هل يقدم المركزي الأوروبي مسارا أوضح لخفض الفائدة؟.. السيناريو المتوقع!
من المقرر أن يعقد البنك المركزي الأوروبي غدا؛ الخميس اجتماع لجنة السياسة النقدية، والذي عادة ما يقدم خلاله عادة، بجانب قرار الفائدة، بعض التلميحات حول مسار سعر الفائدة وفقا للبيانات والتوقعات الاقتصادية.
وتشير التكهنات على نطاق واسع إلى أنه من غير المتوقع حدوث أي تغييرات في أسعار الفائدة في اجتماع البنك المركزي الأوروبي، ومع ذلك، من المرجح أن تناقش رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد بيانات التضخم والموعد الأكثر احتمالا للبدء بخفض سعر الفائدة.
وفيما يلي نظرة على أهم البيانات الاقتصادية وتأثيرها المحتمل على قرار البنك المركزي الأوروبي، بجانب تصريحات بعض أعضاء البنك وتوقعات الاقتصاديين، وأخيرا السيناريوهات المتوقعة لنتيجة اجتماع السياسة النقدية غدا:
البيانات الاقتصادية وتأثيرها المحتمل على قرار المركزي الأوروبي:
حافظ التضخم في الاشهر القليلة الأخيرة على مساره الهبوطي، وأظهرت بيانات شهر مارس أن وتيرة تباطؤ التضخم قد تجاوزت توقعات الأسواق، حيث سجل معدل التضخم الرئيسي العام 2.4% في مارس على أساس سنوي، في حين تباطأ التضخم الأساسي إلى 2.9%، وتدعم هذه الأرقام بقوة احتمال قيام البنك المركزي الأوروبي بخفض سعر الفائدة في اجتماع يونيو، بعد أن صرحت محافظ البنك المركزي الأوروبي ، كريستين لاجارد، بأن هذا قد يكون أقرب موعد لبدء خفض أسعار الفائدة بمنطقة اليورو.
ومع ذلك، تظل هناك درجة عالية من عدم اليقين تحيط بالتحركات المقبلة للسياسات النقدية لدى البنك المركزي، في ظل عودة ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، حيث ارتفعت أسعار النفط الخام إلى أعلى مستوى لها منذ ستة أشهر مع نهاية الأسبوع الماضي وسط تزايد التوترات في الشرق الأوسط، وهو ما يهدد بخطر مواجهة التضخم العالمي موجة جديدة من معاودة الارتفاع، الأمر الذي قد يؤدي إلى تأجيل قرارات البنوك المركزية بشأن تخفيض أسعار الفائدة، ومن بينها البنك المركزي الأوروبي.
وكان البنك المركزي الأوروبي قد أبقى على سعر الفائدة الرئيسي على عمليات التمويل عند أعلى مستوى له على الإطلاق عند 4.5% لأربع اجتماعات متتالية منذ اجتماع أكتوبر من عام 2023، وعلى الرغم من تراجع التضخم، إلا أن معدلات نمو الأجور والزيادات في أسعار الخدمات لا يزالان من العلامات المثيرة للقلق بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي ، والتي تمنعه من اتخاذ قرار بخفض الفائدة قبل اجتماع يونيو على الأقل.
ومن ناحية أخرى، فقد أظهرت مؤشرات النشاط الاقتصادي ضعفا واضحا خلال الفترة الأخيرة، حيث أشارت بيانات مؤشر مديري المشتريات استمرار انكماش نشاط القطاع التصنيعي لمنطقة اليورو، مع تراجع الميزان التجاري وطلبيات المصانع لمستويات قياسية منخفضة، مما أثار مخاوف الكثيرين بشأن أداء اقتصاد المنطقة في ظل استمرار أسعار الفائدة المرتفعة بالضغط على الطلب.
تصريحات أعضاء البنك المركزي الأوروبي وقرار الفائدة:
في محضر اجتماع البنك المركزي الأوروبي لشهر مارس، أكد العديد من الأعضاء على أن هناك حاجة لرؤية المزيد من البيانات الاقتصادية والدلائل كي يتأكد المركزي الأوروبي من أن تباطؤ التضخم سوف يستمر حتى يصل إلى هدف 2%، ولكنهم أشاروا إلى أن مسار تباطؤ التضخم قد يواجه بعض الصعوبات خلال فصل الصيف بسبب أسعار الطاقة، وهو ما يدعم التوقعات بأن المركزي الأوروبي سيحافظ على سياسته النقدية دون تغيير باجتماع أبريل أيضا.
