النفط وكيف يؤثر على معدلات التضخم
النفط كما نعرف هو من أهم السلع الرئيسية حول العالم منذ مئات السنين، وذلك نظراً لأهميته الاقتصادية العالية وتأثيره القوي على المسار الاقتصادي حول العالم أجمع وليس فقط على الدول المنتجة له. يؤثر النفط بشكلٍ قوي على معدلات التضخم في أغلب الاقتصادات العالمية الكبرى، ويرجع ذلك إلى العلاقة السببية بين كل من النفط ومعدلات التضخم، فكلما ارتفعت أو تراجعت أسعار النفط تأثراً بالعوامل المختلفة، نجد أن معدلات التضخم تتبع اتجاه تلك الأسعار سواء كان صعوداً أو هبوطاً. يكمن السبب الرئيسي وراء ذلك إلى كون النفط أحد المدخلات الرئيسية لأغلب الاقتصادات، فهو عامل أساسي في تكوين ملامح الوضع الاقتصادي داخل البلاد، حيث يستخدم في شتى المجالات المختلفة. بالتالي، فإن ارتفاع أسعار النفط، والذي يستخدم في قطاع النقل، التدفئة وغيرها من قطاعات الأخرى، سوف يؤدي إلى ارتفاع السلع والخدمات المعتمدة على النفط بشكل أساسي. وارتفاع التكلفة في النهاية سوف يدفع معدلات التضخم إلى الارتفاع نتيجة لارتفاع الأسعار.
ظهرت العلاقة بين النفط ومعدلات التضخم بشكل واضح في سبعينات القرن الماضي بعد أن ارتفعت أسعار النفط من 3 دولار للبرميل الواحد قبل أزمة النفط خلال العام 1973، وصولاً إلى قرابة 40 دولار للبرميل خلال الأزمة النفطية في العام 1979. الأمر الذي دفع إلى تفاقم معدلات التضخم لأكثر من الضعف بنهاية 1980.
بدأت تلك العلاقة في الانهيار بعد الثمانينات، فأثناء الأزمة النفطية الناجمة عن حرب الخليج خلال تسعينات القرن الماضي، تضاعفت أسعار النفط في فترة لم تتجاوز الستة أشهر من 20 إلى 40 دولار للبرميل، في حين شهدت معدلات التضخم بعض الاستقرار الملحوظ، لترتفع من 134.6 في يناير 1991 إلى 137.9 في ديسمبر من نفس العام.
وقد بدا هذا الانهيار جلياً خلال الفترة ما بين 1999 و 2005، حيث ارتفع متوسط السعر السنوي الأسمي من 16.56 إلى 50.04 دولار للبرميل. أثناء تلك الفترة سجلت معدلات التضخم ارتفاعاً من 164.30 في يناير 1999 إلى 196.80 في ديسمبر من العام 2005. وبالنظر إلى تلك البيانات، يمكننا ملاحظة أن العلاقة بين معدلات التضخم وأسعار النفط قد ضعفت بشكلٍ واضح بمرور الوقت منذ السبعينات.
بالرغم من انهيار تلك العلاقة بهذا الشكل الملحوظ، إلا أن الأوضاع العالمية في الوقت الراهن قد أثبتت أن تلك العلاقة لم تنتهي كلياً، فمع الهبوط الحاد الذي تعرضت له أسعار النفط منذ منتصف العام الماضي، واجهت معدلات التضخم العالمية صعوبة في تحقيق التعافي المستهدف لإنقاذ الاقتصاد العالمي من تداعيات الأزمة المالية عام 2008. يمكنكم من خلال الرسم التالي رؤية مدى تأثر معدل التضخم داخل الولايات المتحدة الأمريكية، كونها أكبر مستخدمي النفط واعتماداً عليه حول العالم، منذ بداية انهيار أسعار النفط العام الماضي.
إطلع أيضاً على: