الاحتياطي النيوزلندي تحت وطأة ضعف الاقتصاد.. فهل يتخذ خطوة أشد لخفض الفائدة؟

فاجأ بنك الاحتياطي النيوزلندي الأسواق وقام بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس باجتماعه الماضي، لتتغير الموازين بالنسبة لتوقعات الأسواق حول مسار السياسة النقدية للبنك المركزي.

ومن المقرر أن ينتهي اجتماع بنك الاحتياطي النيوزلندي لشهر أكتوبر بوقت مبكر من صباح الغد الأربعاء، وإصدار قرار الفائدة إلى جانب بيان السياسة النقدية.

وهنا يُثار السؤال حول ما إذا كان الاحتياطي النيوزلندي سيقوم بمفاجأة جديدة أم سيواصل دورة خفض الفائدة التي بدأها بالاجتماع الماضي؟

وقبل الإجابة على هذا السؤال؛ يتعين إيضاح أهم ملابسات هذا الاجتماع سواء من حيث الخلفية الاقتصادية أم تصريحات صناع القرار في نيوزلندا أو توقعات البنوك الاستثمارية الكبرى.

أولاً: الخلفية الاقتصادية لاجتماع بنك الاحتياطي النيوزلندي

منذ الاجتماع الأخير للسياسة النقدية؛ ظهرت العديد من البيانات الاقتصادية في نيوزلندا وكان أهمها بيانات النمو الاقتصادي؛ حيث انكمش معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في البلاد بنسبة 0.2% بالربع الثاني بوتيرة أقل مقارنة بتوقعات الأسواق التي رجحت انكماش اقتصاد نيوزلندا بنحو 0.4%، وذلك بعدما حقق معدل النمو الاقتصادي ارتفاعاً بنسبة 0.1% بالربع الأول.

وفي نفس الفترة، انكمشت مبيعات التجزئة بنسبة 1.2% بالربع الثاني من العام، فيما توقعت الأسواق انكماش مبيعات التجزئة بنحو 1% فقط، بعدما حقق المؤشر ارتفاعاً بنسبة 0.4% بالربع الأول.

كما سجل الميزان التجاري في نيوزلندا عجزاً بمقدار 963 مليون دولار نيوزلندي، وللمرة الأولى في 5 شهور، بعدما حققت نيوزلندا فائضاً في الميزان التجاري بمقدار 585 مليون دولار نيوزلندي، وما له من انعكاسات سلبية على اقتصاد البلاد.

ومن العرض السابق يبدو أن الاقتصاد النيوزلندي تحت وطأة الانكماش والتدهور منذ فترات وهذا يعزز الضغوط أمام بنك الاحتياطي النيوزلندي للتفكير في حجم ومدى استمرار تشديد السياسة النقدية.

ثانياً: أبرز تصريحات صناع السياسة النقدية

قال محافظ بنك الاحتياطي النيوزلندي أدريان أور، إن البنك المركزي يثق في أن التضخم يعود إلى النطاق المستهدف، وهو ما يدعم خطوة بدء تطبيع السياسة النقدية؛ كما أفاد بأن توقعات الاحتياطي النيوزلندي تشير إلى أن البلاد تعود إلى فترة التضخم المنخفض من جديد.

ومن ناحية أخرى، أشار أدريان أور إلى أن البيانات قد أظهرت بدء تباطؤ الاقتصاد النيوزلندي، مؤكدا على أن مجموعة واسعة من المؤشرات تشير إلى علامات ضعف مستمر.

وأيضاً، تناول بيان السياسة النقدية للبنك المركزي احتمالية أن يعود التضخم في نيوزلندا إلى النطاق المستهدف لبنك الاحتياطي النيوزلندي (1%-3%) في الربع السنوي الثالث من هذا العام؛ المنتهي في سبتمبر المقبل.

وتعكس هذه التطورات أن بنك الاحتياطي النيوزلندي يثق إلى حد واضح في أن التضخم سيعود إلى النطاق المستهدف، وفي ظل تدهور النشاط الاقتصادي يبدو من غير المنطقي أن تستمر السياسة النقدية التشديدية عند المستويات الحالية.

ثالثاً: توقعات البنوك الاستثمارية الكبرى

أيدت غالبية توقعات البنوك الاستثمارية الكبرى احتمالية أن يخفض بنك الاحتياطي النيوزلندي سعر الفائدة الرئيسي OCR بمقدار 50 نقطة أساس، حيث قالت المجموعة المصرفية الاسترالية النيوزلندي ANZ إنه من المرجح أن يخفض البنك المركزي الفائدة بنحو 50 نقطة أساس.

كما أيد المصرف BNZ احتمالية خفض الفائدة بنحو 0.50% هذا الاجتماع، على خلفية تباطؤ نمو التضخم وضعف سوق العمل، ما يدعم التحرك السريح لبنك الاحتياطي النيوزلندي بوتيرة سريعة نحو معدل الفائدة المحايد.

وكذلك، أوضح مصرف ويستباك أن تباطؤ الاقتصاد في نيوزلندا والسياق العالمي حول سياسات تعديل أسعار الفائدة، يبدو أن الاحتياطي النيوزلندي قد يخفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس هذا الاجتماع.

وإلى جانب ذلك، توقع بنك HSBC أن بخفض الاحتياطي النيوزلندي سعر الفائدة بنسبة 0.50%، مع ضعف الطلب وما يمثله من تحديات قوية أمام الشركات، وهذا تزامن مع انحسار ضغوط التضخم.

رابعاً: السيناريوهات المتوقعة لقرار الاحتياطي النيوزلندي

في ضوء العرض الموجز لأهم ملابسات الاجتماع، يبدو أن الاتجاه المتوقع أن بنك الاحتياطي النيوزلندي لديه ما يدفعه لمواصلة دورة التيسير النقدي وخفض الفائدة بهذا الاجتماع أيضاً، ولكن هل يتخذ البنك المركزي خطوة خفض معدل الفائدة الرئيسي بمقدار 0.25% أم 0.50%؟

السيناريو الأول: يتمثل في خفض الاحتياطي النيوزلندي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس؛ ما يعكس تريث البنك المركزي بشأن دورة التيسير النقدي، وبالتالي، قد لا ينخفض الدولار النيوزلندي بشكل كبير أمام العملات الرئيسية الأخرى.

السيناريو الثاني: يدور حول احتمالية خفض الاحتياطي النيوزلندي سعر الفائدة الرئيسي بنسبة 0.50% هذا الاجتماع، مع الحديث عن تضرر النشاط الاقتصادي وسوق العمل، جنباً إلى جنب مع توقعات استمرار تباطؤ نمو التضخم إلى النطاق المستهدف؛ وحال حدوث هذا السيناريو فمن المحتمل أن يشهد الدولار النيوزلندي انخفاضات واضحة عقب صدور القرار.