السيناريو المتوقع: هل يؤثر ارتفاع اليورو على قرار البنك المركزي الأوروبي ؟
عقب صدور قرارات عدد من البنوك المركزية منذ بداية شهر سبتمبر الجاري، فإن الأسواق غدا على موعد مع قرار البنك المركزي الأوروبي حول معدل الفائدة وبيان السياسة النقدية، وذلك في تمام الساعة 11:45 ص بتوقيت جرينتش، ويتبع ذلك بنحو 45 دقيقة المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاجارد للتعليق على البيان.
ويبدو أن توقعات الأسواق قد اتجهت إلى إبقاء المركزي الأوروبي على معدلات الفائدة دون تغيير، ولكن البنك قد يفاجئ الأسواق بقرارات جديدة فيما يتعلق بمعدل الفائدة أو التيسير النقدي، خاصة في ظل ارتفاع اليورو منذ بداية العام الجاري، فما أي أهم التغييرات التي قد تطرأ على قرار البنك غدا؟
الأوضاع داخل منطقة اليورو
من الناحية الاقتصادية، بدأت القطاعات في منطقة اليورو في إظهار إشارات على التعافي منذ الاجتماع الأخبر للبنك المركزي الأوروبي في شهر يوليو الماضي، بما في ذلك كل من القطاع الخدمي والتصنيعي، لكن مؤشرات مديري المشتريات في منطقة اليورو وألمانيا وفرنسا جاءت خلال شهر أغسطس الماضي دون التوقعات على الرغم من الارتفاع.
هذا، وقد وصل معدل التضخم السنوي في منطقة اليورو إلى أدنى مستوياته منذ عام 2016، حيث انكمش مؤشر أسعار المستهلكين على أساس سنوي بنحو 0.2% مقارنة بنفس الفترة العام الماضي، بما يشير إلى أن التحسن في بعض المؤشرات الاقتصادية لا يعكس تعافيا حقيقيا للاقتصاد.
من الناحية الصحية، عادت أعداد المصابين بفيروس كورونا للارتفاع من جديد في عدد من دول منطقة اليورو لتسجل خلال أغسطس الماضي أعلى مستوياتها منذ شهر مايو. وكان من بين تلك الدول كل من إسبانيا وفرنسا وبلجيكا، وبالتالي عادت قيود الإغلاق في بعض المناطق، كما استمر الكثير من المواطنين دون عمل.
تحركات اليورو منذ بداية 2020
يرى المستثمرين أن لدى البنك المركزي الأوروبي مهمة صعبة للغاية فيما يتعلق بتحركات اليورو، وذلك مع تصاعد حالة القلق لدى صناع القرار حيال مكاسب اليورو مقابل العملات الرئيسية منذ بداية أزمة كورونا التي ضربت الأسواق العالمية منذ مارس الماضي. فقد سجل اليورو ارتفاعا من 1.06 مقابل الدولار الأمريكي في مارس الماضي إلى 1.20 في مطلع سبتمبر الجاري.
وتجدر الإشارة إلى أن قوة اليورو تؤثر على اقتصاد منطقة اليورو من خلال جعل الصادرات أقل قدرة على المنافسة، مع خفض سعر الواردات، في وقت تشهد فيه منطقة اليورو انكماشا اقتصاديا للمرة الأولى منذ عام 2016.
تصريحات صناع القرار
أكدت كريستين لاجارد خلال المؤتمر الصحفي الأخير لها على أن المركزي الأوروبي على استعداد تام لتعديل جميع أدواته لضمان تحقيق هدف التضخم، كما أشارت إلى أن البنك سيستمر في الإجراءات التسهيلية لأطول فترة ممكنة حتى تتحقق أهداف السياسة النقدية، لكنها شددت على أن البيانات الاقتصادية تشير إلى عودة النشاط الاقتصادي.
كذلك، صرح نائب محافظ المركزي الأوروبي، لويس دي جيندوس، أنه من المتوقع أن يستمر معدل التضخم عند المستويات الحالية على المدى القصير، لكنه أشار إلى أن خلال الربع الثالث كان هناك زيادة كبيرة في النشاط الاقتصادي، بما في ذلك بيانات يوليو، لكنه فقد بعض من قوته في أغسطس.
ماذا تنتظر من قرار الغد؟
كما تمت الإشارة سابقا، فإن توقعات الأسواق تتجه إلى إبقاء البنك على معدل الفائدة دون تغيير، لكن لا تزال هناك إمكانية إلى اتجاه البنك إلى تعزيز برامج مكافحة الوباء، أو التلميح إلى إجراء تغييرات في السياسة النقدية في شهر ديسمبر المقبل، وهو الأمر الذي قد يؤثر على تحركات العملة بصورة سلبية عقب صدور القرار.
على الجانب الآخر، قد يبقي البنك على السياسة الحالية دون أي تغييرات أو تلميحات بتغيير السياسة على المدى القريب خلال المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك كريستين لاجارد، بما سيعزز من ارتفاع اليورو مقابل العملات الأخرى. وتتوافق هذه التوقعات مع التقارير الصادرة اليوم عن وكالة بلومبرج التي أوضحت أن البنك قد لا يتجه إلى المزيد من إجراءات السياسة النقدية، في ظل إيجابية التوقعات الاقتصادية للبنك.
في الوقت نفسه، فمن المحتمل أن يؤكد المركزي الأوروبي على استعداده لاتخاذ المزيد من التدابير إذا استدعت الحاجة لذلك، ولكنه سيواصل مراقبة الأسواق حتى يصل التضخم إلى هدف البنك ويظهر الاقتصاد مؤشرات على التعافي من أزمة كورونا، خاصة مع عدم وجود مساحة كبيرة لدى البنك لخفض الفائدة، كما هو الحال بالنسبة للبنوك المركزية الأخرى.