هل يستجيب الاحتياطي الاسترالي لتسارع نمو التضخم ويرفع الفائدة؟

هل يستجيب الاحتياطي الاسترالي لتسارع نمو التضخم ويرفع الفائدة؟
سيناريو متوقع الاحتياطي الاسترالي

تترقب أسواق المال العالمية صدور قرار بنك الاحتياطي الاسترالي بشأن معدلات الفائدة بوقت مبكر من غدا الثلاثاء، وما له من انعكاسات محتملة على تحركات الدولار الاسترالي بتداولات سوق العملات اللاحقة لصدور القرار.

فيما يبدو أن البنوك المركزية العالمية أصبحت تناقش موعد البدء في خفض الفائدة وإنهاء النهج التشديدي الذي أطاح بالأوضاع الاقتصادية، بل وبعضهم بدأ بالفعل في تيسير السياسة النقدية مثل الوطني السويسري والبنك المركزي الأوروبي.

غير أن الأمر مختلف بالنسبة لبنك الاحتياطي الاسترالي بهذا الصدد، حيث يواجه البنك المركزي الاسترالي تحديات صعبة تمنعه من مناقشة موعد الشروع في خفض أسعار الفائدة وأبرزها تسارع نمو التضخم بعيدا عن النطاق المستهدف.

والآن، هل يبقي الاحتياطي الاسترالي على أسعار الفائدة عند المستوى 4.35% مجددا أم أن هناك فرصة لرفع أسعار الفائدة؟

وقبل الإجابة على هذا السؤال، يجب إيضاح أهم ما قد يتناوله اجتماع بنك الاحتياطي الاسترالي المرتقب، وذلك على النحو التالي:

أولا: الخلفية الاقتصادية لاجتماع الاحتياطي الاسترالي

منذ الاجتماع الأخير للبنك المركزي المنعقد يوم 7 مايو، شهدت الساحة الاقتصادية الاسترالية تطورات عديدة قد تؤثر بقوة على قرارات الاحتياطي الاسترالي المرتقبة، وأهمها سوق العمل ومعدل التضخم.

فبالنسبة لتطورات التضخم في أستراليا يمكن ملاحظة أن التضخم قد تسارع بوتيرة واضحة خلال أبريل الماضي، ليسجل نموا بنسبة 3.6% من 3.5% بشهر مارس، وهو أعلى مستوى للتضخم منذ بداية عام 2024، ما يعكس استمرار الضغوط التضخمية في أستراليا.

أما عن سوق العمل الاسترالي، فقد كشفت البيانات الرسمية عن ارتفاع عدد الوظائف التي أضافها الاقتصادي الاسترالي بمقدار 39.7 ألف وظيفة جديدة خلال مايو الماضي، من 37.4 ألف وظيفة بشهر أبريل، وهي أعلى من التوقعات بارتفاع عدد الوظائف الجديدة بنحو 30.5 ألف وظيفة، ما قد يؤدي لارتفاع الإنفاق الاستهلاكي، وبالتالي، مستويات الأسعار.

وهذا تزامن مع تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للربع السنوي الأول من هذا العام ليسجل نموا بنسبة 0.1% فقط، وهو أدنى مستوى منذ الربع السنوي الأخير من عام 2021، ما يشير لتضرر النشاط الاقتصادي في أستراليا.

ومن العرض السابق، يمكن القول إن تسارع نمو التضخم إلى جانب استمرار قوة الأوضاع بسوق العمل الاسترالي؛ من المرجح أن يؤيدا موقف بنك الاحتياطي الاسترالي والحفاظ على نهجه التشديدي لفترة أطول مما هو متوقعا وتأخير مناقشة موعد البدء في خفض أسعار الفائدة، حتى في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي.

ويبدو أن تباطؤ النشاط الاقتصادي أمرا مؤقتا ولا يشكل تهديدا كبيرا لاقتصاد أستراليا في ظل تحسن الأوضاع الاقتصادية في الصين، وهي أحد أهم الشركاء التجاريين لأستراليا، وما له من انعكاسات إيجابية على النمو الاقتصادي في أستراليا على المدى المتوسط.

