هل يبدأ بنك إنجلترا التمهيد لعملية خفض الفائدة؟ .. السيناريو المتوقع!
تترقب الأسواق صدور قرار الفائدة لبنك إنجلترا غدا؛ الخميس، بعدما أبقى البنك على الفائدة دون تغيير باجتماعاته الثلاثة السابقة قرب أعلى مستوياتها منذ مارس 2008 عند 5.25%، كما سيصدر البنك أيضا تقييمه الفصلي لحالة الاقتصاد وتوقعاته للتضخم، وفيما يلي نظرة على الأوضاع الاقتصادية وتأثيرها على قرار بنك إنجلترا بشأن الفائدة غدا:
البيانات الاقتصادية وقرارا بنك إنجلترا:
انخفض معدل التضخم لمؤشر أسعار المستهلكين البريطاني بشكل حاد منذ أن بلغ ذروته عند 11.1% منذ أكثر من عام، وسجل معدل التضخم العام أدنى مستوياته منذ سبتمبر 2021، حيث وصل إلى 3.9% في ديسمبر، ولكنه لا يزال رغم ذلك أعلى بفارق واضح من هدف بنك إنجلترا البالغ 2%، وهو ما قد يدفع لجنة السياسة النقدية للإبقاء على أسعار الفائدة باجتماع الخميس على الأغلب.
وتزامنا مع ذلك، تباطأ نمو الأجور البريطانية مؤخرا، حيث سجل معدل نمو الأجور بالثلاثة أشهر المنتهية في نوفمبر 6.5%، وهو أقل مما كانت تشير إليه التوقعات التي أشارت لنمو الأجور بحوالي 6.8% خلال تعلك الفترة، وكان هذا التباطؤ الرابع على التوالي في بيانات الأجور، مما يعكس بعض الانخفاض في أبرز البنود التي تعزز صعود التضخم في بريطانيا.
ولكن بيانات نمو الناتج المحلي الإجمالي الأخيرة لشهر نوفمبر كانت قد أظهرت نمو الاقتصاد بأعلى من المتوقع، كما أظهرت بيانات مؤشرات مديري المشتريات لشهر يناير تعافيا واضحا في نشاط القطاعين التصنيعي والخدمي بالمملكة المتحدة، وهو ما يظهر استمرار بعض ضغوط الأسعار، وخاصة القطاع الخدمي الذي يعد من أهم مغذيات التضخم المرتفع في بريطانيا، الأمر الذي قد يستدعي استمرار أسعار الفائدة عند المستويات التقييدية الحالية لفترة من الوقت.
تصريحات أعضاء بنك إنجلترا بالفترة السابقة:
في تقرير السياسة النقدية لشهر نوفمبر، قالت لجنة السياسة النقدية إنها تتوقع بأن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي مستقرا على نطاق واسع خلال الربع الرابع من عام 2023، وخلال الأرباع القادمة، وأضافت أنه من المرجح أن يعود التضخم في مؤشر أسعار المستهلكين إلى هدف 2% بحلول عام 2025.
وأكدت نائب محافظ بنك إنجلترا للشئون المالية سارا بريدين على أنه من الضروري وأن تكون السياسة النقدية لبنك إنجلترا تشديدية لفترة طويلة، نظرا لكون التضخم لا يزال مرتفعا عن هدف بنك إنجلترا البالغ 2%، وذلك على الرغم من تراجعه خلال الفترة الماضية، ولكنها مع ذلك حذرت من تأخر رد فعل السياسة النقدية تجاه الصدمات الاقتصادية.
وخلال المؤتمر الصحفي للسياسة النقدية السابق، كان محافظ بنك إنجلترا، أندرو بايلي، قد صرح بأن بنك إنجلترا أكثر حذرا مما تتوقعه الأسواق، وأشار إلى أنه ليس من الواضح بعد تأثير قرار زيادة الحد الأدنى للأجور في بريطانيا على التضخم، مشيرا إلى أن البنك سينتظر ليرى هذا التأثير، ولكنه أضاف أيضا بأن بيانات التضخم الأخيرة مشجعة للغاية وتظهر اتجاها واضحا نحو الهبوط ، ولكن هذا لا يعني أن بنك إنجلترا قد وصل بالضرورة إلى ذروة أسعار الفائدة.
