماضي كفيلاً بإعادة التضخم والنمو إلى مسارهما المرجو.
الاحتياطي النيوزلندي.
على غرار نظيره الاسترالي، بدت نبرة الاحتياطي النيوزلندي إيجابية حيال تطورات الأوضاع المحلية خلال الفترة الأخيرة مُعززاً من قدرة السياسات الحالية على دفع التضخم للاستقرار قرابة الهدف المحدد. فقد أوضح أن تباطؤ التضخم يرجع بشكل أساسي إلى ارتفاع قيمة الدولار النيوزلندي عن المستويات التي يتطلبها الوضع الاقتصادي. الأمر الذي قد يستمر في الإثقال على التضخم خلال العام الجاري، تزامناً مع استمرار أسعار السلع عن مستوياتها المنخفضة. وقد دفع البنك بتوقعات وصول التضخم إلى النسبة 2% من الربع الأخير لعام 2018 إلى الربع الثاني من 2019. وهو ما دفع المستثمرين إلى تكثيف عمليات البيع على الدولار النيولندي في أعقاب القرار.
أما الجانب الإيجابي، فكان تأكيد محافظ البنك جرايمي ويلر خلال المؤتمر الصحفي على الموقف الحيادي للبنك حيث أن إحتمالات رفع أو خفض الفائدة باتت متساوية في الوقت الحالي. جاء ذلك بعدما أبدى البنك استعداده خلال اجتماع نوفمبر الماضي على الاستمرار في خفض الفائدة لضمان ارتفاع التضخم صوب الهدف.
كما أوضح أن استمرار نمو الاقتصاد النيوزلندي بالمستويات المتوقعة سوف يضمن رفع الفائدة خلال السنوات المقبلة. أما الآن، فإن ارتفاع مستويات عدم اليقين العالمي مؤخراً قد تساهم في تأجيل أي خطوات للسياسة النقدية. فيما أشار أن الغموض العالمي ينبع من عدة مصادر أهمها؛ الخروج البريطاني من الإتحاد الأوروبي، الأوضاع الصينية وسياسات ترامب التجارية والمالية. وقد شدد على أن تفعيل ترامب لسياسة الحماية الاقتصادية سوف يشكل الخطر الأكبر على النمو النيوزلندي والعالمي أيضاً، خاصة بعد الانسحاب الأمريكي من شراكة المحيط الهادي TPP.
وكالمعتاد واصل الاحتياطي النيوزلندي تشديده على ارتفاع قيمة العملة والأعباء التي تشكلها على مسار التضخم والنشاط التجاري. وقد علل البنك ارتفاعات الدولار النيوزلندي الأخيرة بأنها ناتجة عن ارتفاع أسعار السلع، تحسن تطلعات الاقتصاد النيوزلندي وأخيراً ارتفاع الفائدة النيوزلندية بالمقارنة مع المستويات العالمية في الوقت الحالي. ويأمل البنك أن يساهم تحسن الأوضاع العالمية في تضييق الفارق بين العائدات، مما سيخفف الضغوط على العملة دافعاً إياها إلى المستويات المطلوبة. وعن استعداده للتدخل بهدف إضعاف قيمة العملة، فقد أوضح ويلر أن هذا الخيار ليس مُحبذاً في الوقت الراهن.
لعل الجانب الأكثر سلبية كان إضعاف البنك لإحتمالات رفع الفائدة هذا العام، كما استقرت توقعات الأسواق خاصة بعد ارتفاعات التضخم الأخيرة وتحسن تطلعات النمو والتضخم. فقد أكد البنك على أن رفع الفائدة لن يتم قبل نهاية 2019 على أقل تقدير، وهو ما خيب آمال الأسواق باتجاه البنك إلى تشديد السياسة النقدية بحلول 2018.
قسم أبحاث السوق
المتداول العربي