ماذا نستنتج من تصريحات دراجي بالأمس وتداعياتها على اليورو
أدلى محافظ البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي أمس الاثنين بشهادته أمام البرلمان الأوروبي حول الأوضاع الاقتصادية والمالية بمنطقة اليورو والتي انعكست بدورها على توجهات البنك طوال السنوات الأخيرة الماضية. هذا، وقد بدا من تصريحات دراجي أن الأوضاع الاقتصادية داخل المنطقة مازالت توحي باستمرار الضغوط الهبوطية على الأداء الاقتصادي، لكن كيف سيؤثر ذلك على خطوات البنك خلال الفترة المقبلة؟
كانت شهادة دراجي قد أشارت إلى استمرار ضعف معدلات التضخم بمنطقة اليورو لتستقر بعيداً عن الهدف المحدد 2% طوال العام الأخير، الأمر الذي دفع البنك إلى التدخل مرة أخرى خلال ديسمبر الماضي معلناً مد فترة برنامج التيسير النقدي لفترة ستة أشهر أخرى من سبتمبر 2016 تنتهي في مارس 2017، إلى جانب خفض الفائدة على الودائع مرة جديدة بواقع 10 نقاط أساسية إلى -0.30%. وباستمرار تباطؤ النمو الاقتصادي وابتعاد التضخم عن المستوى المطلوب، فلن يجد البنك بديلاً عن إتخاذ المزيد من الإجراءات خلال اجتماع مارس المقبل، كما أكد دراجي خلال شهادته بالأمس. الأمر الذي عزز التوقعات بلجوء المركزي الأوروبي إلى التدخل لمرة جديدة لحماية اقتصاد المنطقة من الاستسلام لمخاطر الركود.
كما تطرقت التصريحات إلى الأوضاع العالمية التي تزداد سوءاً يوم تلو الأخر، مما عمل على تفاقم حالة الغموض التي تسيطر على تطلعات الاقتصاد العالمي بشكلٍ عام. يأتي ذلك إلى جانب الأزمات والتقلبات التي تشهدها الأسواق بين الحين والأخر، الهبوط الحاد في أسواق السلع العالمية وخاصة النفط، المخاطر الجيوسياسية وغموض الأوضاع بالأسواق الناشئة والتي تسببت خلال الفترة الأخيرة في زعزعة استقرار الاقتصاد العالمي، في الوقت الذي تخضع فيه تلك الأسواق لوطأة المخاطر الانكماشية، بالتزامن مع أزمة أسواق السلع العالمية.
هذا، وقد ألمح دراجي إلى أن هبوط النفط ليس هو العامل الرئيسي وراء تباطؤ مسار التضخم طوال الفترة الماضية، وإنما لعبت مستويات الأجور الضعيفة دوراً في الإثقال على تعافي التضخم بالمنطقة. في حين تعمل الأوضاع المحلية بمنطقة اليورو على زيادة الأعباء على عاتق البنك أثناء تحقيق مهامه ولعل من أبرزها، الأوضاع المالية، استمرار ضعف الأداء الاقتصادي بدول المنطقة، فضلاً عن المخاطر التي تهدد الحياة السياسية بمنطقة اليورو.
على الجانب الأخر، أشار دراجي إلى تعافي النشاط الاقتصادي بشكلٍ ضعيف منذ اجتماع ديسمبر الماضي مؤكداً مرة أخرى على استعداد البنك للتدخل من أجل الحفاظ على وتيرة التعافي. الأمر الذي استقبلته الأسواق كتمهيد للمزيد من الإجراءات خلال مارس، خاصة مع إشارة دراجي إلى أن اللجنة قد أدركت خلال اجتماعها الماضي ضرورة إعادة النظر في السياسة النقدية الحالية في مارس القادم، ضمن جهود البنك المتواصلة في استعادة الاقتصاد للمستويات المرغوبة.
ولم يخلو نص الخطاب من الإشارة إلى الجهود المتواصلة التي يبذلها البنك في تحقيق المهام المفوضة إليه، مشيراً إلى الدور الهام الذي لعبته قرارات المركزي الأوروبي طوال السنوات الماضية في حماية اقتصاد المنطقة من الانزلاق إلى الركود.
هذا، ومن الواضح أن أدوات السياسة النقدية للمركزي الأوروبي ليست فاعلة بالقدر الكافي لدعم اقتصاد منطقة اليورو من التصدي للمخاطر العالمية المتزايدة يوماً بعد يوم، وبالتالي فقد يكون الوضع الاقتصادي بحاجة إلى خطوات تحفيزية جديدة تساعده على مواجهة خطر الركود الذي عاد ليهدد اقتصاد منطقة اليورو من جديد. ومع إبداء البنك لاستعداده للتحرك، فإن إحتمالية توسع المركزي الأوروبي في السياسة التسهيلية خلال مارس المقبل أصبحت مرتفعة، خاصة وإن استمرت الأوضاع الاقتصادية في التدهور حتى موعد اجتماع مارس.
وعلى الرغم من النبرة التشاؤمية التي اتسمت بها تصريحات دراجي بالأمس، إلا أن اليورو لم يتعرض لخسائر قوية أمام الدولار الأمريكي. فقد تمكن الزوج من تقليص الخسائر التي تكبدها فور صدور التصريحات، ليسجل أعلى مستوى جديد له على مدار تداولات اليوم عند المستوى 1.0939 قبل أن يواجه مقاومة قوية ويتراجع إلى المستويات الحالية 1.0900.
للإطلاع على نص الخطاب:
أهم ما تضمنته شهادة دراجي أمام البرلمان الأوروبي