ثانيا: أبرز تصريحات المسؤولين وصناع القرار بالبنك المركزي

صرح نائب محافظ بنك الاحتياطي الاسترالي أندرو هاوزر، أن المعركة ضد التضخم لم تنته بعد وسيتم خوضها حتى النهاية، مضيفا أن أهم رسالة يمكن للبنك تقديمها للشعب الأسترالي هي أن البنك قادر على إعادة التضخم إلى مستوى مستقر ومنخفض، كما قالت محافظ الاحتياطي الاسترالي ميشيل بولوك، إن البنك المركزي سيتخذ إجراءات قوية إذا لم يعد التضخم إلى النطاق المستهدف، مؤكدة على أن الاحتياطي الاسترالي لن يتردد في رفع أسعار الفائدة إذا أظهر التضخم مقاومة كبيرة.

وعلاوة على ذلك، أظهر محضر اجتماع الاحتياطي الاسترالي الأخير، أن الأعضاء قد نظروا في خيار رفع أسعار الفائدة ولكن الحجج لتثبيت المعدلات الحالية كانت أقوى، كما اتفق صناع السياسة النقدية على مدى صعوبة استبعاد التغييرات المستقبلية في سعر الفائدة، مع احتمالية أن يتم رفع سعر الفائدة إذا ثبت أن التوقعات مفرطة في تفاؤلها حيال التضخم.

ثالثا: توقعات الأسواق بشأن قرار الاحتياطي الاسترالي

أيدت غالبية الأسواق احتمالية أن يبقي بنك الاحتياطي الاسترالي على أسعار الفائدة المرتفعة عند أعلى مستوى في 12 عاما بهذا الاجتماع، حيث كشفت نتائج مسح بلومبيرج عن احتمالية أن يحاول البنك المركزي الاسترالي تقييد التضخم المرتفع عن طريق تثبيت أسعار الفائدة هذا الاجتماع.

وكذلك، أظهرت نتائج استطلاع أجرته وكالة رويترز، بمشاركة 43 اقتصادي، أنه من المتوقع أن يبقي بنك الاحتياطي الاسترالي معدل الفائدة كما هو دون تغيير للاجتماع الخامس على التوالي، وذلك بسبب استمرار ضغوط الأسعار.

أخيرا: السيناريوهات المتوقعة لقرار الاحتياطي الاسترالي

من العرض الموجز لأهم ملابسات اجتماع بنك الاحتياطي الاسترالي غدا الثلاثاء؛ يمكن القول إن هناك عدة تصورات محتملة لقرار الفائدة المرتقب، يمكن إيضاحها على النحو التالي:

السيناريو الأول: إبقاء الاحتياطي الاسترالي على أسعار الفائدة كما هي، والإشارة إلى أن معركة كبح التضخم لم تنته بعد وأن الضغوط التضخمية قد تسارعت بالآونة الأخيرة وهو ما سيدفع البنك المركزي لاتخاذ إجراءات قوية بشأن التضخم المرتفع، وحال تحقق هذا السيناريو، فمن المرجح أن يرتفع الدولار الاسترالي بوضوح عقب صدور القرار.

السيناريو الثاني: تثبيت أسعار الفائدة الرئيسية في أستراليا عند 4.35%، مع الإشارة لتضرر الأوضاع الاقتصادي بالبلاد خلال الفترة الأخيرة، وما له من تأثيرات على تحركات السياسة النقدية وخصوصا التعجيل بخطوة خفض أسعار الفائدة تجنبا لإلحاق الضرر بالاقتصاد، وإذا تحقق هذا التصور، فربما يهبط الدولار الاسترالي بوتيرة قوية بتداولات سوق العملات اللاحقة لصدور قرار الفائدة.


large image
الندوات و الدورات القادمة
large image