هل يضع المركزي الأوروبي حدا لخسائر الاقتصاد ويخفض الفائدة؟.. السيناريو المتوقع
يترقب المستثمرون حاليا صدور قرار الفائدة للبنك المركزي الأوروبي يوم الخميس، وسط تزايد ضغوطات أسعار الفائدة المرتفعة على اقتصاد منطقة اليورو من ناحية، وسعي البنك لخفض التضخم الذي لا يزال أعلى هدف 2% من ناحية أخرى.
وفضلا عن بيان السياسة النقدية، تترقب الأسواق أيضا تقرير التوقعات الاقتصادية الجديد للبنك المركزي الأوروبي، والذي قد يعطي بعض الإشارات حول التحركات المستقبلية المحتملة للبنك المركزي الأوروبي.
وفيما يلي أهم نظرة على أهم التطورات في المشهد الاقتصادي لمنطقة اليورو، والذي قد يؤثر بشكل كبير على قرار البنك المركزي الأوروبي غدا:
الأوضاع الاقتصادية وتأثريها المحتمل على قرار البنك المركزي الأوروبي:
أظهرت البيانات الأولية لشهر فبراير أن مؤشر تضخم أسعار المستهلكين العام لمنطقة اليورو قد تباطأ ليسجل 2.6% على أساس سنوي، من 2.8% التي سجلها بالشهر السابق، كما تباطأ مؤشر التضخم الأساسي للمنطقة إلى 3.1% من 3.3%، ومع ذلك فقد كان التباطؤ أقل من المتوقع، مما يعكس مقاومة واضحة للأسعار نحو الهبوط إلى هدف 2%.
ويأتي هذا في الوقت الذي لا تزال فيه معدلات نمو الأجور في منطقة اليورو تسجل قراءات تفوق نسب التضخم التي يسجلها الاقتصاد، الأمر الذي يعزز مستويات الطلب ويزيد من الضغوطات الصعودية على التضخم في الوقت الذي يعرب فيه العديد من الاقتصاديين عن قلقهم إزاء التأثيرات المحتملة لأزمة التجارة في البحر المتوسط على التضخم، حيث أشار البعض إلى أنها قد تتسبب بجولة جديدة من ارتفاع التضخم.
ومن ناحية أخرى، تزايدت مخاوف الركود الاقتصادي للمنطقة وسط الضغوط الشديدة التي تضعها أسعار الفائدة المرتفعة على مستويات النشاط الاقتصادي والطلب، والتي تسببت بدخول الاقتصاد الألماني (أكبر اقتصادات منطقة اليورو) في الركود بعد تسجيله ربعين متتاليين من الانكماش، وهو ما يجعل الحاجة لتخفيض قريب في أسعار الفائدة من قبل المركزي الأوروبي ملحة.
وكانت البيانات الصادرة الشهر الماضي قد أظهرت أن اقتصاد منطقة اليورو قد سجل نسبة نمو ضئيلة للغاية بلغت 0.5% خلال عام 2023 بأكمله، في حين أظهر آخر مسوح البنك المركزي الأوروبي أن توقعات المستهلكين للتضخم قد ارتفعت لهذا العام والعام المقبل وسط سيطرة حالة من عدم اليقين بشأن الاقتصاد على المعنويات.
تصريحات مسؤولي البنك المركزي الأوروبي:
في آخر خطاباتها، صرحت محافظ البنك المركزي الأوروبي ، كريستين لاجارد، أن هناك علامات متزايدة على وصول النمو إلى أدنى مستوياته، ولكنها أشارت إلى أن بعض التوقعات الأخيرة تشير إلى انتعاش بوقت لاحق من هذا العام.
وأضافت أنه من المتوقع أن يستمر المركزي الأوروبي في عملية خفض التضخم بالوقت الحالي، ولكنها أشارت إلى أن المركزي الأوروبي لا بد أن يكون واثقا من أن هذه العملية ستقود بشكل مستدام إلى هدف التضخم البالغ 2%.
وفي نفس الوقت، أفاد عضو المركزي الأوروبي يانيس ستورناراس بأنه يعتقد أن المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة في يونيو المقبل، مضيفا أنه لا يرى أي فرص لخفض الفائدة في اجتماع مارس.
هذا كما حذر عضو البنك المركزي الأوروبي ، يواكيم ناجل، من أن البنك المركزي الأوروبي سيكون قد ارتكب خطئا فادحا إذا قرر خفض أسعار الفائدة بشكل مبكر للغاية وسمح للتضخم بالعودة إلى الارتفاع مجددا.
توقعات بعض المؤسسات المالية الكبرى لتحركات المركزي الأوروبي:
في مذكرة نشرها بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس، قام محللو المصرف بتغيير توقعاتهم لموعد بدء خفض الفائدة المحتمل من قبل المركزي الأوروبي حيث أصبح يتوقع الآن أول خفض لأسعار الفائدة الأوروبي في يونيو، بعدما كانت تشير توقعاته السابقة لخفضها باجتماع السياسة النقدية لشهر أبريل. وأضاف اقتصاديو جولدمان ساكس أنهم قد أصبجوا يتوقعون الآن 5 تخفيضات للفائدة للمركزي الأوروبي هذا العام، وذلك بمقدار 25 نقطة أساس في كل اجتماع.
ويأتي هذا في الوقت الذي يرى الاقتصاديون لدى المجموعة المالية الفرنسية ناتيكسيس أن السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي لم تكن متشددة بالدرجة التي تؤدي لارتفاع معدل البطالة وإضعاف الطلب على السلع والخدمات بشكل قوي.
السيناريو المتوقع لقرار المركزي الأوروبي:
تشير الأوضاع الاقتصادية الحالية وميول أغلب مسؤولي المركزي الأوروبي وتوقعات المؤسسات المالية أن المركزي الأوربي لا يزال أمامه بعض المساحة لتغطيتها قبل أن يعلن نصره على التضخم، ولهذا فإن السيناريوهات المتوقعة لقرار البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس هي:
السيناريو الأول: أن يترك أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الرابعة على التوالي، ويشير تسعير الأسواق بشكل كامل إلى أن هذه قد تكون هي الحالة الأساسية، وفي حال نشر البنك المركزي الأوروبي توقعات أعلى لكل من النمو والتضخم، فإن ذلك قد يعني الحاجة لاستمرار أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول، مما يقلل من فرص خفض سعر الفائدة في أبريل، وهو ما قد يقدم بعض الدعم لتحركات اليورو بسوق الفوركس.
السيناريو الثاني: قيام المركزي الأوروبي بالإبقاء على أسعار الفائدة مع تأكيد بيان السياسة النقدية أو لاجارد على أن البنك سيستمر بالاعتماد على البيانات في قرارات الفائدة والتلميح إلى المواعيد المحتملة لبدء تيسير السياسية النقدية، وفي حال جاءت توقعات النمو والتضخم متشائمة فإن هذا قد يكون له تأثيرا سلبيا على أداء اليورو.