الدولار ينتظر أي إشارة من الفيدرالي الأمريكي بشأن الفائدة؟ السيناريو المتوقع!

الدولار ينتظر أي إشارة من الفيدرالي الأمريكي بشأن الفائدة؟ السيناريو المتوقع!
السيناريو المتوقع لقرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

تترقب الأسواق المالية صدور قرارات السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المهمة للغاية والتي تتضمن قرار الفائدة، وبيان الفائدة، وكذلك، الموتمر الصحفي لمحافظ الفيدرالي الأمريكي جيروم باول، وبكل تأكيد سيكون لهذه القرارات تأثير كبير للغاية على أداء سوق العملات وتداولات الدولار الأمريكي، وكذلك، مختلف السلع وسوق الأسهم الأمريكية، بالإضافة إلى سوق العملات الرقمية.

وفيما يلي نظرة على ملابسات اتخاذ القرار داخل الفيدرالي وكيفية تأثير قراراته على الأسواق:

أولا: الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة خلال الفترة الماضية:

صدرت العديد من البيانات الاقتصادية في الولايات المتحدة خلال الفترة الماضية،  أصدر مكتب الإحصاء الأمريكي، بيانات تضخم أسعار المستهلكين خلال شهر يونيو الماضي، والتي جاءت مفاجئة وأقل من توقعات الأسواق. فوفقا للبيانات الواردة، سجل التضخم بمؤشر أسعار المستهلك الأمريكي السنوي نحو 3.0%، حيث تعتبر القراءة الأخيرة هي الأدنى في عام، كما جاءت أقل من توقعات الأسواق التي أشارت لتسجيله 3.1%. أما عن معدل التضخم الأمريكي الأساسي، سجل المؤشر نحو 3.3% بنهاية يونيو الماضي، على أساس سنوي، ليسجل أدنى معدل منذ مارس 2021، فيما رجحت الأسواق استقرار المؤشر عند قراءته السابقة البالغة 3.4% بنهاية مايو الماضي.

وأيضا، أظهرت البيانات الصادرة سابقا تباين بيانات سوق العمل الأمريكي خلال شهر يونيو الماضي، حيث أضاف الاقتصاد الأمريكي حوالي 206 ألف وظيفة، وهو ما جاء أعلى من التوقعات التي أشارت لإضافة الاقتصاد الأمريكي نحو 190 ألف وظيفة. وعلى الجانب الاَخر، ارتفع معدل البطالة السنوي في الولايات المتحدة إلى مستوى 4.1% خلال شهر يونيو، وهو أعلى من توقعات الأسواق التي رجحت استقراره عند 4.0%.

ومن جانب اَخر، أظهرت البيانات الصادرة عن مكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي، تسجيل مؤشر أسعار الإنفاق على الاستهلاك الشخصي (مؤشر التضخم المفضل للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي)، خلال شهر يونيو الماضي، قراءة أعلى من توقعات الأسواق. فوفقا للبيانات الواردة، سجل مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي داخل الولايات المتحدة نحو 2.6% على أساس سنوي خلال يونيو الماضي، وهو ما جاء أعلى من توقعات الأسواق التي كانت ترجح تسجيله نحو 2.5%.

وكذلك، أظهرت البيانات الصادرة عن مكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي، إيجابية القراءة التقديرية لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة، فوفقا للبيانات التقديرية، فقد سجل الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي نموا بنسبة 2.8% خلال الربع الثاني من العام الجاري، بينما كانت التوقعات تشير إلى نموه بنسبة 2.0% خلال نفس الفترة، وكانت القراءة السابقة قد سجلت نموا بنسبة 1.4% خلال الربع الأول من العام الجاري.

وفي ضوء العرض السابق، فإن البيانات الاقتصادية تظهر استمرار تباطؤ الضغوط التضخمية، وهدوء الأوضاع في سوق العمل الأمريكي، رغم استمرار زخم النمو الاقتصادي للولايات المتحدة، وهو ما قد يدفع الفيدرالي الأمريكي إلى الإبقاء على السياسة النقدية التشديدية هذا الاجتماع دون تغيير، إلا أنه قد يعطي تلميحا أو إشارة للأسواق حيال اقتراب موعد خفض الفائدة.

ثانيا: توقعات البنوك الكبرى لقرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي:

تشير معظم التوقعات إلى أن الفيدرالي الأمريكي سيبقي على السياسة النقدية دون تغيير خلال اجتماعه المرتقب، وباتت الأسواق تتوقع حاليا تأخير خفض الفائدة في اجتماع سبتمبر المقبل، وفي هذا السياق، تحدث رئيس قسم السندات الثابتة العالمية في بلاك روك، ريك ريدر، عن توقعاته حول موعد بدء بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في دورة خفض أسعار الفائدة، مرجحا أن يتخذ البنك المركزي الأمريكي هذه الخطوة باجتماع سبتمبر المقبل.

