هل يخفض المركزي الأوروبي الفائدة ليخفف الضغوط على الاقتصاد؟.. السيناريو المتوقع
من المقرر أن يتخذ البنك المركزي الأوروبي قراره بشأن أسعار الفائدة بآخر اجتماعات هذا العام يوم الخميس، حيث من المرجح أن يخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3%، حيث سيمثل هذا الخفض الثالث على التوالي في تكاليف الاقتراض، بعد التخفيضات السابقة من 4% إلى 3.25% في عام 2024.
وفي حين أن سيناريو خفض أسعار الفائدة يعد متوقعاً على نطاق واسع، إلا أن توجيهات البنك المركزي الأوروبي بشأن السياسة المستقبلية ستكون أمراً هاماً تترقبه الأسواق، خاصة وأن منطقة اليورو تواجه تحديات اقتصادية أهمها النمو البطيء.
توقعات التضخم والنمو الاقتصادي
من المتوقع أن يكون تقرير التوقعات الاقتصادية ربع السنوي المقرر صدوره عن البنك المركزي الأوروبي هذا الاجتماع جزءاً هاماً من الاجتماع، ففي حين تباطأ التضخم في منطقة اليورو بشكل كبير حتى الآن، إلا أنه لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن مسار أسعار الفائدة والتباطؤ الإضافي في معدلات التضخم.
ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يخفض البنك المركزي الأوروبي توقعاته للتضخم لعام 2025، مما قد يؤدي إلى مراجعة توقعاته من 2.2% في سبتمبر إلى حوالي 2%، ويعكس هذا التعديل انخفاض خطر تسارع التضخم أو استمراره بتسجيل معدلات مرتقعة، وهو ما قد يدفع البنك المركزي الأوروبي إلى الاستمرار بخفض أسعار الفائدة تدريجياً حتى يصل للمعدل المحايد.
وفي حين يظل التضخم من أولويات البنك المركزي الأوروبي، إلا أن التوقعات الضعيفة للنمو الاقتصادي في منطقة اليورو أصبحت تفرض نفسها بشكل متزايد على طاولة المناقشات بين صناع السياسة النقدية لدى البنك، حيث سجل اقتصاد المنطقة نمواً بنسبة 0.4% فقط في الربع الثالث من عام 2024، وهي أسرع وتيرة له في عامين، لكن هذا لا يزال أقل من توقعات النمو البنك المركزي الأوروبي.
ومع استمرار ضعف النمو في الناتج المحلي الإجمالي، والانكماش الاقتصادي الذي تشهده ألمانيا - أكبر اقتصادات المنطقة - فمن المرجح أن يكون هناك ما يبرر المزيد من تخفيضات أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي لتحفيز الطلب ودعم الاستثمار.
توقعات استمرار اتجاه التيسير النقدي في عام 2025
يتوقع خبراء الاقتصاد والمحللون أن يحافظ البنك المركزي الأوروبي على دورة خفض أسعار الفائدة حتى عام 2025، وكانت توقعات البنوك الكبرى لتحركات البنك المركزي الأوروبي هي:
قام بنك أوف أميركا بمراجعة توقعاته، حيث يتوقع الآن أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة في كل اجتماع حتى سبتمبر 2025، مع وصول سعر الفائدة إلى 1.5% بحلول نهاية العام المقبل، ويرى محللو بنك أوف أميركا أن اقتصاد منطقة اليورو سيستمر في النمو دون الاتجاه، مما يجعل من الصعب على البنك المركزي الأوروبي إيقاف تخفيضات الفائدة حتى ينخفض سعر الفائدة تدريجياً إلى ما دون المستوى المحايد البالغ 2%، ويتوقعون أن يستقر سعر الفائدة المحايد عند حوالي 1.5%.
