أهمية المادة 50 في ملف خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي
استحوذت الأزمة البريطانية على اهتمام الأسواق العالمية خلال الآونة الأخيرة لما تحمله من تداعيات ليس فقط على الصعيد المحلي بل والعالمي سياسياً واقتصادياً. ثم جاء الاستفتاء حول عضوية المملكة المتحدة بالإتحاد الأوروبي ليحسم قرار الشعب البريطاني الذي صوت بالأغلبية في صالح الخروج. على الرغم من تبعات هذا القرار الغامضة، إلا أن الأسواق العالمية مازالت في مرحلة الاستيعاب لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع بعد الانفصال رسمياً، أو خلال الفترة ما بين القرار والتنفيذ الفعلي.
لم يكن الاستفتاء هو نهاية المطاف، بل تبعه العديد من المناوشات السياسية والاقتصادية تخوفاً من المصير الغامض التي ينتظر كلاً من المملكة المتحدة ودول أوروبا بعد أن أصبحت وحدتها مهددة. كان من بين ذلك معارضة القطاع البريطاني المؤيد للبقاء ومحاولات تجميع أكبر عدد من التوقيعات تأييداً لإعادة الاستفتاء، محاولات البنوك المركزية البائسة في حماية اقتصاداتها من المخاطر المقبلة عليها ولعل أولها هو توفير السيولة اللازمة كما أعلنت غالبية البنوك المركزية.
هذا، ويبقى الشاغل الأكبر حتى تلك اللحظة هو الحديث عن المادة 50 في اتفاقية الإتحاد الأوروبي. تمكنت تلك المادة من إثارة الجدل بشكل واضح خلال البضعة أيام الأخيرة. تنص المادة 50 على:
- يحق لأي دولة الانفصال وفقاً لمتطلباتها الدستورية.
- يجب إخطار المجلس الأوروبي عن قرارها بالانفصال بطلب رسمي، وبدء عملية التفاوض حول إجراءات الانفصال مع مراعاة العلاقات المستقبلية مع دول الإتحاد.
- يجب موافقة الأغلبية المؤهلة من الجانب الأوروبي مع تمرير قرار الموافقة من البرلمان الأوروبي.
- يمكن لمناقشات الانفصال أن تستمر حتى عامين من موعد الإخطار، وقد يتم تمديدها بموافقة كافة الدول الأعضاء.
جدير بالذكر أن الاستفتاء حتى الآن ليس ملزماً للحكومة البريطانية على الصعيد القانوني، أي أن بريطانيا عليها تقديم طلب الانفصال بشكل رسمي إلى المجلس الأوروبي، وبتاريخه تبدأ المفاوضات الرسمية على إجراءات الخروج. وفي خطاب الاستقالة، أكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بأن التصرف في هذا الملف سيكون من اختصاصات رئيس الوزراء الذي يخلفه. وقد أعرب بعض القادة الأوروبين عن استيائهم من هذا القرار، حيث يرون أنه من غير المنطقي أن تبقى المفاوضات مُعلقة حتى انتهاء ولاية كاميرون في أكتوبر المقبل.
تحديث: تقدم ديفيد كاميرون باستقالته منتصف يوليو الماضي، قبل انتهاء فترة ولايته الرسمية والتي كان من المقرر أن تنتهي في أكتوبر المقبل. هذا، وقد تولت تيريزا ماي المنصب خلفاً لكاميرون. للمزيد، اطلع على:
ولعل الخطر الأكبر ليس في المادة 50 بل المادة 7 والتي تنص على أحقية الإتحاد في تعليق عضوية أي دولة من الدول الأعضاء في حالة انتهاك قواعد الحرية، الديمقراطية، المساواة أو القانون. وهو ما يشكل بعض المخاوف التي تناولها بعض خبراء الاقتصاد خلال الأيام الأخيرة، خاصة وأن الإتحاد الأوروبي قد يستخدمها كورقة ضغط على بريطانيا للإسراع من عملية الانفصال.
هذا، وطبقاً للمادة 50 وبعد أن تتقدم المملكة المتحدة بطلب الخروج، فمن المقرر أن يتم التصويت على بدء مفاوضات الخروج، مع ضرورة موافقة الأغلبية المؤهلة من الدول الأعضاء. وخلال تلك المناقشات، من المفترض أن يتم التفاوض على إجراءات الانفصال الرسمي. ويجدر بالذكر أن تلك العملية مصممة لأن يكون الإتحاد الأوروبي ذو السلطة العُليا، كما يؤكد الخبراء.