وكانت محافظ البنك المركزي الأوروبي قد أشارت بأكثر من خطاب أن المركزي الأوروبي سوف يحصل على المزيد من البيانات الاقتصادية التي من شأنها توجيهه بشكل صحيح بحلول اجتماع يونيو المقبل، موضحة أن البيانات حينها ستكون أكثر منها في اجتماع أبريل، وهو ما قد يساعد حينها البنك المركزي الأوروبي على اتخاذ قرار خفض الفائدة.
وفي آخر أحاديثه، ذكر محافظ بنك فرنسا وصانع السياسية بالبنك المركزي الأوروبي فرانسوا فيليروي أن المركزي الأوروبي قد يحتاج لخفض الفائدة في أقرب وقت ممكن لتجنب الضغط الزائد على الاقتصاد، مشيرا إلى أن البنك قد أحرز بالفعل تقدما كبيرا في معركته ضد التضخم حتى الآن.
وصرح العضو وصانع السياسة لدى البنك المركزي الأوروبي ومحافظ بنك إيطاليا، بانيتا، بأن الشروط الاقتصادية اللازمة لبدء تخفيف السياسة النقدية قد بدأت تتحقق، مشيرا إلى أن النمو في أسعار المستهلكين يتراجع بسرعة، وهو ما يعني اقتراب موعد خفض أسعار الفائدة.
توقعات بعض المؤسسات المالية والخبراء لتحركات المركزي الأوروبي:
يرى خبراء جولدمان ساكس أنه من المحتمل وأن يبقي المركزي الأوروبي أسعار الفائدة عند 4.00% حتى يتم البدء في خفض الأسعار باجتماع لجنة السياسة النقدية في شهر يونيو، وأضاف أنه يتوقع سلسلة من التخفيضات التي قد تدفع سعر الفائدة الأوروبي إلى 2.25%، بإجمالي خمسة تخفيضات بالعام الحالي، ومرتين آخرتين بعام 2025.
ولقد أظهر استطلاع أجرته وكالة بلومبرج البريطانية أن الاقتصاديين يتوقعون بدء البنك المركزي الأوروبي في خفض أسعار الفائدة باجتماع يونيو، وذلك بمعدل مرة واحدة كل ربع سنة، ليصل إلى 2.25% بحلول أواخر عام 2025، من المعدل الحالي البالغ 4%.
وأشارت بلومبيرج إلى أن الأسواق تقوم حاليا بتسعير تخفيضات المركزي الأوروبي بمقدار 90 نقطة أساس خلال هذا العام، مقارنة بـ 70 نقطة أساس من قبل الفيدرالي الأمريكي، وهو ما يتفق على نطاق واسع مع توقعات السوق بأن يكون التخفيض الأول لسعر الفائدة في يونيو، متوقعين رسالة واضحة من البنك المركزي الأوروبي في اجتماع أبريل.
ويرى بنك أوف أمريكا أنه من المتوقع عدم وجود تلميحات بشأن الموعد المحتمل والسرعة المحتملة للبدء بخفض الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي أو حيال المستوى النهائي الذي قد يصل إليه البنك في نهاية دورة التخفيضات.
السيناريو المتوقع لقرارات البنك المركزي الأوروبي:
من المتوقع على نطاق واسع أن يقوم البنك المركزي الأوروبي غدا بالإبقاء على أسعار الفائدة الرسمية دون تغيير عند مستوى 4.50%، وتتجه الأنظار حاليا بشكل أكبر إلى خطاب محافظ البنك، كريستين لاجارد، في المؤتمر الصحفي للسياسة النقدية، وهناك سيناريوهان اثنان لموقف لاجارد، وهما:
السيناريو الأول: وهو الأكثر ترجيحا؛ أن يبقي المركزي الأوروبي على سعر الفائدة دون تغيير، وكما هو الحال مع المؤتمر الصحفي الأخير للسياسة النقدية، فإنه من غير المتوقع حدوث الكثير من التغيير فيما يتعلق بلهجة البنك المركزي الأوروبي، حيث قد تؤكد لاجارد على أن المركزي الأوروبي على استعداد لإبداء رد الفعل الناسب وفقا للبيانات، وأن صناع السياسة سيستمرون في اتباع نهج يعتمد على البيانات في قرارات السياسة النقدية، وقد يكون لهذا السيناريو تأثيرا إيجابيا على تحركات اليورو في سوق الفوركس.
السيناريو الثاني: وهو الأقل ترجيحا؛ أن يبقي المركزي الأروبي على أسعار الفائدة الحالية دون تغيير، وأن تشير لاجارد بشكل واضح في المؤتمر الصحفي أن البنك قد يقوم بخفض الفائدة باجتماع شهر يونيو، وسيكون لهذا السيناريو على الأغلب تأثيرا سلبيا على تحركات اليورو.