الانتخابات الفرنسية.. تهديد أخر لوحدة المنطقة الأوروبية ومستقبل اليورو
يتزايد توتر الحياة السياسة بالمنطقة الأوروبية يوماً تلو الآخر، ويبدو أن المخاطر على وحدة الإتحاد الأوروبي لن تنحصر فقط على الخروج البريطاني. فبعد انحياز الشعب البريطاني إلى ضرورة الاستقلال عن الإتحاد الأوروبي وتأزم الوضع السياسي الإيطالي، تأتي الانتخابات الفرنسية لتزيد من حالة الغموض السياسي بالمنطقة.
تنعقد الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية بفرنسا في الثالث والعشرون من إبريل 2017، على أن يتعبها جولة ثانية في مايو إن لم يتمكن أحد المرشحين من الحصول على الأغلبية المطلقة. ويتم التنافس حينها بين المرشحين الحاصلين على أعلى عدد من الأصوات خلال الجولة الأولى. هذا، وتنشغل الأحزاب الفرنسية حالياً باختيار مرشحهم الرئاسي، ولكن تظل الصورة غير واضحة حتى الآن نظراً لتعدد الأحزاب السياسية بالبلاد.
ولعل من أبرز المرشحين إلى الآن هي قائدة الجبهة الوطنية Marine Le Pen، والتي تقدمت استطلاعات الرأي بقوة خلال الآونة الأخيرة. وهو ما يعزز من مخاوف الأسواق خاصة مع معارضاتها الواضحة لسياسات الإتحاد الأوروبي، حيث أعلنت عن نيتها في إقامة استفتاء شعبي عند فوزها للتصويت على عضوية الإتحاد الأوروبي، مما يشكل تهديد جديد لوحدة المنطقة الأوروبية.
كما تترقب الأسواق نتائج الجولة الثانية من انتخابات الحزب الجمهوري لاختيار مرشح الحزب المقرر انعقادها يوم الأحد المقبل، والتي تنحصر بين Francois Fillon الحاصل على أعلى نسبة تصويت و Alain Juppe. وقد ترأس كل منهما الحكومة الفرنسية في السابق. يأتي ذلك بعد هزيمة منافسهم Nicholas Sarkozy ، الرئيس الفرنسي السابق، وحصوله على أدنى نسبة تصويت. وقد أعلن ساركوزي تقبله للهزيمة واعتزاله العمل السياسي.
جدير بالذكر أن الرئيس الحالي فرانسوا أولاند له حق الترشح مجدداً عن الحزب الاشتراكي، ولكن يبقى هذا الأمر غير مؤكداً حتى حلول يناير المقبل، حيث من المقرر أن يُجري الحزب الاشتراكي انتخاباته التمهيدية لاختيار مرشحه للسباق الرئاسي المقبل.
وتميل أغلب التوقعات في صالح فوز مرشحة الجبهة الوطنية Marine Le Pen خاصة بعد فوز دونالد ترامب المفاجئ بالرئاسية الأمريكية مؤخراً، والنتائج غير المتوقعة للاستفتاء البريطاني في يونيو الماضي. وفي تلك الحالة، سيكون الخطر الأكبر هو تبلور الاتجاه المناهض لعضوية الإتحاد الأوروبي، وبالتالي استقلال ثاني أكبر اقتصادات الكيان الأوروبي. وكانت Marine Le Pen قد أكدت على استعدادها للنضال من أجل تحقيق الاستقلال الدولي، التشريعي، الاقتصادي و النقدي للدولة. كما أوضحت أن الاستقلال البريطاني كان له العديد من التداعيات الإيجابية على غير المتوقع. يجدر الإشارة إلى أن Marine Le Pen قد تقدمت فعلياً بطلب إلى الرئيس الفرنسي أولاند للمطالبة بإقامة استفتاء شعبي على خطى المملكة المتحدة، إلا أن هذا الطلب قد قوبل بالرفض. على صعيد متصل، أوضحت استطلاعات الرأي مؤخراً ارتفاع حالة السخط بين أفراد الشعب الفرنسي من سياسات الإتحاد الأوروبي.
هذا، ولم يجد اليورو بديلاً عن التراجع مثقولاً بارتفاع حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي بالمنطقة. ومازالت استطلاعات الرأي تشير إلى أن العملية الانتخابية لن تمر بسلام وسوف تلعب دوراً محورياً في المستقبل السياسي الفرنسي والأوروبي بوجهٍ عام.