توقعات المؤسسات المالية لقرار بنك إنجلترا:
يرى جولدمان ساكس بأن بنك إنجلترا قد يراجع توقعاته للتضخم على المدى القريب بسبب بيانات الاستهلاك الضعيفة وانخفاض أسعار الطاقة، وهو ما قد يدفع مؤشر أسعار المستهلكين إلى الوصول لهدف 2% بحلول نهاية هذا العام، مما قد يسمح بخفض أسعار الفائدة بحلول الربيع، مضيفا بأنه ما زال يتوقع أول خفض بمقدار 25 نقطة أساس في مايو، يليه تخفيضات بمقدار 25 نقطة أساس في كل اجتماع حتى يصل سعر الفائدة إلى 3% في مايو 2025، ولكنه أشار أيضا أنه لا يمكن استبعاد إجراء أول تخفيض في مارس، خاصة إذا اقترنت عملية تباطؤ التضخم بمزيد من التدهور في النمو.
ولكن دويتشه بنك يرى أن البيانات الأخيرة الأضعف من المتوقع قد تسببت في ضعف عوائد سندات الخزانة البريطانية، وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى معدل تمو اقتصادي أعلى من المتوقع، الأمر الذي قد يدفع بنك إنجلترا للإبقاء على الفائدة المرتفعة لفترة أطول من أجل تقويض الاقتصاد، وبالتالي خفض معدلات الطلب وبالتالي تباطؤ التضخم نحو الهدف.
ويتفق مع جولدمان ساكس أيضا في توقعاتهم خبراء بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي، حيث أشار خبراء المصرف إلى أن حجم الانخفاض في كل من نمو الأجور والتضخم بالمملكة المتحدة قد عزز وجهة النظر بشأن بدء بنك إنجلترا اول تخفيض لأسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية بشهر مايو.
ومن جانبه، رأى كبير الاقتصاديين والاستراتيجيين في عملاقة إدارة الأصول والمخاطر الأمريكية فانجارد، بأن أندرو بيلي وباقي أعضاء بنك إنجلترا من المرجح أن يضعوا الأساس ويمهدوا لبدء خفض أسعار الفائدة في هذا الاجتماع، مضيفا أنه لا يتوقع أي تغيير في السياسة النقدية للمملكة المتحدة باجتماع بنك إنجلترا يوم الخميس.
السيناريوهات المتوقعة لقرار بنك إنجلترا:
السيناريو الأول؛ أن يبقى بنك إنجلترا على الفائدة عند 5.25%، للاجتماع الرابع على التوالي، وأن يتحدث أندرو بايلي في مؤتمر السياسة النقدية عن التباطؤ الكبير الذي شهدته بيانات التضخم الأخيرة، وأن ذلك قد يقرب موعد بدء خفض الفائدة، وسيكون لهذا السيناريو تأثيرا سلبيا على الجنيه الاسترليني، خاصة في حال لم يتناول تقرير التوقعات الجديد رفعا لتوقعات التضخم والنمو، وكان عدد أعضاء اللجنة المصوتين لخفض الفائدة أكثر من المتوقع.
السيناريو الثاني؛ أن يبقي بنك إنجلترا على سياسته النقدية دون تغيير خلال هذا الاجتماع، وأن يؤكد أندرو بايلي على أن البنك لا يزال يتعامل بحذر مع البيانات الاقتصادية، وألا يتحدث عن الموعد المحتمل لخفض أسعار الفائدة، وسيكون لهذا السيناريو على الأرجح تأثيرا إيجابيا ضعيف على تحركات الجنيه الاسترليني.