هبوط الأسهم الأمريكية .. تراجع أم تصحيح؟

اختتمت الأسهم الأمريكية تداولات شهر نوفمبر متباينة، فقد هبط مؤشر داو جونز Dow Jones حوالي 3.7% وانخفض مؤشر ستاندرد آند بوز S&P 500 بنسبة 0.8%، بينما ارتفع مؤشر ناسداك المركب Nasdaq Composite بنسبة 0.25%. ومع ذلك، فإن مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية لا تزال مرتفعة بقوة لهذا العام. حيث يُعد مؤشر داو جونز Dow Jones مرتفعًا بنسبة 11.1% منذ بداية 2021 ومؤشر ستاندرد آند بوز S&P 500 صاعدًا بنسبة 20.2% تقريبًا في عام 2021، إلى جانب ارتفاع مؤشر ناسداك المركب Nasdaq Composite بنحو 18.4% هذا العام.

وبينما تسيطر على مستثمري الأسهم حالة من الخوف والذعر جراء الهبوط خلال الفترة الحالية، يتوجب توضيح أن الأسهم بشكل عام لديها ثلاث أنواع من الهبوط، كل واحدة تزداد سوءًا عن سابقتها: تراجع Pullback، تصحيح Correction وانهيار Crash. بخلاف درجة الضرر التي تسببها كل منهم، تتميز كل منهم بخصائص مختلفة.

• التراجعات Pullbacks

التراجع يمثل انخفاض بنسبة 5% إلى 10% من قمة قد وصلت إليها أسعار السوق، وتُعد حركة قصيرة الأجل قد تستمر شهرًا في المتوسط ​​وتستغرق شهرًا آخر لتعويض الخسائر. غالبًا ما تنتج عمليات التراجع عن الأحداث الإخبارية التي يتضح أنها ذات أهمية ضغيقة. فعلى سبيل المثال، قد انخفض مؤشر ستاندرد آند بوز S&P 500 بنسبة 5.2% خلال شهر سبتمبر وسط حالة من جدل بالكونجرس الأمريكي حول التصويت على سقف الدين بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو خلاف تم حله في الوقت الحالي. لذا، تُعد مثل هذه التراجعات شائعة إلى حد ما، حيث حدث 84 منها منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن بمتوسط ​​تراجع 7%.

• التصحيحات Corrections 

التصحيحات عبارة عن هبوط يتراوح بين 10% و 20% جراء أحداث عنيفة ومفاجئة ينتج عنها عمليات بيع سريعة يقوم من خلالها المستثمرين بتصفية مراكزهم. وهذه التصحيحات بالأسواق قد تستمر أربعة أشهر، مع الانتظار لفترة مثلها للعودة إلى حالة الأسواق الطبيعية حيثما وُجدت الأسعار قبل عملية التصحيح. ففي أواخر عام 2018، شهدت الأسواق تصحيحًا تمثل في هبوط المؤشر الرئيسي بنسبة 19% بالتزامن مع اشتداد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وارتفاع أسعار الفائدة. وتجدر الإشارة إلى أن الأسواق قد شهدت حركات التصحيح 29 مرة منذ الحرب العالمية الثانية مع انخفاض السوق بمعدل 14%.

• الانهيارات Crashes

يتمثل انهيار الأسواق في هبوط تزيد نسبته عن 20% ويعد بمثابة بداية ركود قد يصيب الأسواق مثلما شهدنا إفلاس بنك ليمان براذرز Lehman Brothers في وول ستريت عام 2008. ويمكن أن تستمر الانهيارات بالأسواق من 11 إلى 23 شهرًا وتستغرق ما يصل إلى خمس سنوات كحد أقصى لتنتهي. وقد شهدنا مثل هذه التحركات خلال أسوأ انهيار للسوق في عام 1929، حين انخفض مؤشر داو جونز Dow Jones بنسبة 70% إلى أدنى مستوى له في يوليو 1932. وكان الضرر سيئًا لدرجة أن مؤشر داو جونز Dow Jones استغرق 25 عامًا - حتى عام 1954 - لينهي هبوطه عام 1929.

• وبهذا تتضح لنا الصورة كاملة حتى يمكن الجزم بأن ما تشهده الأسواق حاليًا من هبوط ما هو إلا تراجع "Pullback" وهو ما يُعد صحيًا لاكتساب القوة والقدرة على مواصلة الصعود من جديد مما يتيح العديد من الفرص الشرائية.

وهذا إلى جانب تأكيد مؤشر الناسداك NDX لنموذج الرأس والكتفين مما يشير إلى المزيد من الهبوط، وبالرغم من ذلك من المرجح أن يمثل الهبوط حوالي 8% فقط بما يتوافق مع هدف النموذج السلبي. وفي حال استمر الهبوط طويلًا - ما هو غير مرجح - قد يدخل المؤشر في مرحلة التصحيح "Correction".

وقد تمت الإشارة الأسبوع الماضي إلى مثل هذا التراجع في مقالي: ظاهرة تُنذر باحتمالية تصحيح سوق الأسهم الأمريكية!