وأيضا، علق اقتصاديو بنك أوف أميركا على البيانات الصادرة لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة، والتأثير المحتمل لتلك البيانات على موعد قرار خفض الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ووفقا للمذكرة، فإن تلك البيانات تعزز توقعات بنك أوف أمريكا الأخيرة بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يبدأ في خفض أسعار الفائدة باجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بنهاية هذا العام؛ في شهر ديسمبر.

وكذلك، قالت شركة ماكواري في مذكرة بحثية أنها تتوقع أن تترك اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية دون تغيير هذا الاجتماع، ولكن قد ينذر البيان بخفض أسعار الفائدة في المستقبل، متوقعة خفضا بمقدار 75 نقطة أساس هذا العام، على أن يكون الخفض الأول في سبتمبر.

وفي مذكرة تحليلية نشرها بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس، أفاد محللو البنك بأنهم يتوقعون أن يضع بيان الفائدة الصادر عن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة هذا الأسبوع الأساس لثلاث تخفيضات في أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا العام على أن يكون أول خفض للفائدة في اجتماع سبتمبر المقبل.

ثالثا: أبرز تصريحات صناع السياسة النقدية في الولايات المتحدة:

اتسمت نبرة تصريحات أعضاء الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خلال الفترة الماضية بالحذر الشديد مع الترحيب بهدوء الضغوط التضخمية، وفي هذا السياق، قال عضو الفيدرالي الأمريكي في شيكاغو، أوستان جولسبي، أنه يشعر بتحسن كبير بعد عدة أشهر من التحسن في مؤشر أسعار المستهلكين، ولكن مهمة التضخم لم تنتهي بعد.

بينما، أعربت عضو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ماري دالي، عن تطلعاتها لرؤية المزيد من الدلائل على أن معدل التضخم يعود إلى هدف الفيدرالي الأمريكي البالغ 2%، قبل المطالبة بخفض أسعار الفائدة.

وأيضا، قال عضو الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في نيويورك، جون ويليامز، إن الاتجاهات طويلة المدى التي أدت إلى لانخفاض مستويات أسعار الفائدة الحيادية قبل الوباء لا تزال موجودة، مضيفا بأن التقديرات الخاصة بمعدل الفائدة الحيادي في الولايات المتحدة وكندا ومنطقة اليورو هي تقريبا عند نفس المستوى الذي كانت عليه قبل الوباء.

وكذلك، قال عضو الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، توماس باركين، أنه من الملفت للنظر مدى قوة الإنفاق الاستهلاكي، وأنه لم تتحقق التوقعات بحدوث ركود لإبطاء التضخم، ولكن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيناقش احتمالية ما إذا كان التضخم لا يزال مرتفعا أم لا.

وبدوره، أكد محافظ الفيدرالي الأمريكي ، جيروم باول، على أنه من المتوقع هذا العام أن يتباطأ الاقتصاد الأمريكي وأن يستمر التضخم في إحراز تقدم نحو الهدف المحدد له، مضيفا بأن إذا رأ الفيدرالي الأمريكي ضعفا غير متوقع في سوق العمل، فإن ذلك سيستحق رد فعل، وأنه إذا انتظر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أن يصل معدل التضخم إلى 2% لخفض الفائدة، فسيكون قد تأخر كثيرا.

رابعا: السيناريوهات المتوقعة لقرار الفيدرالي الأمريكي المرتقب:

تشير التوقعات إلى أن الفيدرالي الأمريكي سوف يبقي على الفائدة دون تغيير، ولكن الأسواق ستراقب بيان الفائدة، وتصريحات محافظ البنك، باول، في محاولة للاستدلال على أي إشارات جديدة بشأن الفائدة، وفي هذا السياق، يمكن القول إن هناك عدة سيناريوهين محتملين لقرار الاحتياطي الفيدرالي وما له من تأثيرات على تحركات الدولار بسوق العملات، فالسيناريو الأول: يتمثل في تثبيت سعر الفائدة الرئيسي عند النطاق (5.25%-5.50%)، مع الإشارة إلى هدوء الضغوط التضخمية وضعف الأوضاع في سوق العمل، وأن ذلك، يتطلب البدء في خفض الفائدة هذا العام، وفي حالة حدوث هذا السيناريو، فإنه من المحتمل أن ينخفض الدولار الأمريكي بقوة أمام أزواجه من العملات الرئيسية، بينما يرتفع الذهب وسوق الأسهم الأمريكية، وكذلك مختلف العملات الرقمية وأهمهم البيتكوين.

بينما السيناريو الثاني: يدور حول الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية، مع التلميح إلى استمرار مراقبة البيانات الاقتصادية خلال الفترة المقبلة قبل اتخاذ أي قرار يتعلق بالفائدة، وهذا التصور، قد يؤثر إيجابيا على الدولار بالتداولات اللاحقة لصدور القرار، لأن هذا يعني احتمالية إبقاء الفيدرالي الأمريكي على الفائدة المرتفعة.

اقرأ أيضا:

هذا ما ستفعله اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بشأن أسعار الفائدة هذا الأسبوع

جولدمان ساكس: 4 دلائل تشير إلى خطوة الفيدرالي القادمة


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image