ويشارك بنك دانسكه توقعات مماثلة، حيث يتوقع سلسلة من التخفيضات بمقدار 25 نقطة أساس على مدى العامين المقبلين، مما يؤدي في النهاية إلى دفع سعر الفائدة لدى البنك المركزي الأوروبي إلى 1.5%، حيث سيساعد هذا في تحفيز الطلب من خلال جعل الاقتراض أرخص للأسر والشركات، وخاصة في القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على الائتمان، مثل العقارات والشركات الصغيرة.
كما يتوقع جولدمان ساكس تخفيضات ثابتة لأسعار الفائدة، حيث يرى أن سعر الفائدة قد يصل إلى 1.75% بحلول منتصف عام 2025، وهو أعلى قليلاً من التوقعات الأخرى، وفي المؤتمر الصحفي لاجتماع ديسمبر، يتوقع جولدمان ساكس أن تشير محافظ البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد إلى المزيد من التخفيضات، بدءاً من يناير 2025، حيث تستدعي الظروف الاقتصادية استمرار التيسير.
تأثير قرار المركزي الأوروبي على تحركات اليورو والأسواق المالية
من المتوقع أن يؤدي استمرار موقف البنك المركزي الأوروبي الأكثر تيسيراً بشأن أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة ضغوطاً هبوطية على اليورو، حيث يتوقع المحللون أن يستأنف اليورو اتجاهه الهبوطي، خاصة وأن سياسات البنك المركزي الأوروبي تختلف عن سياسات البنوك المركزية الكبرى الأخرى في الاتجاه، وعلى الأخص بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
ولكن من ناحية أخرى، يتوقع بنك أوف أميركا مخاطراً هبوطية متواضعة على اليورو نتيجة لموقف البنك المركزي الأوروبي الأكثر تيسيراً، مشيراً إلى أن ضعف اليورو من شأنه أن يجعل الصادرات الأوروبية أكثر قدرة على المنافسة العالمية، مما يعود بالنفع على قطاع الصناعات الرئيسي في القارة، خاصة قطاعات تصنيع السيارات والآلات والمواد الكيميائية.
ومع ذلك، فإن ضعف اليورو المحتمل لا يزال يشكل مخاطراً على التضخم والنمو، حيث قد يؤدي أيضاً إلى رفع تكلفة الواردات، وخاصة أسعار الطاقة والمواد الخام، وهو ما قد يعوض فوائد ارتفاع الصادرات للشركات التي تعتمد على المدخلات المستوردة.
من جانبه، يتوقع كريس تورنر من مجموعة ING المالية أيضاً أن يستمر اليورو في اتجاهه الهبوطي، خاصة إذا تفاقمت العوامل الاقتصادية الكلية والتوترات الجيوسياسية، ويشير المحلل إلى أن شهري يناير وفبراير هما عادةً أشهر أضعف بالنسبة لأداء اليورو، وأن موقف البنك المركزي الأوروبي الأكثر تساهلاً بشأن السياسة النقدية قد يؤدي إلى تفاقم هذا الاتجاه.
السيناريوهات المتوقعة لقرار البنك المركزي الأوروبي
السيناريو الأول: هو أن يقوم البنك بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وأن تلمح محافظ البنك كريستين لاجارد إلى المزيد من التخفيضات المتتابعة بأسعار النقدية لتخفيف الضغوط الاقتصادية، خاصة مع اقتراب التضخم من بلوغ هدف التضخم 2%؛ وسيكون لهذا السيناريو على الأرجح تأثيراً سلبياً على اليورو.
السيناريو الثاني: وهو الأقل احتمالاً، أن يقدم البنك تخفيضاً أكبر بمقدار 50 نقطة أساس لتوفير بعض الدعم للنشاط الاقتصادي، مع التلميح إلى احتمال إبقاء أسعار الفائدة مستقرة ببداية العام المقبل، ومن المتوقع أن يكون لهذا السيناريو تأثيراً سلبياً أيضاً، ولكن أقل حدة على اليورو.